تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العنف اللفظي .. سلوك عدواني أشد خطراً من الجسدي ..

مجتمع
الثلاثاء 1-10-2013
نيفين عيسى

نسمع الكثير في مجتمعنا عن العنف الجسدي الذي يمارسه الأزواج و الذي يترك آثاراً وندوباً على الجسد، ولكن ما لا نعرفه أن العنف اللفظي أو المعنوي يوازي في قسوته العنف الجسدي، وربما أكثر لكونه يؤذي مشاعر الزوجة والأطفال..

ومع أن الآراء حول هذا الموضوع تعددت، إلا أنها أجمعت على فكرة واحدة وهي أن هذا النوع يعتبر إهانة وإساءة لمتلقيه، سواء كان امرأة أم طفلاً.‏

لولا أطفالي لما استطعت احتماله‏

سميرة حلاوي أشارت إلى أن شخصية زوجها عدوانية من الطراز الأول، تحاول مسايرته في كل صغيرة وكبيرة لكن كل ذلك أثر عليها بشكل عكسي، ويميل إلى التحكم والتسلط على سلوكها وتصرفاتها، حيث يردد دائماً أفعلي كذا ولا تفعلي ذلك، هذا صحيحٌ وذلك خاطئ كل ذلك تحت غطاء المحبة مصحوباً بالكلام المنمّق والمعسول، متابعة أشعر بأنني ضحية تصرفاته ويجرح مشاعري دوماً دون أن يشعر بي مطلقاً، وتتابع مستطردة أنها مضطرة لاحتمال تصرفاته القاسية كرمى لأطفالها الذين هم بحاجة لوجود والدهم.‏

انتقاد التصرفات وجرح المشاعر له مساوئه‏

أما رباب أيوب أوضحت أن زوجها ينتقدها في كل تصرف تفعله ولا يعجبه أي أمر منها، وتلقى الانتقاد اللاذع واليومي على كل ما تقوم به ، كما أنه يحاول إضعاف ثقتها بنفسها بحكم قوة شخصيتها، وذلك للتقليل من قيمتها، مشيرة إلى أن هذه الانتقادات اللفظية تجعلها تغضب دوماً، ما يزيد الشرخ بينهما، وقالت :إنها تشعر بأن زوجها يتعمّد جرح مشاعرها وإبقاءها في حالة كآبة مدمّرة وانفعال وعدم القدرة على احتمال تصرفاته.‏

وللغيرة المرضية دورها القاتل...‏

رحاب السيد تقول زوجي من النوع الذي يعاني من الغيرة المرضية ويحاول دوماً أن يعزلني عن أفراد أسرتي من إخوتي وأصدقائي، وذلك كي أصبح مصدر اهتمامه ويكون محور اهتمامي، و لا أستطيع التواصل مع أحد من أقربائي، مضيفة أن الشك يعميه ويراقبني دوماً، وأسئلته متعددة ودقيقة ومفصلة عن كل مكالمة هاتفية أو حديث جانبي مع صديقاتي في الأمور الخاصة دون أن يجعل لي استقلالية في التحدث مع أحد لكن حاولت تحمّله، إلا انه في نهاية الأمر لم أستطع فانفصلنا ولحسن الحظ ليس لدي أطفال ،وتضيف أن الحرية الفردية مطلوبة سواء للذكر أو الأنثى فهويبالغ في حمايتي والخوف علي متذرعاً بخوفه علي من نسيم الهواء الذي اتنفسه، لكن هذا بنظري عنف نفسي‏

الإحساس بالذنب من قبل الآخر لايمكن تحمّله‏

رغد العيد قالت في كل أمر نتشاور فيه أو نقوم به يحمّلني أوزار أي فعل حتى لو كان هو من قام به ،وبأنني المسبب الوحيد في الأمر ولولاي لما كان حدث ذلك واحساسي الدائم بالذنب وبعد انتهاء الموضوع يحاول أن يرضيني في الكلام الجميل وكأن شيئاً لم يكن لكنني أعيش معه في حالة ارتباك وعدم راحة وقلق يومي ومعاناة دائمة (هذا غير الكلمات النابية التي يتلفّظ بها) بعنفه اللفظي يقوم بتدميري ببطء.‏

التمادي معي خط أحمر‏

هبة سويد أوضحت عندما يبدأ زوجها بالكلام اللفظي المسيء فإنها لاتسمح له بالتمادي حتى لا يكررها في المرات المقبلة وتتابع لست مستعدّة لسماع كلمة تزعجني حتى لو كان ذلك سيكلفني الانفصال عنه.‏

وللصغار نصيبهم‏

ولايقتصر العنف اللفظي على الأزواج بل يتعداه إلى الأبناء، حيث يفيد حسام قاطع أن زوجته تُعامل ابنته بطريقة غير صحيحة وتعيّرها في الفتيات اللواتي في سنها وتقول لها كلاماً لايقال وتُشعرها بعدم محبتها لها في حال تصرفت عن خطأ وبالتالي تكون ردّة فعل ابنته بطريقة عكسية فيصبح لديها كل شيء ممنوع مرغوباً فالعدوانية اصبحت صفة ملازمة لها.‏

رأي...‏

المرشدة النفسية ريم العيا قالت : العنف اللفظي تجاه الاطفال يؤدي إلى سلوك عدواني مع أفراد الأسرة ويصبح سلوك غير مقبول وتابعت بأن تسعين بالمئة من الأزواج يستخدمون العنف اللفظي في الكلمات التي يقولونها لزوجاتهم ويتدخلون بالشؤون الخاصة وذلك يدخل ضمن إطار إرضاء النـزعة الذكورية للرجال، والعنف اللفظي يتعدى أيضاً إلى التجهم والعبوس وإشارات الجسد التي لها دور في تعكير صفو الحياة، وعن طريق التورط بشخص يستخدم العنف اللفظي هنالك مجموعة من الأسئلة يسأله له عن طريق استبيان لتجنب المشاكل مستقبلا ، ولعلاج العنف اللفظي بالنسبة للأم عليها بمعاملة أطفالها بطريقة حسنة وعدم قول الكلام المؤذي ومقارنة أولادها بأولاد جيرانها ، وبالنسبة للرجل عدم مواجهته بأخطائه فلا يبادل العنف اللفظي بالعنف اللفظي لأن في ذلك مجلبة المشاكل بل علاجه بأسلوب منمّق وسلوك مهذّب.‏

خلاصة القول..‏

وذلك بالنتيجة نرى أن الكلمة الجميلة هي أفضل طريق للوصول إلى قلوب الآخرين سواء كانوا أبناء أم زوجات وأزواجاً ، لأن العنف لا يولد إلا العنف، ويترك آثاراً سلبية على نفسية المتلقي، ربما يكون أولها الانطواء والتوحد أو مقدمة لأمراض نفسية خطيرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية