|
فضاءات ثقافية
ومنذ صدورها لفتت الأنظار إليها، إذ إنها تقبع اليوم على لوائح 3 جوائز أدبية من جوائز الخريف وهي «فمينا» و»ميدسيس» و»جان جيونو». ترشيحات، حتى وإن لم تفضِ إلى شيء «إذ إن الجوائز في فرنسا ليست سوى لعبة بين دور النشر» كما يقول مجدلاني، إلا أنها تشير إلى حضور الكتاب مع بداية هذا الموسم. في روايته هذه يعود الكاتب إلى حي المرصد (منطقة المزرعة في بيروت) ليعود ويرسم تحولاتها التي عرفتها وصولاً إلى الحرب الأهلية. عبر قصة عائلة خطار ورفض رب العائلة زواج ابنته من الشاب الذي يعمل عنده والذي كان يعتبره بمثابة ابن له، يكتب مجدلاني تحولات بيروت ليدخلنا إلى هذه الجغرافيا الإنسانية والاقتصادية.. حول روايته هذه هنا مقاطع من حوار أجري معه. • نجد روايتك الأخيرة، «سيّد حي المرصد الأخير»، على لوائح ثلاث جوائز من جوائز فرنسا الأدبية: «ميدسيس»، «فمينا»، «جان جيونو». هل من المفيد أن يجد المرء كتابه على هذه اللوائح؟ •• كما تعرف، حين تصدر الروايات في بداية الموسم الأدبي، تجد كتابك بين 500 كتاب آخر تقريباً. ولتكن صريحاً مع نفسك، تكتب كي يقرأك الناس، من هنا، ولكي تظهر ويظهر الكتاب، تلعب هذه اللوائح دوراً في إظهار الكتاب للقارئ. مع العلم أنني لا أتوقع في النهاية أي جائزة، إذ كل هذه الجوائز في فرنسا ليست في النهاية سوى ألعاب بين دور النشر هناك. لكن من المفيد أن تكون على لائحة ما، فقط من أجل أن يقرأك الناس وأن لا يضيع كتابك بين الكتب الأخرى. • حسنا، لو عدنا إلى كتبك، لوجدنا أنك منذ روايتك الأولى ولغاية الأخيرة، تختار دائماً أقاصيص عائلية ومثلما يقال هي «ساغا» عائلية. لِمَ تتمحور دوما روايتك حول تاريخ عائلات، وبالتحديد حول عائلات بيروتية أرثوذكسية. لن أقول إنك تكتب تاريخا أرثوذكسيا بالتأكيد، لكن هناك هذا الهاجس البيئي إن جاز القول؟ •• صحيح أنها قصة عائلة ولكن أيضاً هناك قصة «الحي» الذي يتغير ويتبدل من الناحية الإنسانية والاقتصادية. ربما كان بإمكاني أن أكتب عن حي آخر وعن عوائل أخرى، لكن هذه بيئتي التي أخبرها، التي أعرفها من الداخل، من دون أن أقوم بإعادة بناء تاريخية، ومن دون أن أجري تحقيقات موسعة. ربما لو فعلت ذلك لكانت كتابتي مختلفة. إنها أشياء عشتها من الداخل. أحب أن أكتب عن أشياء أعرفها، وهذا ما يتيح للراوي أن يكون خارجها وأن يكون لديه نظرة نقدية في الوقت عينه. • لن أقول إلى أي مدى تلعب السيرة الذاتية في هذا الكتاب، لكن إلى أي درجة توسعت في تحقيقاتك وأنت تكتب «سيد حيّ المرصد الأخير»؟ •• مثلاً في الرواية الأولى، كنت أتحدث عن شخصيات قديمة، رحلت عن الوجود، من هنا استمعت إلى قصصهم من أهلي. في هذا الكتاب هناك شخصيات لا تزال على قيد الحياة. في أي حال، أقرأ كثيراً عن تاريخ بيروت، وهذا أمر يلعب دوراً في كتاباتي، إذ يشكل جزءاً من نسيج الرواية. حين أنتهي من الكتابة، أقوم ببعض تحقيقاتي كي أتأكد من أن الذي كتبته لم يكن مغالطاً للحقيقة. في أي حال، أعترف بأن في كتابي الأخير هذا الكثير من ذكرياتي الذاتية، وكل هذه الشخصيات، «الزعماء» (مثلما يطلق عليهم) التي أتحدث عنها، كانت في محيطي وعلى علاقة بأهلي. لكن كما تلاحظ أن نظرة الراوي لهم ليس نظرة محبة، كان يكرههم، وهي في الواقع نظرة والدي تجاههم. صحيح أن والدي كان على قربى مع بعضهم، لكنه لم يكن مثلهم وكان يحتقرهم. كنت على معرفة بكل هذه التفاصيل من هنا أقول إني اتخذت نظرة والدي كوجهة نظر للراوي. لأعد إلى سؤالك السابق، أكتب عن تاريخ العائلات ربما لأن العائلة هي الخلية الأساسية التي تشكل الاجتماع عندنا من دون أن ننسى الطوائف والمذهبيات. لكن كما ترى إن الشخصية الرئيسة في هذا الكتاب هي شخصية تحاول الخروج من ذلك كله. • وأنا أقرأ روايتك هذه، تذكرت فكرة أحبها عند فوينتس، يقول فيها إن الرواية هي الجغرافيا لا التاريخ! •• جملة جميلة جداً، أين قالها.. • في إحدى مقالاته.. في أي حال، ما أريد أن أسأله، أن المكان عندك دائماً هو الجغرافيا، حتى من سير الأشخاص، أجدك ترسم المكان، من هنا الكتابة عندك ليست تاريخية بل هي الجغرافيا.. •• أعتقد أن هذا التوصيف من أجمل التوصيفات، بصراحة أعطيتني منفذاً. لدي مشكلة حقيقية، دائماً ما يسألونني عمّا إذا كنت أكتب روايات تاريخية، وأجدني مضطراً إلى تفسير ما معنى رواية تاريخية، وكيف أن أدبي لا علاقة له بالرواية التاريخية. أعتقد أنك أعطيتني أجمل الإجابات: أنا أكتب روايات جغرافية. في روايتي الأولى كتبت عن بيروت وكيف امتدت إلى الضواحي عبر سيرة المنزل الكبير، أي كيف تغيرت هذه الجغرافيا وفي هذا الكتاب أتحدث عن كيفية تغيير الجغرافيا الإنسانية. • أعتقد هناك جغرافيات عدة في هذا الكتاب.. •• تماماً، أجد ما تقوله صائباً بشكل كامل هناك الجغرافيا الإنسانية والاقتصادية والسياسية الخ... وهذا يتيح لي الخروج من قضية الرواية التاريخية لأقول إني أكتب رواية جغرافية.. |
|