تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إرادة الأحرار

الجولان في القلب
الأثنين 23-5-2011م
فراس الطالب

إذا عدنا إلى الدراسات الإسرائيلية التي تتناول الشخصية العربية فإننا سنلاحظ أنها دراسات تعتمد الكذب والتضليل مادة رئيسيّة لها، وهي تسعى جاهدة لإظهار أبناء الأمة العربية وكأنهم أناس قد فقدوا الشعور فقداً مطلقاً،

وهم وفق التصوير الإسرائيليّ الضالّ أناس معدومو الإرادة والرؤية والفعل أمام ما يتهددهم من أخطار، ينظرون إلى الخطر الذي يتهددهم وكأنهم يقولون له: لن نفعل شيئاً إلاّ الجلوس مكتوفي الأيدي بانتظار قدومك الميمون، وتراهم جالسين على مقاعد المتفرجين لايقدمون على تحريك ساكن؛ والأحداث تدور من حولهم جيئة وذهاباً وهم مستسلمون خاضعون لمشيئتها لا ينوون القيام بأي فعل؛ في الوقت الذي تفعل فيه السكاكين فعلها في الجسد العربيّ تقطع أوصال وتمزق أعضاء منتقلة من هذا القطر العربي إلى ذاك وتسن السكاكين لتفعل فعلها في رقاب ضحايا قادمة، والكل ينتظر بين صامت وشامت ومتفرج أو عاجز عن الفعل.‏

وربّما ترك تأثير الإعلام الصهيونيّ المضلّ أثره السلبيّ حتّى على العقل الغربيّ الذي يفترض أنه عقل واعٍ محاكم لا يستسلم للأكاذيب والأوهام بسهولة، حتّى سلّم هذا العقل لفترة من الفترات بالكذبة التي تقول: إنّ العرب لاينوون القيام بأي فعل مقاوم للوجود الصهيونيّ الجاثم على أرضهم.‏

لكنّ الكذب الإسرائيليّ سرعان ما وجد نفسه مضطراً لخلع رداء الكذب الذي ارتداه أمداً طويلاً من الوقت، عندما نفضت الأمة العربيّة عن جفنيها غبار الكسل والاتكال على معجزة قد تسقط من السماء وقد لا تسقط، تحمل خبر تحرير الأرض.‏

كانت البداية يوم زمجرت ليوث العرب في السادس من تشرين الأول عام 1973 معلنة ميلاد فجر كرامة عربية رائع الضياء، وسطّرت القوّات العربية السورية والمصرية والقوّات العربية التي كان لها شرف المشاركة في صنع تشرين التحرير صفحات البطولة الناصعة في الجولان وسيناء وكلّ شبر عربيّ محتلّ.‏

كانت انتصارات حرب تشرين التحريرية فاتحة عهد جديد، عهد برهن للعالم أنّ العرب أمة لا تنام على ضيم، فكانت حرب الاستنزاف بعد تشرين التحرير، وحرب لبنان ثمّ تحرير جنوبه الأشمّ.‏

لقد حاول الكيان الصهيونيّ العودة إلى القفز على حبال الكذب فعاد على وتر ضعف العرب يعزف عليه أغاني الخديعة، فكسّر العرب هذا الوتر في صمود المقاومة الوطنية اللبنانية الباسلة في عدوان تموز عام 2006، وكسّروه مرّة أخرى في صمود غزة في عدوان عام 2008.‏

ثمّ كانت اللحظة الحاسمة في الخامس عشر من أيار عام 2011 الذي صادف الذكرى الثالثة والستين لنكبة فلسطين، وأفاق العالم على تراب الجولان يموج غضباً تحت أقدام المحتلّ الإسرائيليّ، واندفعت الأجزاء العربية الأخرى في (مارون الراس) و(العريش) وداخل فلسطين المحتلّة تشارك الجولان ضفر إكليل النصر الكبير، وراح المحتلّ الصهيونيّ يحمّل سورية مسؤولية ما جرى من ثورة عارمة في الجولان، ناسياً أو متناسياً أن قرار استعادة الجولان قرار اتخذته الجماهير العربية منذ زمن بعيد، ولن تدّخر جهداً في تنفيذه مهما طال الأمد.‏

سلام عليك يا تراب الجولان الحبيب وتحيّة لأولئك الأبطال الذين أفهموا العالم كلّه أنّ إرادة الأحرار تصنع الحرية، وأنّ الجولان لن يكون إلاّ حراً كما كان دائماً شجرة الحرية ومهد الأحرار.‏

ferasart72@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية