|
فضاءات ثقافية أخيراً تحدث من يعني اسمه حرفياً «لا يتحدث» عن عدد من القضايا التي وصفها المترجم إبراهامسن أنها ربما تكون: «أقرب إلى الاعتراف الشامل حول موقفه السياسي في الصين وهو ما لم يحدث من قبل». وكان قد تم توجيه العديد من الانتقادات المتوالية لمو يان من المنشقين الصينيين ومنهم الفنان الشهير آي فيوي الذي وصفه بأنه: يتبع بوضوح مسار الحزب، كما أظهر في مواقف عديدة عدم احترامه استقلال المثقفين، علاوة على رفضه التوقيع على عريضة تطالب بالإفراج عن المسجون الحاصل على جائزة نوبل للسلام ليو كسيابو، مما دعا الكاتبة هيرتا مولر الحاصلة على نوبل إلى التعليق على فوزه بنوبل بأنه: صفعة على وجه جميع الداعين إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان. إلا أنه في حوار مع الصحيفة الألمانية دير شبيغل نشرته الغارديان مؤخراً, وجه خلاله مو يان الانتقاد إلى «آي» بأنه أيضاً متقرب للسلطة متسائلاً: من بين المثقفين من يمكنه إدعاء تمثيل الصين؟ أنا بالتأكيد لا أدعي ذلك، وهل آي يمكنه أيضاً؟ أولئك من يستطيعون بحق تمثيل الصين يحفرون التراب و يمهدون الطرق بأيديهم العارية! كما رد الضربة أيضاً لزميله الكاتب الصيني لياو يوي الذي نعته العام الماضي بكاتب السلطة الذي فشل في الحفاظ على المسافة بينه وبين الحكومة قائلاً: أعلم أنه يحسدني على تلك الجائزة، وأتفهم ذلك، إلا أن انتقاده لي غير مبرر على الإطلاق، وأضاف مو يان لدير شبيغل أنه منذ فوزه بجائزة نوبل ومنتقديه: «يستخدمون النظارات المكبرة للبحث عن عيوبي، لدرجة أنهم حرّفوا بعض أشعاري»، والقصيدة التي هاجمها لياو على وجه التحديد، كما يقول: «لا تمدح حزباً رسمياً موصوماً بل في الحقيقة تتهكم عليه». وأشار مو يان إلى أنه بينما يعرب علناً عن أمله أن يتم الإفراج عن ليو: «إلا أنهم أعادوا انتقادي مرة بعد أخرى حول نفس الموضوع.. مما ذكرني بطقوس التكرار خلال الثورة الثقافية، إذا قررت الكلام فلن يمنعني أحد، وإذا قررت الامتناع عن الكلام، فلن أجبر على الكلام حتى لو وضعوا السكين فوق رقبتي». يقول إبراهامسن وهو مترجم سابق لأعمال مو يان ومؤسس منظمة الترجمة الأدبية «بيبر ريبابليك»: ما يقصد قوله هو أغربوا عن وجهي جميعاً، كل من يحاول إجباري على قول شيء وظللت صامتاً، ووضعت كل ما أريد قوله في كتبي، فهو بالأساس يحفر تحت عقبيه!» في حين يقول مو يان أنه يكن إعجاباً لأدباء مثل غونتر غراس ممن يعبرون عن رأيهم ضد حكوماتهم، إلا أنه في ذات الوقت يبدو غير راغب في الانضمام إليهم قائلاً: «لا أحب الإدلاء بالتصريحات السياسية، أنا كاتب سريع، لكنني أفكر ملياً، حين أتحدث علناً، وعلى الفور أسأل نفسي إن كنت قدمت نفسي بوضوح، أو كانت رؤيتي السياسية غاية في الوضوح، فقط عليك أن تقرأ كتبي». قال الأديب ذلك باعتباره عضواً في الحزب الشيوعي الصيني الذي انضم إليه عام 1979 حين كان ملتحقاً بالجيش، كان مدركاً كما صرح لجريدة دير شبيغل: «أن الثورة الثقافية كانت خطأ فردياً للقادة، وهو أقل مما يجب بالنسبة للحزب نفسه»، مضيفاً: « لا يوجد هناك تناقض في رأيي السياسي حين أنتقد بقسوة مسؤولي الحزب في كتبي، لقد أكدت مراراً و تكراراً أنني أكتب نيابة عن الشعب، وليس الحزب، وأمقت المسؤولين الفاسدين»، وقد وصف إبراهامسن ذلك بأنه شيء غاية في الجرأة يمكن قوله، و»ليس هناك أي شك فيما يعتقد وأين يكمن ولاؤه وإلى أي مدى تصل معاييره الأخلاقية، حين يقول إنه يقف في صف الشعب وليس الحزب، في المناقشات الصينية لا يوجد تمييز بين الاثنين، أي شيء تقوله يجعل الأمر يبدو كما لو كان هناك فصل بين الاثنين في الحقيقة غير مقبول سياسياً» مضيفاً: «مويان لن يخرج ليقول لا، أنا لست حراً، نعم، أنا خاضع للرقابة، ذلك الحوار قريب من إمكان قوله ذلك، لقد كان مباشراً عن أي وقت رأيته فيه، إذا كنت صينياً معتاداً على قراءة ما بين السطور، فإنه حرفياً يشرح ما يفكر به، لقد تأثرت». أضاف أن أحداً لم يعترض حول منحه لقباً فخرياً، كنائب لرئيس جمعية كتاب الصين إلى أن فاز بنوبل قائلاً: «هناك من يعتقدون أن جائزة نوبل للأدب غير مخصصة للأدب، أو لأي شيء كتبه أحد». علقت على ذلك إيزابيل هيلتون رئيس تحرير موقع شاينا ديالوج قائلة: «أشعر ببعض التعاطف مع الأدباء الذين يرفضون الكلام، فهناك أدباء أعتبرهم حيوانات سياسية، مثل ماريو فارغاس يوسا، هم عادة لا يجيدون السياسة، لكن على ما يبدو أننا نتوقع من أدبائنا لاسيما في حالات مماثلة له، أن يكونوا مفوضين في حالة الإحباط السياسي، وهو شيء غاية في الصعوبة بالنسبة لشخص مثل مو يان لديه مثل تلك الظروف السياسية، وتلك الشخصية، وعدم رغبته أن يكون شخصية عامة.. المشكلة أن نوبل تحولت إلى ساحة معركة لجميع أنواع القضايا في الصين». |
|