|
معاً على الطريق ومع أن مثل هذا القول المتداول شعبياً هو تعبير عن موروث شعبي فرنسي له أصله وتعليلاته .. وربما ألغازه , ومع أن ثمة جموعاً تصلي اليوم في شوارع باريس والمدن الفرنسية وكنائسها سواء كانوا من الجاليات السورية هناك أو ممن شاركهم من الفرنسيين من أجل السلام في سورية , فإن البعض يحار في تفسير تلك العدائية العدوانية الوقحة الفاضحة التي يظهرها بعض رجال الدولة الفرنسية وقياداتها تجاه سورية والسوريين , وحتى ليظن المرء في لحظة أن ما يظهره هؤلاء من العداء ينحط إلى درك العداء الشخصي بينهم وبين كل ما هو سوري . لن نعمد إلى التفسير بالولاء للصهيونية وإسرائيل الذي يتملك أولئك , ولن ننحت من صخر الخيالات والأوهام أصناماً تفسر لنا أو تعلل ذلك , لكننا أيضاً لن نسلم فقط بلغة المصالح وسياسات الدجل والرياء الراهنة قبل أن نتذكر بضع ملاحظات عابرة في هذا الشأن : الأولى : أن سورية ... مع أنها مستعمرة فرنسية سابقة ولعدد محدود ومضطرب من السنين , لكنها تمردت حتى على الرابطة الثقافية الفرنسية « الفرنكوفونية « فضلاً عن ثورتها ضد جيش الاحتلال الفرنسي « الانتداب « , ما يراه بعض قادة فرنسا في الأمس واليوم تعالياً واستخفافاً سورياً بحضارة فرنسا وثقافتها وتاريخها ... وهو لا يزال قائماً حتى اللحظة ! الثانية : أن سورية هي المستعمرة السابقة والوحيدة التي انتقمت فرنسا من نزوعها القومي الأصيل سواء باتجاه القومية السورية أو العربية , عندما اقتطعت وسلخت جزءاً منها « لواء الاسكندرون « وأهدته مجاناً إلى تركيا عام 1939 أي عندما كان «الانتداب» لا يزال قائما ً , فضلاً عن محاولاتها تقسيم سورية إلى دويلات طائفية وهو ما لم تفعله فرنسا في مستعمراتها الأخرى سواء في آسيا أو إفريقيا ! الثالثة : أن سورية هي المصدر الأساس لكل فكر قومي أو ثقافة قومية ولكل حركة أو منهج تعريب تلا الحقبة الاستعمارية الفرنسية في شرق البحر المتوسط , وبما شكل قطعاً حاداً ونهائياً مع كل تداعيات واستطالات هذه الحقبة .. والفرنسية منها خاصة، وهو ما لم يحدث في بقية المستعمرات كدلالة على خصوصية سورية غير قابلة للسلب أو الطي ! الرابعة : أن مدينة انطاكية السورية والتي يفترض أنها عاصمة المسيحية المشرقية , كانت أول المدن السورية التي تصدت لثاني أعنف حملات الفرنجة الكبرى باتجاه القدس بدءاً من العام 1096 والتي قادها ملك فرنسا في ذلك الحين , خاصة أن الانشقاق الكنسي المشرقي الغربي سبق تلك الحملات ببضع وعشرين سنة في ذلك الحين واعتبر جزءاً كبيراً من أسباب الحملات إياها , ما يعني حقداً تاريخياً فرنسياً ضد سورية .. حتى على الحامل الديني ! هذه بعض من المعالم التي عرفها الضمير العام الفرنسي عن طريق دمشق وصارت جزءاً من موروثه الشعبي .. وما عرفها ساركوزي وهولاند وأذيالهما بعد ؟ |
|