تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ثمارنا المباركة نجنيها بأيدينا ووجع أحلامنا

مجتمع
الثلاثاء 1-10-2013
غصون سليمان

يتحدثون عن جني المحاصيل التشرينية ويقولون ... الموسم متواضع... لم يحمل من الثمار الناضجة ما هو معهود كما في السنوات السابقة ... والبعض الآخر من الناس يعقب مردداً لا يهم ما نجنيه من كميات قليلة وكبيرة فالأصل هو في البركة .... البركة التي تبارك ما فوق الأرض ؟!

فاليوم تعيش الأرض السورية في العديد من بقاعها الجغرافية حالة مخاض حقيقية بعد أن خبرت هذه الأرض عن كثب من أعزها واهتم بها ... من سورها وحصنها ، من حرثها وزرعها ، من سقاها ورواها بالماء والدموع والدماء والعرق ... والكد والتعب.‏

اليوم يستعد السوريون لقطاف موسم الزيتون ... هذه الثمرة المباركة وهذا المحصول الوفير الذي جعل سورية تحتل المرتبة الأولى عربياً في انتاج زيت الزيتون والمرتبة الرابعة على مستوى العالم وذلك قبل افتعال الأزمة بعام، وبالتالي أصبح هذا الانتاج في عداد الثمار والأشجار الاستراتيجية التي تدعم خزينة الدولة واقتصاد البلد المتنامي.‏

علامة تجارية مميزة‏

أشجارنا من الزيتون تكاد تمتد في أرض سورية بلد الخير والعطاء على معظم الغطاء الجغرافي حيث أصبح زيت الزيتون ينافس على العلامة التجارية المميزة والسمعة الطيبة حسب المنطقة والهواء والماء والشمس ، إن كان معظم الزيتون السوري يستحق العلامة المميزة بل المرتبة العالمية من حيث النكهة والشهية والجودة. وإذا ماأردت أن تمتحن هذه المفردات ماعلى ربّة المنزل إلا أن تحضر لعائلتها طبخة مجدرة معتبرة أو بيضاً مقلياً بالزيت البلدي وتقيم النتائج حسب كل مزاج وذوق العائلة السورية .‏

لذلك نجد أن كامل الإنتاج يتدلل طالما أنه من خيرات هذه الأرض وتعب ذاك الفلاح السوري، واجتهاد تلك العائلة السورية التي جعلت من مساحة الزراعة الحصة الكبرى وهنا بالتأكيد تتقدم ماركة زيت الزيتون الساحلي، وزيت الزيتون العفريني نسبة إلى منطقة عفرين الجميلة ومايحيط بها من قرى وبلدات وصولاً إلى إدلب الخضراء التي كانت تضم أكبر نسبة مساحة مزروعة بأشجار الزيتون المثمرة قبل أن يقوم أعداء الله والحياة والبيئة من إرهابيين وعصابات مسلحة ، بإعدام المئات من هذه الأشجار وغيرها. فهم أعداء حتى للون الأخضر لأن رايتهم سوداء وقلوبهم أشد قتامة من السواد ، وأفعالهم أكثر شناعة من سواد وظلام هذا الكون كله.‏

ذكريات وآلام‏

في موسم قطاف الزيتون كم من الذكريات ستحضر في الوجدان، وكم من الآلام ستفيض همساً وكلاماً وبقاء... في مثل هذه الأيام كان معنا في هذا الحقل وذاك البستان فلان وفلان هذا الشقيق وذاك الصديق والقريب، أين محمد وعلي وأبو عبدو وأسعد والياس ومحمود وطوني وعمار وكريم ووفاء وفاطمة وخديجة وسهيلة وعواطف وبهية وحنان وريتا ومزنة . وأم تمام وسلام وجهينة والقائمة تطول وتطول...‏

هي المواسم التي تشهد على ذكريات الأرض والإنسان بالأفراح والأتراح.. هي الشاهدة على لون الحياة وألقها وتفاعل الناس فيما بينهم وبينها. لاسميا أن جني المحاصيل المألوفة عل مدار العام وحسب كل الفصول هي بالنسبة للطبيعة والبيئة كالخانة ودفتر العائلة بالنسبة للأسرة ، كلاهما يحفظ التواريخ وساعة الميلاد وتنامي الأعمار.‏

الشجرة حياة.. الشجرة بنت الأرض ، صديقة المتعبين حافظة لذكريات العاشقين ، حامية للطبيعة كما الكساء حين يستر الجسد مزينة للبيئة .. أنيسة للإنسان، معيلة للصانع والعامل والحرفي في صناعة الجودة وابتكارات الإبداع.. لها فضل كبير في عملية التوازن البيئي .. واستقرار معيشة المواطن كما رغيف الخبز...‏

اليوم تفرح الأرض بزائريها وهم يغازلونها فرادى وجماعات وهم يعبرون الدروب للوصول إلى هضابهم وسهولهم وحيث توجد أشجار الزيتون فقد حان موعد القطاف لنكمل المونة وتسعد المائدة وتهدأ جيوب المحتاجين عندما ترى وفرة الزيت عند الأهل والأصحاب.. لاعند التجار والسماسرة ولصوص اللحظات الخاطفة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية