|
نيويورك تايمز وقد شهدت الأيام الماضية اعترافاً رسمياً بهذه الحقيقة، وعندما يكتب تاريخ اميركا بعد حروب الحادي عشر من أيلول، فسوف يلجأ المؤرخون إلى تقييم الإدارتين جنباً إلى جنب ، وتسمية حكمهما : حقبة بوش أوباما. ولعل عملية قتل أسامة بن لادن و تمثل تطبيقاً عملياً لقول بوش المأثور نريده: حياً او ميتاً وتقدم دليلاً ملموساً على هذه الاستمرارية في حكم الرجلين. لكن الدليل الأكثر أهمية على هذا التوحد بين السياسة الخارجية لكل من بوش واوباما يوجد في اماكن أخرى، ويتمثل على سبيل المثال في تطورات الحملة المستمرة التي يقوم بها حلف الناتو في ليبيا، والتي ما زالت تدعي أنها تقتصر على الأهداف الانسانية وأنها تلتزم قرار الأمم المتحدة. أما الحدث الثاني، فيتعلق بقصف مناطق القبائل الباكستانية بالطائرات، ما أدى الى مقتل مجموعة من المسلحين في الوقت الذي كان فيه اهتمام العالم منصباً على الساعات الأخيرة في حياة بن لادن. والحدث الثالث تمثل في إطلاق صاروخ أميركي ، أخطأ هدفه، وهو قتل أنور العولقي رجل الدين المولود في أميركا الذي يقال إنه المسؤول الاساسي عن تجنيد مقاتلين لفرع تنظيم القاعدة في اليمن. يمكن بسهولة ان نتخيل ان هذه الأحداث قد تمت في عهد جورج بوش وليس باراك اوباما. ولنلاحظ أننا نشهد حماسة لتغيير النظام في ليبيا حتى دون طلب موافقة شكلية من الكونغرس. كما نقوم بحملة قصف جوي تجري بنظام التحكم عن بعد من المؤكد ان تؤدي الى وقوع خسائر بين المدنيين، في بلد لسنا في حالة حرب معلنة معها. ونتبنى سياسة الاغتيالات التي تستهدف مواطناً أميركياً لم يتهم أو يحاكم بواسطة محكمة أميركية. تخيل الغضب والاحتجاج والمقالات المعترضة حول استبداد اليمين وهيمنة المحافظين الجدد. تخيل كل ذلك، ثم انظر إلى الحقيقة وبالنسبة لمعظم الديمقراطيين، ماكان يعتبر بمناسبة زحف للفاشية تحت حكم إدارة بوش ، بات أحد أشكال النزعة السلمية في ظل إدارة أوباما. وهذه أخبار جيدة بالنسبة لبلد يعيش مثل هذا التحول .فقد أدى الحضور الديمقراطي في البيت الأبيض إلى إجبار الديمقراطيين على السير على خطا إدارة بوش، وتقدير المعضلات التي واجهتها، والقرارات التي اتخذتها تلك الإدارة. ويتمثل هذا التشابه بين حكمي بوش وأوباما إشارة على «نضج» الحزب الديمقراطي وتخليه عن أوهام كان يرددها خلال فترة مابعد 11 أيلول. وفي هذا السياق أيضاً يندرج قيام أوباما بإبطاء وتيرة الانسحاب الأميركي من العراق، وتغاضي القاعدة الحزبية الديمقراطية عن ذلك، إضافة إلى أن البيت الأبيض لم يحل جميع سجناء غوانتنامو إلى محكمة مدنية أو يعيدهم إلى بلادهم دون محاكمة. واليوم بعد أن أدرك الديمقراطيون أنه يجب عليهم تبني المنظور الامبراطوري للرئاسة ، مازالت الولايات المتحدة تفتقر إلى الرقابة المؤسسة على النزوع نحو الغطرسة والتجاوز من جانب الأجهزة التنفيذية خلال وقت الحرب. وكان أمراً محبطاً الاصطفاف السريع وراء الحرب على ليبيا التي تمثل في أفضل الأحوال مقامرة، وفي أسوأها حماقة من جانب من كانوا يعتبرون يوماً ما من الحمائم. كما أن عدم ظهور احتجاجات قوية على سعي البيت الأبيض إلى قتل مواطنين أميركيين من دون محاكمة يجب أن يكون مثيرا للقلق بالدرجة نفسها ولعل باراك أوباما ، اكتشف بدوره أن صراعات النهايات المفتوحة والحدود الغائبة تتطلب قبول المناطق الرمادية في الأخلاق . ومثل هذا المنطق يتطلب حذراً وقلقاً من إطلاق يد دعاة الحروب الأبدية، وخلال فترة بوش كان هذا الحذر يأتي من أحد الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة بالرغم من أنه كان يجري التعبير عنه غالباً بطريقة ساخرة ومبالغ فيها ، لكنه خلال حكم اوباما ، بات مقتصراً على حالات في أقصى اليسار واليمين الليبرالي . وقد يكون أخطر جوانب الاستمرارية بين بوش وأوباما هو عدم استعداد أي منهما لمصارحة شعبه بتكلفة هذا النهج في السياسة الخارجية وإلى أي حد يتناسب ذلك مع التزاماتنا المالية ، حيث لا يزال وقع أقدام أميركا يمتد فيهما وراء البحار إلى مناطق جديدة ، ولا أحد يريد أن يبين للشعب ان الحرب العالمية ضد الإرهاب ليست دون ثمن . ولن يتمتع الرئيس القادم بهذا الترف، ذلك أنه بشكل أو آخر ، من المرجح استمرار هذه الحرب لفترة طويلة حتى بعد أن تتحول عظام بن لادن إلى شعب مرجانية ، لكننا سوف ندرك أن فترة بوش أوباما قد انتهت عندما يقدم، لنا أحد ما الفاتورة الحقيقية لهذه الحرب . بقلم: روث دوسات |
|