تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الطفل بين تربية الأم والتعليم المدرسي

مجتمع
الجمعة 31/10/2008
يحيى موسى الشهابي

يعتبر علماء النفس الاجتماعي أن الأم هي أول وسيط للتنشئة الأسرية والاجتماعية للطفل, فهي أول من يتلقاه بالعناية والرعاية والاهتمام,

وتبدأ في تنبيه العواطف والرموز التي تعطي الطفل الطبيعة الإنسانية, كما وتمكنه من أن يصبح عضواً مشاركاً بصورة إيجابية في المجتمع.‏

من كل ذلك كان الاهتمام بالأم عظيماً, لذلك خصصت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق ندوتها الشهرية الحادية والستين والتي شاركت فيها الدكتورة سلوى مرتضى الأستاذة في كلية التربية في جامعة دمشق والباحثة في شؤون الطفل مريم خير بيك.‏

الدكتورة سلوى مرتضى رئيسة قسم تربية الطفل في كلية التربية بدمشق تحدثت عن دور الأم في تربية الطفل الذي لا يستطيع إشباع حاجاته البيولوجية إلا عن طريق الآخرين حيث قالت: إنه يحتاج لفترة طويلة قبل أن يكون قادراً على الاستقلال مثله مثل الآخرين في المجتمع الإنساني, أي أن بينهم نمطاً من الاعتماد المتبادل يعطي للحياة خاصية اجتماعية لا توجد في مملكة الحيوان.‏

تبدأ العلاقات الاجتماعية بين الناس في المنزل حيث تنشأ روابط بين الوالدين والأقارب والمربين والأنداد, وتمتاز العلاقة بين الطفل ومن حوله بالمحتوى الانفعالي الذي يعتمد على الروابط الانفعالية التي تتميز بمشاعر قوية وتأثير متبادل بين الأطراف المعنية.‏

تأثير الأم على الطفل‏

وتشير د. سلوى إلى أن الطفل يحتاج إلى دفء العاطفة والثبات في المعاملة وإثارة النشاط الجسمي والحركي والمعرفي, فإذا استطاعت التعرف على حاجاته واستجابت لها بالشكل الصحيح, تكونت بينهما علاقة إيجابية وبينه وبين المحيطين به علاقة قوامها الثقة والحب والمرح والشعور بالأمن, وإلا نتجت علاقة توتر وسلبية لدى الطفل تفقده الثقة بمن حوله.‏

التنشئة الاجتماعية‏

أما بالنسبة للتنشئة الاجتماعية فقد أوضحت د. مرتضى أنها تقسم إلى أربع مراحل وتقسم المرحلة الأولى إلى أربع فقرات داخلية:‏

فالمرحلة الأولى تبدأ من الميلاد حتى دخول الروضة وتتدرج من المرحلة الأولى التي يعيش فيها بهدوء وسكون ولا تمارس عليه أي ضغوط اجتماعية وتكون من الولادة وحتى السنتين لتبدأ عندها الأسرة بالسيطرة والضبط لإعلاء سلوكه إلى السلوك الاجتماعي نظراً لتعلمه بعض الأداءات واكتسابه الكلمات التي تسهل له الاتصال وإبلاغ بعض الرغبات حيث تسمح الأم بممارسة بعض السلوكيات ولكنها ليست على نفس النحو في الفترة الأولى وبالرغم من ذلك فهو يحب الأم.‏

وفي الفترة الثالثة تبدأ إمكانيات الطفل بالنضوج لتعليم الحب إلى أبعد من الأم ويبدأ الطفل إدراك نفسه كفرد بين من يكونون الأسرة ويعرف الأب ولتبدأ مرحلة توحد مع أفراد الأسرة وتتخلى الأم في هذه الفترة عن مسؤولياتها تجاه الطفل نسبياً إلى الأب حيث يتوحد مع الأب كموضوع جديد ويبدأ دور الأم في التغيير ويصبح دوراً والدياً وتلك هي الفترة الرابعة حيث يبدأ نشوء الضمير ويصبح الأب والأخوة موضوعات عند الطفل يتبادل معهم التفاعلات ويؤدي الأب دوراً هاماً كموضوع للإشباع العاطفي للطفل وإن كانت الأم أكثر إيجابية نحو الطفل إلا أنها أقل مساعدة له, أما المرحلة الثانية فتتكون خلال مراحل الدراسة من الابتدائية حتى نهاية التعليم والحصول على المؤهل وهنا تبدأ المرحلة الثالثة عند الخروج من التعليم إلى العمل ثم المرحلة الرابعة بتكوين الأسرة.‏

فالشروط الواجب توفرها في شخصية الأم لتكوين فرد سليم وذي شخصية سليمة هي: العناية بالأطفال والاهتمام بهم, حب الوالد والإخلاص له, التضحية بما تملكه من أجلهم, الثقافة العامة وتطور الشخصية, اهتمامها بمظهرها الخارجي ونظافتها ونظافة منزلها, الحفاظ على كرامتها والدفاع عن حياتها, الأمانة والخلو من الانحرافات الشخصية, ونشر السلام وإسعاد الآخرين والتطوع لعمل الخير والعطف على المحتاجين أما العيوب التي تحول دون احترامها من قبل الأولاد فهي: سرعة الغضب, الأنانية, العلاقات المشبوهة, التخبط بالكلام والسذاجة في التعامل مع الآخرين وهنا نرى مسؤولية الأم كبيرة جداً والتي تبدأ منذ مرحلة الحمل وأثناء الحمل إلى أن يصل مولودها وتهيئ له البيئة الاجتماعية السليمة التي تمكنه من التفاعل مع أفراد أسرته لتنمية قدراته الجسمية والعقلية والاجتماعية مع إحاطته ببيئة صحية سليمة مع توفير الأدوات المناسبة للعب وأماكن النشاط والحركة وتشجيعه على الاكتشاف والإنجار وتحمل المسؤولية.‏

دور المدرسة في التربية‏

بدورها الباحثة مريم خيربيك رأت أن أولى الخطوات في التربية تقع على عاتق الوالدين, وهي الأساس, لكن المسألة التربوية تتشعب ليصبح للمجتمع بكامله دوره.‏

فالمعلم يلعب دوراً هاماً وخاصة في مرحلة التعليم الإبتدائي وما قبل يتجاوز أحياناً دور الأهل لشدة تأثر الطفل بمعلمه, أما المناهج فهي تشكل جميع أنواع التربية عبر النصوص المساقة على صفحات المنهج وفي كل هذا لا يمكن الفصل بين التعليم المعرفي والتربية وهو مادفع الاستعمار إلى تغيير المناهج بما يتناسب ووجوده ومزاعمه وهنا لابد من إعادة النظر بالمناهج بحيث تبتعد عن أسلوب التشويق العلمي فيكثر فيها التقرير والحشو, وتبتعد عن العملي المكرس للكثير من القيم التربوية.‏

وترى الباحثة مريم أن للبناء المدرسي دوراً هاماً في العملية التربوية حيث تثير عنده الإبداع وحب العلم والمعرفة وتكرس عنده الحفاظ على ما يخصه ومجتمعه والاحساس المجتمعي والتعاون والتنافس الشريف وقيم المشاركة الجمعية والإنصات وكل ذلك يحدث بوجود قاعة مطالعة وصالات للعب وباحات ومقاعد مريحة ومرافق صحية مناسبة.‏

ونشير أخيراً إلى أن كل عناصر العملية التعليمية التعلمية مترابطة وتشكل رباطاً متيناً ينتج عملية تربوية ناجحة وبالتالي مجتمعاً سليماً قادراً على التعامل والتطور في كل المجالات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية