تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كي لا نتذوق السم..؟!

صفحة اولى
الأربعاء 15-2-2012
أســـعد عبــود

لا مجال لإنكار النزوع الأكثري نسبياً، في الشارع العربي المسلم باتجاه الإسلام السياسي، متوزعين في خياراتهم بين أقصى المتطرفين وأقرب المعتدلين..

إنه رد فعل على انكسار الأحلام في العروبة والوحدة العربية والتقدمية والاشتراكية.. وحتى الوطنية.‏

لقد تعرض المواطن العربي على امتداد ساحاته وشوارعه ما أوصله إلى البحث عن الخلاص في ماضيه وليس في مستقبله، ولعله يتوخى إذ ينزاح باتجاه الإسلام السياسي أن يخطو بحكمة علي بن أبي طالب وعدل عمر بن الخطاب وجرأة خالد بن الوليد وإدارة معاوية بن أبي سفيان.. بغض النظر عن دقة ما ذكرته وألحقته بقادة الإسلام في مهده من صفات، إنها حالة بحث عن الخلاص اعتماداً على الماضي.. لأنهم أفقدوا الشارع إمكانية أن يرى المستقبل.. ويريد الخروج من الراهن مهما كانت النتائج.. يريد أن يجرب السم؟!‏

فإن كان ثمة مؤامرة علينا، فهي لم تبدأ في دوائر الغرب «الولايات المتحدة وأوروبا الاستعمارية» بل بدأت في قصور القادة العرب بمسمياتهم «أصحاب الجلالة.. الفخامة.. السمو.. إلخ»..‏

هم الذين وضعونا حيث نحن فطمّعوا الغرب، وغير الغرب فينا، ليحيكوا لنا عباءات للمستقبل لن نلبث أن نقاتل لنخرج منها ولو بقينا عراة..‏

لا مجال لأحد أن ينكر فعل التنظيمات الإسلامية من الأخوان المسلمين وحتى القاعدة في كل ما جرى ويجري.. وهي حقبة بدأت ولم يكن من الصعب على القوى العالمية أن تكتشف موعدها.. وأن تجد طريقاً للتعامل معها.. وطالما أن القيادة للولايات المتحدة، فإن الأهم والمهم والضروري أمن إسرائيل.. وهو المقدمة الأولى لنشوء أي نظام جديد في المنطقة..‏

لذلك تراهم على استحياء وفي العلن يتسابقون لخطب الود الصهيوني!.‏

ليست مؤامرة.. هي مشكلة بدأت منا ومازالت فينا، تتيح للعقل أن يرى الماضي عوضاً عن أن يبدع لمواجهة المستقبل.. وما ذلك إلا لأن قادة العرب وعلى مدى عقود طويلة أبطلوا عمل العقل والعلم والإبداع.. لصالح الاستبداد والغموض والفساد.‏

لا شك أن طروحات قيمة، نظرية، وغير منظمة.. بعيدة كل البعد عن أن تشكل مناهج للعمل السياسي طرحت من هنا وهناك، لكنها كانت ذات طابع نخبوي ثقافي يعجز تماماً عن تجسيد أي قول له كحقائق، ليس على الأرض، بل حتى على الورق..‏

ولذلك كان الرهان على الغرب.. حتى عسكرياً.. في حين أن الصوت ينادي بحلول سلمية..؟!‏

في سورية.. يجهل أصحاب الخيار العسكري.. يجهلون أو يتجاهلون، وعورة هذا الطريق، مهما غيروا في تسمياته..‏

لا مجال لخرق سورية عسكرياً.. وهما خياران لا ثالث لهما.. إما السلام، والحل بالحوار.. وإما الخراب..‏

والسؤال هل بين اللاعبين الكبار من اختار..؟!‏

هل اختار لنا الخراب لأنه خياره المسبق وليس فقط لوعورة طريق الحسم العسكري..؟!‏

هل نبدأ الحوار لنوقف طوفان الدم..؟!‏

أم نوقف طوفان الدم لنبدأ الحوار..؟!‏

إنه سؤال واحد بسطرين وله إجابة واحدة بسطر واحد:‏

الأمران معاً..‏

نضع السلاح.. الكل يضع السلاح.. ونبدأ الحوار، الكل يبدأ الحوار..‏

حلم رومانسي..؟! حسن.. لعله زمن الشعر.‏

As.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية