|
حصاد الورق لكن ما لم يتوقعه هيكل وهو يخطط للتقاعد، أن خلو البال من المستحيل في مجتمعات مازالت تحبو بحثا عن طرق للحرية والديمقراطية.. لهذا وجد نفسه في معارك.. وحروب وانقلابات وثورات لا تنتهي في مجتمع على صفيح ساخن دائما. لم يكن هيكل مجرد صحفي، أو «جورنالجي» كما يحب دائما أن يصف نفسه.. لم يكن ناقلا أو مبررا لخطاب دولة يوليو.. بل كان صائغا لخطابها الإيديولوجي، وفاعلا فيه.. ولم يتوقف يوما عن المشاركة حتى في أوقات ابتعاده عن السلطة». اقترب هيكل إذن بأكثر مما ينبغي لصحفي.. اخترق أحيانا.. واحترق أحيانا أخرى (كما جرى في برقاش مؤخرا)... ولكن كان يخرج في كل مرة أقوى بقلمه! واضاف اخبار الادب في ملفها عنه قائلةعندما ابعده السادات عن الأهرام.. توقع الجميع أن يختفي هيكل.. ولكنه أصبح الأكثر شهرة لأنه انتقل في الوقت المناسب إلى معسكر المعارضة.. وعندما مارس دوره الصحفي والتقى بالخميني.. غضب السادات وسأل: بأي صفة يلتقي الخميني؟ يومها أبلغ هيكل المقربين من السادات: التقيته بصفة الصحفي! ورغم أن هيكل كان بإمكانه أن يركن إلى ما حققه من شهرة ومجد، ولكنه لايزال أكثر الصحفيين المصريين دأبا ومثابرة علي تتبع الجديد في الصحافة العالمية من أشكال مختلفة.. تجربته في «وجهات نظر» بتعريف الصحافة المصرية بنماذج جديدة مثل الصحافة المستطردة.. و كذلك حرصه على تقديم دعم للصحافة الاستقصائية.. وحرصه على لقاء الشباب قبل الشيوخ والاستماع إليهم..لا ينقل إليه وصايا أو نصائح، أو توجيهات وإنما دروس يمررها بذكاء، ربما أهمها ما يؤكده دائما: (لا يجب أن يكون الصحافي مثل ملكات النحل، يقرص مرة واحده ويموت بعدها.. ولكن يجب أن يكون من (فعلة) النحل الذي يعملون بهمة، ولا عن «يستسهل الغوايات الاجتماعية). تسعون عاما على مولد «الأستاذ».. مناسبة تستحق الاحتفاء.. هنا لانقيم «حلقة ذكر».. ولا حفل شتائم.. ولاجلسات محاكمة وإنما نطرح الأسئلة.. والسؤال ربما أهم من الإجابة دائما، كما يؤكد هيكل نفسه! |
|