تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عندما يرقص الذكر

فضائيات
الأحد 4/3/2007
لميس علي

ذكر أحد الإعلاميين العرب البارزين في معرض حديثه عن الفوضى والفلتان الاعلامي الذي يحياه العالم العربي,

ذكر أن الغرب عندما يوجد مئات من محطاته التي لا غاية ترتجى منها إلا الترفيه والتسلية فإنه بذلك-أي الغرب- إنما يستريح استراحة المحارب ويحق له-على حد تعبير ذاك الاعلامي- لأن الغربي حقق الكثير سواء على صعيد نيله حريته التي قدم لها الكثير من التضحيات والدماء, أم على صعيد التقدم التقني الذي مكنه من اكتساح العالم كاملا. أما نحن العرب الأبرياء من كل انجاز فكري وعلمي حديث مؤثر, فما مبرر وجود أكثر من 260 محطة إعلامية معظمها مكرّس لإعلام التمييع والتسطيح..فهل نبغي الاستراحة من معركة لم نخضها أم من حرب نتوهم أننا ربحناها ولم توجد في الأصل?‏

ليغدو حالنا هو التقليد الأعمى لكل ما هو غربي, تقليد للقشور ساع لتهميش الفكر والجوهر وهكذا تصبح لدينا صيحات جنوننا الخاصة و(تقليعاتنا) التي لا تقل فظاعة عما هو موجود في الغرب.‏

ولكن وعلى الرغم من ذلك وفي ظل هذا التسيب الاعلامي نلحظ وجود بعض البرامج وربما محطات تعنى بإلقاء الضوء على الكثير من الظواهر السلبية الغريبة عن مجتمعاتنا العربية والآخذة بالانتشار فيها كخطوة أولى في سبيل الوصول الى حلول ناجحة لتلك الظواهر.‏

من هذه البرامج برنامج (عندما يفتح الملف) تقديم وإعداد الإعلامي جو معلوف الذي يبث على محطة الجرس, والملف الأخير الذي فتح في البرنامج هو ملف (عندما يرقص الذكر) والرقص المقصود هو الرقص الشرقي حصرا.‏

فهل تتخيلون أن يقوم الذكر (بهز خصره) كما النساء وأن يعتاش من هذا (الهز).‏

قدم جو معلوف نموذجا لهؤلاء الراقصين, الراقص الملقب ب(تيدي) وعرض لقاء مطولا معه تخلله بث فقرة راقصة له أو كما يسميها تيدي نفسه (لوحة فنية). كما استقبل جو اتصالات المشاهدين ليجيبوا عن أسئلته التي انحصرت في سؤالين: هل أنت مع أم ضد رقص الذكر, ومن يرقص أجمل (تيدي) أم غيره من الراقصات? لتأتي غالبية الاجابات رافضة لوجود مثل هذه الظاهرة.‏

إلا أن الغريب بل والمستهجن هو تلك الثقة التي تحدث بها (تيدي) والأسباب التي يتخذها ذريعة لنفسه في ممارسة هكذا هواية أو مهنة فهو حر-كما يقول- ولا يؤذي أحدا, من يرغب فليشاهد ومن لا يرغب يمكنه ألا يشاهده لأنه لا يجبر الناس على متابعته.‏

وفي إجابته عن سؤال جو: لمن ترقص?‏

ذكر أنه يرقص للناس الراقين الذين يقدرون الفن القادرين على الفصل بين الدين والفن وبين ما هو شخصي وما هو فني. وهنا يبدو الخلط لديه في المفاهيم بأقصى درجاته.‏

وردا على سؤال: ألا ترى أن ما تقدمه هو الشذوذ بعينه?‏

أجاب: الشذوذ يقاس بالنسبة, ونسبة العرب هي الأقل في العالم أجمع ولذلك فرفض العرب له ولأمثاله هو الشذوذ لأنهم أي العرب النسبة الأقل بينما بقية أنحاء العالم تتقبله وأكبر دليل على ذلك هو تلقيه عروضا من الغرب ليشاهدوا رقصه الشرقي.‏

ما يثير الغيظ والقرف من هذا الراقص ليس آراءه فحسب بل الهيئة التي ظهر بها حيث يرتدي الاكسسوارات ويضع الماكياج ويستخدم أزياء أقرب الى الأزياء النسائية أثناء الرقص لتكون لوحته الفنية كلا كاملا على حد زعمه, منبهاً الى ضرورة أن تكون ثيابه مظهرة لحركاته الراقصة وقادرة على اخفاء ما يوحي برجولته..لأن ذلك يتنافى مع النعومة والدلع والليونة التي يوحي بها الرقص الشرقي وهو يؤكد أنه مفيد لمن يهوى مشاهدته ولمن لا يطيق رؤياه على السواء لأنه في الحالة الثانية يكون بمثابة وسيلة تؤكد للرجل رجولته عندما يشمئز هذا الأخير منه, ويضيف تيدي أنه لربما كان درسا جيدا ومفيدا للأهل ليعوا جيدا مهمة تربية أبنائهم تربية جيدة بإبعادهم عن أمثال هذا (التيدي).‏

ألا يؤكد كل ما تقدم أن تيدي وأمثاله هم أناس فصاميون يعانون من ازدواجية مريعة ولا سيما ذكره لظهوره خارج أوقات الرقص بمظهر آخر مختلف تماما قد لا يمكن أحدا من التعرف إليه.‏

إذا هناك حالات فصامية قد تتعدى حدود المرض لما هو أكثر خطراً و شذوذاً إذ سعى وبكثير من الحذر والحيادية الى تأكيدها (جو معلوف) في ذوات أولئك الراقصين مشيرا الى أن الملف ما زال يشتمل على الكثير وعلى أنه يستضيف في حلقاته القادمة اختصاصيين وأطباء نفسيين قادرين على تعيين مكمن الخطأ لدى أولئك الذكور, ولينبه أكثر من مرة (معلوف) على أنهم ذكور فقط بتجريدهم من صفات الرجولة, فالرجال لا يشبهون بالنساء ولا يستخدمون الخصر وسيلة للعيش والشهرة, ولربما اشتملت نهاية الملف على حلول مناسبة لهكذا ظواهر شائكة كأن تتدخل مؤسسات الدولة المختصة بوضع حد لهؤلاء غير المدركين لحقيقة الحرية التي يتبجحون بها.. متناسين أن الحرية لا تعني بأحد وجوهها إلا المسؤولية تجاه الآخر..‏

فأين هم من ذلك?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية