تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الفوضى الخلاقة» في التحالف الأميركي-الإسلاموي

شؤون سياسية
الأربعاء 15-2-2012
بقلم: علي الصيوان

يندرج التفجيران الإرهابيان في حلب صباح 10/2/2012 في السياق نفسه الذي روع فيه تفجيرا 23/12/2012 دمشق.

التفجيرات الأربعة وما لحقها من إرهاب موجه ضد البنية التحتية الوطنية, وثيق الارتباط باستراتيجية امبريالية تقضي بالنيل من المناعة الوطنية لسورية, وهي الاستراتيجية نفسها التي تعتمدها واشنطن للنيل من السيادة المصرية.‏

فكيف نقرأ هذه الاستراتيجية؟‏

وأي غطاء سياسي تستظل؟‏

بعد الفيتو الروسي-الصيني, أخرجت واشنطن إلى العلن دعمها المستتر بالسلاح للإرهابيين الإسلامويين في سورية.‏

ففي 9/2 حفلت “التايمز” اللندنية بتفاصيل إجرائية في شأن التسليح الأمريكي «للمتمردين» في سورية, من باب “ممر آمن” تتعهده تركيا, “لأسباب إنسانية”!‏

ومثلما كانت الدبلوماسية الأمريكية تتعكز على خاطفي الجامعة العربية في الرهان على استصدار قرار من مجلس الأمن يحاصر سورية ويؤذيها, فقد أوكلت لتركيا وللخليجيين مهمة تسليح الإرهابيين الإسلامويين, ليس تعففاً, بل لأن جاذبية “الفتنمة” تلبي احتياجاً ضاغطاً لتوكيل حلفائها بمهمة كهذه, لاسيما وان محصلة جهدهم لن تجاوز قبضتها. بالقياس على سوابق الإسلامويين الذين أنجزوا مهمة تخريب أفغانستان وإيذاء السوفييت, بالوكالة عنها قبل ثلث قرن.‏

بيد أن لهذا الاستخفاف بعقول الإسلامويين مدمني الجري في الملعب الأمريكي حتى بعد تجربة بنلادن, المقبور على الطريقة الإسلامية بيد شيوخ الـC.I.A, حافزا مزدوجا: أحدهما, جهوزية مهندسي هذا التحالف من الإسلامويين أنفسهم لتلقي اللدغة من الجحر نفسه مرات, وثانيهما, الأزمة البنيوية للنظام الامبريالي, خصوصا في الولايات المتحدة, الأزمة التي تقعدها عن التحرك المباشر.‏

ولذلك فإن “العربنة”, هي العنوان العريض للسياسة الأمريكية حيال الوطن العربي في مرحلة الإفلات من العراق, مثلما كانت “الفتنمة” خيار أمريكا الإجباري قبل 40 عاما للإفلات من الهند-الصينية: فيتنام وجوارها.‏

ولـ«العربنة» بيئة سياسية تحملها وأدوات تنفيذ محلية. والأدق: نواة صلبة تقود متواليات “العربنة”, وهي متخفية وراء شعبوية متحمسة لمنظومة من كلمات الحق المراد بها باطل.‏

وما يحدث في مصر الآن, شاهد.‏

ففي 10/2/2012, كان ملحوظا الهياج في الشارع المصري ضد المجلس العسكري. لماذا في ذكرى عام على خلع مبارك؟ وما هو المأخذ على المجلس الذي قاد عملية سياسية أوصلت الإخوان المسلمين والسلفيين إلى غالبية مجلس الشعب والشورى؟ حتى يجابه بالعصيان المدني؟!.‏

ثمة معطيات كامنة في نأي الإسلامويين بأنفسهم عن احتجاجات 10 شباط. فهؤلاء أعلنوا عزوفهم عن المشاركة. وهذا يعطيهم مسافة أمان تحميهم من تحمل مسؤولية الهياج والتخريب الذي تم اقترافه في الديار المصرية. شأنهم في ذلك شأن تلطي مجلس اسطنبول الإخونجي وراء فرضية “الدفاع عن النفس” التي يسوغ بها جرائم اغتيال المدنيين السوريين, وتخريب البنية التحتية. والتفجيرات الإرهابية المروعة!!!.‏

والشاهد أن وزير الداخلية المصري تحدث في 7 شباط عن إطلاق نار في بورسعيد والقاهرة على رجال الأمن وحفظ النظام. وهذا يقع خارج تداعيات الحدث الكروي في بورسعيد, ليأخذ موضعه في موجة النذير الأمريكي للمجلس العسكري ولمصر اذا حوكم الأمريكيون المقبوض عليهم فيما يسمى منظمات “المجتمع الأهلي المصري” (!!!). فكيف اذا أدينوا بتمويل المخربين؟! وبالتجسس؟!‏

محكمة جنايات القاهرة تنظر في قضية المحالين إليها. وهم أربعون. بينهم 19 أمريكيا, أحدهم نجل وزير النقل الأمريكي راي لاهود. وهم جميعهم ممنوعون من مغادرة البلاد.‏

ومما يعزز الشبهة في نشاط المقبوض عليهم, إضافة إلى أدلة النيابة العامة, هو أن واشنطن بدت كمن لسعته عقرب لمجرد إحالتهم إلى القضاء.‏

كلينتون قالت: إننا سنعيد النظر, اذا استمرت الحملة الأمنية على المنظمات الأهلية, بمساعدة مصر.‏

وبتدخل فظ في الشأن الداخلي المصري, قالت: “لا يوجد أساس للتحقيقات مع تلك المنظمات, وليس هناك أساس لقرار منع أعضائها من السفر”.(؟؟!)‏

وحث وزير الدفاع ليون بانيتا المشير طنطاوي, على الإسراع في إلغاء حظر السفر المفروض على المتهمين الأمريكيين في قضية تمويل منظمات “المجتمع الأهلي”.‏

وخلال مشاورات تدور في الكونغرس بشأن المساعدة العسكرية لمصر, قال السيناتور باتريك ليهي رئيس اللجنة الفرعية المسؤولة: “أيام الشيكات على بياض قد ولت. لتكن هذه رسالة واضحة لجيش مصر”.‏

أما بعد التوجه الشعبوي إلى العصيان المدني بدءاً من 12/2/2012, بدعوة من قوى سياسية غير محددة الملامح, فللمراقب الظن بأن الـ19 أمريكيا المتهمين بتمويل غير مشروع لمنظمات “المجتمع الأهلي”, إنما هم جواسيس.‏

ولذلك فإن وزير الداخلية لم يكن يهذي حين تحدث عن فلتان مسلح في محافظات مصرية. مثلما لم يكن الفريق الدابي يهذي حين تحدث عن تخريب متعمد تقوم به مجموعات مسلحة في سورية ضد النظام العام والبنية التحتية. بل كانا يتحدثان عن فوضى تتعمد إثارتها في كل من سورية ومصر القوى الإسلاموية الظلامية في البلدين لهدف واحد وحيد, هو النيل من العقيدة القومية العربية المعادية لـ«اسرائيل».‏

وإلا لماذا هي “فوضى خلاقة”, حسب تصميم كونداليزارايس وتنفيذ الإسلامويين؟!‏

وحين يأتي وقت افتضاح مخرجات التحالف الأمريكي-الإسلاموي, المسؤول عن سفك الدم العربي, يكون مهندسوه قد قبضوا أتعابهم وانتقلوا إلى خارج ميدان السياسة أو إلى أعماق البحر كسلفهم بن لادن.‏

وليذهب الفيتناميون والأفغان والعرب إلى الجحيم!.‏

Siwan.ali@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية