تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محاضرة .. رحلة فـي تـراث دمشـق

مجتمع
الأربعاء30-3-2016
أمل سليمان معروف

أعادنا المحامي فاروق الرباط في رحلة ذاكرة إلى دمشق خلال القرن التاسع عشر في محاضرة له في المنتدى الاجتماعي بدمشق بعنوان: التراث الشعبي ودوره في المحافظة على الهوية الوطنية والقومية.

وقد مزج الرباط في تعريفه للتراث بين العادات والتقاليد والعلوم والفنون ونحوها والتي تنتقل من جيل إلى جيل لتشمل مقومات التراث من علوم وفنون وموسيقا وأمثال شعبية تجري على ألسنة الناس والعادات والتقاليد في المناسبات والزواج وألوان الرقص والمهارات، إضافة إلى التراث الشعبي والفولكلور والمعتقدات التي يؤمن بها المجتمع والتي تكون مقاومة للتغيير في أحيان كثيرة، بالإضافة إلى المعارف التي تميز المجتمعات من الحرف والمهارات.‏

وكانت بداية الحديث عن مقال كتبه خليل مردم بك وهو أحد رجال دمشق الوطنيين ومؤلف النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية (حماة الديار عليكم سلام) والذي استلم وزيرا للخارجية وكان في أواخر أيامه رئيساً لمجمع اللغة العربية بدمشق .والمقال بعنوان (دفتر نسوان). تناول الرباط هذا المقال مستعرضا صورا من الذاكرة حول الكثير من الموروثات التي وردت حول العادات والأمثال الشعبية القديمة مثل:‏

- حاذر أن تقص أظافرك ليلا .. كي لا ترى منامات وحشه !!!‏

- اياك أن تزور مريضا في يوم الأربعاء.. لأنه في هذه الحال لن يشفى !!‏

- لا تسكب الماء الساخن على الأرض، كي لا يصيب الجن فتنتقم من الفاعل !‏

- لا تقص ثوبا في يوم الثلاثاء، لان هذا الثوب يفنى حرقا أو إرثا!‏

- إن الفراشة التي تطير في البيت، ما هي إلا روح من الأقرباء تحوم فيه فيجب العطف عليها وعدم إيذائها!‏

- لا تقطع شجره في المنزل، لأن قطعها يسبب وفاة صاحب المنزل!‏

- لا تدخل ولا تخرج قطع الصابون الى المنزل في يوم محدد، لأنها قد تتسبب في وفاة أحد أفراد المنزل وغسله بها.‏

- لا يقيمون أعراسا ليلة الجمعة لان عروس الجمعة قريبة الرجعة!!‏

- اما إذا مسحت قطة البيت وجهها بيدها، فإن ضيوفا ولابد في طريقهم الى البيت!!‏

- وعن أفضل الأوقات لدى أهل الشام فهو الصباح، يقولون: (الصباح رباح).‏

- وفي الأشهر، يعتبرون شهر رمضان شهر الخير والبركات‏

كما عرج الرباط بنا بالذاكرة إلى السيران الدمشقي والذي كانت تتسم به أيام الجمعة حيث تغص غوطتا دمشق وبلودان وغيرها بالزائرين من العوائل الدمشقية. وكان هذا السيران له طقوسه حيث يلعب الأولاد وتعمل النساء في تحضير التبولة والسلطات وينزوي الرجال للعمل على شي اللحم وتحضير الأطباق الشهية الأخرى.‏

كما تناول في حديثه حمامات السوق التي كانت تعتبر مكانا ليس للاستحمام فقط بل ولتبادل الأحاديث في مناسبات عدة كحمام العرس وحمام النفاس وغيرها فكان أشبه بمكان للتواصل الاجتماعي مرتين شهريا على الأقل.‏

كما تناول أيضا خيال الظل والذي كان يعتبر طليعة فن السينما فكان الكراكوزاتي شخصية ناقدة خفيفة الظل ومن أشهر الكراكوزاتية في الشام كان علي حبيب الذي درب أبا المسرح السوري أبي خليل القباني على الفنون الشعبية.‏

وامتد الشرح إلى الفنان الدمشقي المعروف محمد حرب (1888-1973) والذي وصلت لوحاته إلى متحف اللوفر الفرنسي. وحرب كان يحول ما يمر من أحداث تاريخية ولاسيما الشعبية إلى لوحات يرسمها بشغف عبر مذهب فني وضع قواعده بنفسه. هذا الفنان لم يحظ بالشهرة في حياته، رغم تأثر العديد من الفنانين السوريين والعرب والأوروبيين به , والذين كانوا يزورون دكانه للاطلاع على آخر أعماله واقتناء بعض منها. والتي نرى بعضاً منها اليوم في دكاكين الحلاقة في دمشق القديمة وقصر العظم.‏

إننا لا نشك بأهمية المعتقدات أو الموروثات الاجتماعية فهي فكر وخلاصة تجارب اجتماعية ودينية وأفكار متداولة من جيل إلى جيل، وفيها الكثير من الحكم والأقوال المأثورة والتجارب الناجحة، إلى جانب مفاهيم ومعتقدات وآراء بالية لا معنى لها، تتخللها الكثير من الأخطاء والانغلاق والتطرف، لذا، لابد من إعمال العقل وإخضاع كل موروث لقوانين المنطق، لتنقية الأقوال ودراستها والبحث في أصلها وتأثيرها السلبي والإيجابي، والتعامل معها على درجة من الحذر والانتباه؛ فنتبنى الجيد وننبذ الرث.‏

ولكن لابد من القول بأن أمسية التراث هذه كانت أمسية شيقة استطاع خلالها الأستاذ رباط أن يصور فيها الجماليات الدمشقية ويمتع جمهور الحضور الذين اكتظت بهم قاعة المنتدى الاجتماعي بحديثه المتسربل باللقطات الطريفة من تاريخ دمشق.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية