|
ثقافة
بالعمل على تعميم حالة تنتشر فيها ثقافة فنية راقية، كما الخلق لمشهد موسيقي، يعتمد على الأكاديمية والأصول العلمية، ليؤسس بدوره للحالة المثلى، مستثمراً كل تلك المعطيات... والأعمال الفنية على أرض الواقع، تترجم هذه المعادلة بامتياز في كل تفاصيلها ومكوناتها، وهي أكثر من أن تعد... ومجرد المتابعة لأحد برامج الفرق الموسيقية، يبرز ذلك مباشرة، حيث تتجلى قيم الانتماء والتمسك بالهوية الثقافية وكل ما يدعم رسوخها كخيار حضاري.. وكنموذج عن ذلك الفرقة الوطنية للموسيقا العربية، والتي من ضمن خططها الحفلات الدورية التي تتواصل بها مع جمهورها، تنتقي الأميز من الأعمال وتقدم الجديد بشكل مستمر بأيدي المواهب المصقولة أكاديميا. حول ذلك تحدث الفنان عدنان فتح الله، مايسترو الفرقة الوطنية للموسيقا الوطنية: الفرقة الوطنية السورية للموسيقا تتواصل مع جمهورها بشكل دوري، حتى تستطيع تحقيق أهدافها الفنية والثقافية، إذ تعمل وفق خطط ثقافية تساعدها في هذا السياق، فكل حفل تقدمه، يحمل أحد أوجه تلك الأهداف، ويقام الحفل على مسرح دار الأوبرا في دمشق، شارك فيه مع الفرقة مؤخراً كل من المغنية ليندا بيطار، وعازف التشيلو المتميز محمد نامق.. تضمن برنامج الحفل العديد من الأعمال الموسيقية الآلية منها والغنائية.. حيث عزفت الفرقة في البداية وبمثابة استهلال للبدء بالحفل سماعي كرد للمؤلف جوكسل باكتاجير، ومن توزيعي، حيث كان لآلتي الناي والتشيلو حضور مميز في السماعي.. بعدها قدمت الفرقة تحت قائمة الأعمال الموسيقية البحثية موسيقا آرامية من معلولا، وهي عبارة عن لحن قديم وبسيط جداً، عالجته أنا، كما أعدته أوركسترا ليا للفرقة.. أما من قوالب الموسيقا العربية، فقد قدمت الفرقة قالب اللونغا، ولكن هذه المرة بشكل مختلف، وهي لونغا (جاز) للمؤلف الفريد حتمل، ووزعها للفرقة الوطنية الأستاذ كمال سكيكير، أما الحركة الثانية من الكونشرتو الثالث كانت للمؤلف الأذربيجاني حاجي خان محمد، وقد أعدها ووزعها للفرقة الأستاذ (محمد عثمان) أستاذ صف العود والبزق في المعهد العالي للموسيقا بدمشق، وأتى الـ (صولو) لآلة التشيلو مع الاوركسترا، أداها عازف التشيلو محمد نامق صاحب الإحساس العالي والموهبة المتميزة.. أما صاحبة الصوت الساحر ليندا بيطار، أدت أغنية (لا تنتقد)، من كلمات سعاد الصباح والحان الموسيقار كمال الطويل، وأغنية (احكيلي عن بلدي احكيلي) للأخوين رحباني، إذ رافقها فيديو لمناظر من بلدنا سوريا، فتركت الأثر الكبير في النفوس، وجيشت الكثير من المشاعر والعواطف عند الجمهور، وقد نفذته المخرجة نادين الهبل. العمل الموسيقي (جو) للمؤلف الموسيقي السوري كتان ادوناي خريج المعهد العالي للموسيقا، ويدرس الماجستير في التأليف في أميركا، وهو يعتبر تصوراً جديداً ومعاصراً في بناء الموسيقا الشرقية، ويعتبر من التجارب الإبداعية المهمة. وختام الحفل كان مع عمل بعنوان (الموءودة)، وهو عمل كتب كشارة لمسلسل حمل اسم الموءودة والموسيقا من تأليف الأستاذ محمد عثمان.. وهو من الأعمال الموسيقية الصعبة من ناحية التنفيذ، ولكن الفرقة أدته بطريقة مميزة حيث كان أيضاً مشاركة لليندا بيطار كصوت بشري فقط آهات.. ولئن ذكرت كل تلك التفاصيل عن قصد لإعطاء فكرة حول الآليات التي تنتهجها الفرقة واستحضار كافة الألوان الموسيقية وأدائها قديمة وجديدة، تراثية وحديثه، تأليفاً وعزفاً وأداء، وفي كل حفل نقدم ما هو جديد ومتنوع دوماً، متمسكين بهوية ثقافية وطنية تختار الأفضل دوماً. |
|