|
World Socialist Web Site
بها عن الجهود المبذولة لطمس وتشويه الحقيقة بهدف اتهام وتحميل المسؤولية للحكومة السورية عن الهجوم بالغاز في مدينة دوما الواقعة في ضواحي دمشق حيث كان تسيطر عليها العصابات الإرهابية التي تحظى بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية وذلك بتاريخ 7 نيسان عام 2018. ومرة أخرى يكشف هذا الخبر أيضا طبيعة كذب تلك الحملة التي جاءت لتبرير عملية التدخل الأميركي في سورية، الذي كان سببا في تدمير أجزاء واسعة إلى مصرع مئات الآلاف من الأشخاص وشرد الملايين. أصبح من المسلم به ان الهجوم المزعوم والذي أفضى إلى وفاة 49 شخصا قد جاء بتدبير من حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بغية تبرير شن عدوان جوي صاروخي بعد أسبوع واحد فقط على القوات السورية الحكومية. وقد حدث ذاك بعد ساعات من وصول بعثة تقصي الحقائق إلى سورية. تزامن الادعاء بالهجوم المزعوم على دوما إثر تمكن القوات السورية من تعزيز سيطرتها على مساحات حول دمشق وبعد فترة وجيزة من إعلان ترامب انسحاب القوات الأميركية المنتشرة في النصف الشرقي من سورية. في 8 نيسان، أي بعد يوم واحد من الهجوم الكيماوي المزعوم وقبل إجراء أي تحقيق، غرد ترامب عبر صفحته على تويتر بأن «هجوما كيميائيا» نفذته سورية بدعم روسي -إيراني، وأن ثمنا باهظا ستدفعه جراء ذلك الهجوم. وبتوجيه من مستشار الأمن القومي المعين حديثا آنذاك جون بولتون، جرى إعداد العمليات العسكرية لقصف سورية. وأطلقت الضربات الجوية والصاروخية بتاريخ 13 نيسان. في يوم السبت أوضحت وثيقة سربها موقع ويكيليكس بأن تقرير منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية الصادر في تموز عام 2018 جاء لينسجم مع الادعاءات العامة التي تقدمت بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. وقد كتب الصحفي في جريدة ميل أو ساندي بيتر هيتشنز في مقالة استند بها إلى وثيقة ويكيليكس بأن التقرير المزور للجنة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة الأسلحة الكيماوية كان المثال الأسوأ في دعم الحرب منذ غزو العراق والملفات المزورة التي أصدرها توني بلير. وقد أرسل المحقق الذي قام بإعداد المذكرة (والذي لا يزال مجهول الهوية)، رسالة الكترونية إلى رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية روبرت فيرويذر ونائبه عامر شوكت بتاريخ 22 حزيران عام 2018، مبديا قلقه الشديد بشأن التفاصيل التي تم استبعادها أو تغييرها في التقرير المنقح الذي سيتم نشره بشأن تحقيق الوكالة في الهجوم المزعوم بالغاز، منوها إلى أن التقرير جاء منقوصا مبتعدا عن الأدلة التي جرى جمعها الأمر الذي جعله لا يتلاءم مع المعطيات التي توصل إليها الفريق. يلقي البريد الالكتروني الضوء على التصريحات التي تثبت التلاعب بالأدلة التي جمعت أثناء التحقيق، ويشرح العضو في لجنة التحقيق أن النماذج التي تتعلق بالكلور لم تكن سوى مبيضات موجودة في المنازل. كما تبين كذب ادعاء آخر في التقرير الرسمي حول «المستويات المرتفعة» من المشتقات الأساسية للكلور (التي تم التحري عنها في موقع الهجوم المزعوم). إذ وفقا للمفتش، فإن تلك المواد الكيميائية التي عثر عليها كانت بكميات قليلة تبلغ نسبتها نحو 1-2 جزء لكل مليار. وفي شهر تشرين الأول عام 2018، نشرت مجموعة العمل في سورية ووسائل الإعلام نتائج تحقيقها في تلك الحادثة وأشارت بأن الأدلة التي قدمتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تؤكد استحالة تحديد مدى صحة مقولة الهجوم الكيماوي. كما أن منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية قد نفت الادعاءات الأولية التي قدمتها الولايات المتحدة وفرنسا باستخدام غاز الأعصاب. في أيار الماضي جرى تسريب تقرير لم ينشر أعده خبير الصواريخ البالستية إيان هندرسون، الذي قاد الفريق الهندسي في منظمة حظر انتشار الأسلحة في دوما. إذ أثار هندرسون أسئلة حول الادعاء بأن الهجوم قد جرى بأسطوانات الكلور التي سقطت جوا. وبدلا من ذلك انتهى التقرير أن أسطوانتي الكلور اللتين وجدتا في موقعين في دوما قد تم وضعهما يدويا وهذا يثبت بشكل لا لبس فيه أن الهجوم شنته العصابات الإرهابية التي سيطرت على المنطقة وقت وقوع الحادث. في الأسبوع الماضي كتب المراسل الخارجي السابق في صحيفة ذي غارديان جوناثان ستيل في موقع كاونتربانش تقريرا بشأن مذكرة كتبها أحد المحققين في بعثة تقصي الحقائق عرف باسم اليكس الذي تابع الحادثة في شهر تموز عام 2018 أن ثلاثة مسؤولين أميركيين أخبروا أعضاء اللجنة في أحد الاجتماعات بأن سورية كانت مسؤولة عن الهجوم بغاز الكلور في دوما دون أن يتقدموا بأي دليل يثبت تلك المقولة. لقد حذف التقرير النهائي لمنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيمائية الصادر في شهر أذار من هذا العام أي تحليل حول المستويات المنخفضة للمواد الكيماوية للكلور المكتشفة من قبل المحققين، لكون ذلك يضعف ادعاءات المسؤولين بالهجوم بالغاز الكيميائي. وعندما بدأ المؤتمر السنوي لمنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية في لاهاي، أبلغ أحد المحققين ستيل ما يحدوه من أمل بإثارة ما جرى في تحقيق دوما، على الرغم من عدم وجود مؤشرات بإتاحة المجال أمام المفتشين لإجراء أي مناقشة. على مدى السنوات الثماني من عمر الأزمة في سورية، لم تدخر الولايات المتحدة وحلفاؤها جهدا إلا وبذلته في تسخير العصابات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة لتجعل منهم قوات وكيلة لها، والقيام بالاستفزاز تلو الآخر في محاولة فاشلة لحشد الرأي العام الأميركي لخوض الحرب. ففي عام 2013، وجهت أصابع الاتهام إلى الحكومة السورية باستخدام هجوم الغاز الكيميائي بغية تبرير الاستعداد لغارات جوية أميركية، إذ عمد أوباما إلى الإيعاز بوقفها في اللحظة الأخيرة. وهذه الحادثة عرضها مؤخرا الصحفي الاستقصائي سيمور هيرش الذي رأى أن هذا الهجوم جرى تدبيره من مسلحين مدعومين من الولايات المتحدة بتأييد تركي. إن الدور الحاسم لويكيليكس في تسليط الأضواء على الرسالة الالكترونية للمحقق توضح مرة أخرى سبب تنفيذ عقوبة سجن مؤسس الموقع جوليان اسانج، الذي يواجه الترحيل إلى الولايات المتحدة والسجن مدة 175 سنة نتيجة عرضه جرائم الحرب الأميركية في الشرق الأوسط، ذلك لأن وكالات الاستخبارات الأميركية والمؤسسة السياسية برمتها في الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء تعمل جاهدة لملاحقة اسانج نظرا لكشفه معلومات حول الجرائم الامبريالية الأميركية. |
|