تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بقيادة أميركية ..حلف جديد محوره تركيا وإسرائيل

شؤون سياسية
الأحد 21-4-2013
 د. صياح عزام

كتب مؤخراً سفير «سريلانكا » السابق في واشنطن «ارنست كوريا « يقول :منذ كان الإنجاز الحقيقي الوحيد لزيارة الرئيس الأمريكي /باراك أوباما /الأخيرة للمنطقة هو تطبيع العلاقات التركية مع «إسرائيل» ،

بدأت تتكشف ملامح مسعى أمريكي حثيث لبلورة جبهة إقليمية ضد سورية أساسها محور تركي - إسرائيلي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من الخلف ، بما ينسجم مع مبدأ «القيادة من الخلف» حسبما وصف المحللون الأمريكيون استراتيجية /أوباما /الدولية.‏

وقد جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي « جون كيري » الأخيرة للمنطقة (وهي الثالثة منذ أن تولى منصبه ) في إطار المسعى الأمريكي لتحقيق هذا الهدف ، وليس كما أعلن عنها بأنها تأتي في سياق تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين و«إسرائيل».‏

وثبت بأن التكهنات عن هذه الزيارة التي غرق بها بعض الشركاء العرب في عملية السلام التي ترعاها واشنطن غير واقعية.‏

وبطبيعة الحال فإن إقامة مثل هذه الجبهة الإقليمية ضد سورية تتطلب تهدئة جبهة الصراع العربي مع «إسرائيل» كشرط مسبق لتلافي خلط الأوراق الإقليمية خلطاً من شأنه أن يشتّت الجهود بعيداً عن « أولوية «الولايات المتحدة في تغيير النظام في سورية ، وهي الأولوية التي تبنّتها قمة الدوحة الأخيرة بناء على توجيهات الإدارة الأمريكية والدول الحليفة لها في أوروبا والمنطقة العربية المهيمنة على هذه القمة.‏

وفي إطار هذا المسعى الأمريكي الخبيث هناك زيارات وخطوات مرتقبة منها »‏

- قيام رئيس الوزراء التركي / أردوغان /بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية في السادس عشر من أيار المقبل.‏

- زيارة أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني لواشنطن أيضاً في الثالث والعشرين من شهر نيسان /2013/حيث سيستقبله « أوباما « ليبحث معه الأزمة في سورية.‏

- زيارة ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة الأمير محمد بن زايد آل نهيان للولايات المتحدة في السادس عشر من نيسان الجاري /2013/.‏

- وتبدو القمة الأمريكية- الأردنية التي أعلن عن عقدها بين الرئيس /أوباما / والملك الأردني /عبد الله الثاني /في السادس والعشرين من الشهر الجاري، تبدو خطوة ضمن السياق الأمريكي لممارسة الضغوط المتصاعدة على الأردن - كما ذكرت صحيفة / الغارديان البريطانية /لتوريطه في الجبهة الإقليمية التي تسعى واشنطن إلى إقامتها ضد سورية ، في ضوء الموقف الأردني المعلن والمطالب بحل سلمي للأزمة في سورية، والمعارض لأي ّتدخل أجنبي عسكري فيها خوفاً من انعكاساتها على بلاده وخصوصاً أنه المستبعد أن تكون العلاقات الثنائية الأمريكية - الأردنية على رأس جدول أعمال قمة أوباما - عبد الله الثاني المرتقبة ، هذه العلاقات بحثت بعناية واهتمام خلال زيارة / أوباما / للعاصمة الأردنية قبل أقل من شهر فقط على هامش جولته التي بدأها بزيارة «إسرائيل».‏

ومن الملفت للنظر أنّ إدارة الرئيس /أوباما /تبدو ليست حريصة على إخفاء سعيها إلى دعم المحور التركي الإسرائيلي ذلك أن /كيري/أثناء زيارته الأخيرة لتركيا في السابع من شهر نيسان الجاري2013 شجع في اجتماعه مع المسؤولين الأتراك على العمل مع «إسرائيل» وتعميق عملية التطبيع معها كما قالت المتحدثة بلسان وزارة الخارجية الأمريكية/ فيكتوريا نولانت / في الثالث من شهر نيسان الحالي.‏

وقد أشاد السفير الأمريكي السابق لدى تركيا / جيمس جيفري /في تصريح لصوت أمريكا بالتقارب بين تركيا و»إسرائيل» ، ووصفه بأنه تطور جيد جداً حين قال : « إن جولة /كيري / الثالثة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط تركزت على العلاقات بين «إسرائيل» وأمريكا وإن الولايات المتحدة مصممة لتعزيز التقدم لعملية تطبيع العلاقات بينهما نظراً للوضع الإقليمي في الوقت الراهن ومن مشاكل تركيا مع العراق ومع سورية ومع إيران ..».‏

وجدير بالذكر أن السفير /جيفري لم يذكر مشاكل تركيا مع روسيا أيضاً لكن ما ذكره يكفي للتذكير بعزلة تركيا الناجمة عن موقفها من الأزمة في سورية التي حولت عنوان مشاكل صفر لسياستها الخارجية إلى تاريخ والتي انعكست كذلك على نموها الاقتصادي الذي انخفض إلى2,2% عام /2010/ و 8,8% عام /2011/.‏

وليس من المبالغة الاستنتاج بأن التدخل الأميركي لتطبيع العلاقات بين تركيا و»إسرائيل» استغل عزلة تركيا وتراجعها الاقتصادي للضغط عليها لتعود إلى محورها الإقليمي الإسرائيلي وإلى حضن القيادة الأمريكية في حركتها الإقليمية .‏

في هذا السياق أشارت صحيفة «هآرتس « الإسرائيلية إلى أن التوتر الذي أصاب العلاقات التركية الأمريكية كان بسبب الأزمة بين «إسرائيل» وتركيا ثم إن أردوغان تلقى دعوة لزيارة واشنطن بعد انفراج علاقاته مع «إسرائيل» هذا الانفراج الذي رفع عدد السياح الإسرائيليين إلى أربعة أضعاف عن المعدل السابق .‏

من جهة أخرى اعتبر«أوزديم سانبرك » الذي مثل تركيا في لجنة الأمم المتحدة التي حققت في حادثة سفينة مرمرة أن تطبيع بلاده لعلاقاتها مع «إسرائيل» منعطف مهم ، وحث على سرعة تبادل السفراء بين البلدين .‏

ولكن مصادر مطلعة في أمريكا و»إسرائيل» وبعض الدول العربية أشارت إلى أن الأزمة التي انفرجت بين تركيا و»إسرائيل» كانت عابرة في علاقات استراتيجية بين الطرفين وفي الوقت الذي لم يتأثر فيه التعاون العسكري بين الطرفين بتلك الأزمة العابرة.‏

اختصارا إن العلاقات بين «إسرائيل» وتركيا عادت إلى مجاريها في إطار المسعى الأمريكي لتشكيل جبهة إقليمية ضد سورية بقيادة أمريكية من الخلف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية