تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عودة الوظيفة الحكومية...يجدون فيها الأمان

شباب
23/ 5/ 2011م
لينا ديوب

في وقت لم تتغير فيه نظرة الشاب والشابة الى وظيفة القطاع العام، والتي ترى فيها المكان الآمن، تفتح الحكومة الباب واسعا لتوظيف الخريجين والخريجات. واذا كانت الوظيفة الحكومية تقدم قدراً من المزايا والاستقرار لا توفرها وظائف القطاع الخاص بالنسبة

للفتيات ، حيث يمنحهن القطاع العام مرونة أكبر في ساعات العمل، ويوفر لهن سياسات أفضل فيما يتعلق بإجازات الولادة حتى بالنسبة للعاملات بعقود مؤقتة.‏‏

فهي أيضا مفضلة عند الشبان، يقول أحمد خريج الرياضيات والذي تقدم مؤخرا لمسابقة وزارة التربية ولم ينجح: خلال السنوات الأربع الماضية وبعد تخرجي تقدمت للعديد من الوظائف بالقطاع الخاص، ولم أحصل على وظيفة محاسب مثلا، وقبلت بوظيفة موزع في احدى الشركات على أمل أن تتغير وظيفتي وبراتب 8000ليرة سورية ، ولكن مر الوقت وبيتي بعيد عن مكان العمل فلم أستفد من راتبي شيئا فتركت بعد بضعة أشهر، وتعززت قناعتي بأن أصبح مدرسا في احدى المدارس الاعدادية او الثانوية هو الحل الأفضل لي. أما عماد خريج التجارة والاقتصاد فيقول: كلما اطلعت على الشواغر في شركة تضع اعلان توظيف، وقدمت سيرتي الذاتية، أنتظر ولاأجد من يطلبني للمقابلة؟ و في كل مرة يأخذ مني موظف الاستعلامات في الشركة التي لديها شاغر السيرة الذاتية وفقط ويقول لي سنتصل بك، ولم يرن هاتفي حتى اليوم، أيضا زملائي يعملون في غير اختصاصهم مثلا خريجة اثار تعمل ببنك الشام ، وانا خريج الاقتصاد والتجارة وأحضر ماجستيرNBAلم أحصل على هكذا وظيفة، أنا أعتبرها تأخذ مكاني .‏‏

البطالة الاحتكاكية‏‏

إن حالة علاء وغيره من الخريجين تدفعنا للقول إن الشباب عقب التخرج، عادة ما نجدهم ويجدون أنفسهم غير مستعدين لمواجهة واقع سوق العمل وخصائصه غير المشجعة، وان الحصول على وظيفة في القطاع الخاص عادةً ما يعتمد على علاقات العائلة، أو الواسطة، أوهي ما يطلق عليها بلغة سوق العمل “البطالة الاحتكاكية” والتي تعني ضعف قنوات‏‏

‏‏

الاتصال بين جانبي العرض والطلب، فالباحثون عن العمل لايعرفون ماهي القنوات التي يتوجب عليهم سلوكها لمعرفة مايتوفر من فرص وتقتصر قنوات التوظيف على الاعلانات في بعض الصحف أو على الوساطة الشخصية عن طريق المعارف أوالأصدقاء والأقارب وذلك عندما لاتتوفر لدى الباحثين عن العمل معلومات عن التوجهات القائمة في سوق العمل وعن أبرز فرص العمل المطلوبة في السوق أوالمهارات والخبرات اللازمة لشغلها ، كما لاتتوفر المعلومات لديهم عن مصادر التدريب وأنواع التدريب والمهارات الملائمة التي تنقصهم.‏‏

في الفترة الماضية درست الحكومة تقليل عدد العاملين في القطاع العام، وبدأ العمل على التشجيع على القروض الصغيرة والمتوسطة، ونشر ثقافة ريادة الأعمال، وازديار الاستثمار، وقانون عمل جديد، وكل هذا صحيح ولكن تم ببطء ودون تشبيك حقيقي مع جميع الأطراف؟ واليوم الفرصة ذهبية لفتح ورشة عمل حقيقية تضم مدى انتشار القروض، و البيئة التعليمية و نشر ريادة الأعمال؟ وقانون العمل الجديد الذي سيلزم أصحاب العمل بتسجيل العمال وسيكون هناك غرامات والتغى منه الاستقالة المسبقة، تضمن المادة 65منه لصاحب العمل حق فصل العامل.‏‏

بحيث تكون تلك الورشة بين وزارة العمل و القطاع الخاص السعودي وأن تتكامل مع وزارة المالية لإيجاد بدائل تمويلية ذات بعد وطني لتحفيز القطاعات الاقتصادية المولدة للوظائف الملائمة للمواطنين .‏‏

للعبرة‏‏

لقد بقيت المسوحات والأزقام تقول أن القطاع العام لم يزل وجهة الشباب والشابات بصورة أكبر، بالاضافة الى أجوبتهم المباشرة فمثلا تشير نتائج مسح البطالة لعام 2003 إلى أن 80%من العاطلين عن العمل، وتتراوح أعمارهم بين 15-29 سنة يفضلون وظائف القطاع العام ومن بين الشابات سعت 90%للحصول على وظيفة في القطاع العام. ولم تتغير هذه النسب في المسوح الجديدة، وفي دراسة حول نفس الموضوع قام بها مركز الدراسات في الأمانة السورية للتنمية العام الماضي تقول الدراسة إن تفضيل وظائف القطاع العام لم تزل هي السائدة وهي أعلى بين النساء، واكتشفت أيضا أنه يزداد مع التقدم في السن وارتفاع مستوى الشهادة التعليمية.و أن حاجة الأسرة هي ما يدفع الشباب للبحث عن الوظائف، وأن القيم الاجتماعية تؤثرعلى اختيارات عمل الشابات. كما ارتبط الفرق بين الأجور المتوقعة للقطاعين العام والخاص لدى الشباب العاطلين بتفضيل وظائف القطاع العام، ولا سيما بين النساء ما يعني أن الباحثين عن عمل في القطاع العام لديهم توقعات بالحصول على أجور أعلى.ولابد من المقارنة بين تفضيل الشباب الصريح لوظائف القطاع العام وسلوكهم الفعلي. ومن بين طرق تقييم تلك التفضيلات بحث الارتباط بين الحصول على شهادة تعليمية عالية والعمل في القطاع العام. يبحث الشباب عن مستوى أعلى من الشهادات التعليمية لزيادة فرصهم في الحصول على وظيفة مستقرة براتب ومزايا جيدة.وبالفعل، توجد علاقة ترابطية إيجابية قوية بين الحصول على الشهادة التعليمية والعمل في القطاع العام (. بالنسبة للذكور تزداد نسبة العاملين بوظائف في القطاع العام بشكل مطرد من 5 % للحاصلين على تعليم أدنى من التعليم الابتدائي لتصل إلى الذروة التي تمثل16 % لخريجي المعاهد المتوسطة 0 و59% لخريجي الجامعات. وبالنسبة للاناث تزداد نسبة العاملات بالقطاع العام من 2% للحاصلات على تعليم أقل من الابتدائي حتى تصل إلى 90% لخريجات المعاهد المتوسطة، قبل الهبوط إلى 68 % لخريجات الجامعات. وتتفق تفضيلات العمل في القطاع العام في جانب العرض مع بعض التغير الطفيف في مرور الوقت من حيث النسبة الإجمالية للعاملين في القطاع العام والتي تتراوح بين 25 إلى 28 % بين عامي 2001و 2007 . وتتماشى هذه النسبة مع المتوسط الإقليمي البالغ 25 % ، إلا أنها أعلى من المتوسط العالمي البالغ 11% ).وبالنسبة للشباب، ظلت نسبة الشباب العامل في القطاع العام ثابتة فوق 13% بين عامي 2001 و 2006 مع زيادة بسيطة في عام 2007 .وزادت نسبة الشابات العاملات في القطاع العام بنسبة تتجاوز الضعف على مدار ست سنوات، من 15%بين عامي 2001 و 2002 إلى 31 % في عام 2007 .‏‏

واذا انتقلنا من هذه الأرقام الى أرقام الأجور نجد الفرق بين أجور القطاع العام في مقابل أجور القطاع الخاص، فالمزايا التي يقدمها القطاع العام أعلى من مزايا القطاع الخاص. وكان متوسط الرواتب الشهرية في القطاع العام السوري في عام 2007 أعلى بنسبة 22% من رواتب القطاع الخاص. وصحيح أن هذه المقارنة تخفي الفروق في مستوى التعليم، وساعات العمل، ومستويات الخبرة بين العاملين عبر القطاعات.‏‏

صحيح ان كل ماذكرناه يؤكد أن بقاء الوظيفة الحكومية حلم الشباب هو حلم مشروع ، لكن لابد أن ترتبط بالتدريب والتأهيل والتشديد على المهارات، وبناء سيرة ذاتية تصلح لقطاع خاص فعال.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية