تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاقتصاد الفرنسي من سيئ إلى أسوأ

مساحة للرأي
الأحد 21-4-2013
بقلم د. قحطان السيوفي

لايختلف اثنان على أن الضعف السياسي لفرنسا اليوم له خلفية اقتصادية ؛ فالاقتصاد الفرنسي يعاني من اختلالات هيكلية تضفي طابع التشاؤم على مستقبل فرنسا الاقتصادي الذي يشير إلى أن القادم أسوأ...

البطالة تتزايد، والنمو الاقتصادي الفعلي يتراجع أقل بكثير مما كان متوقعاً، بالإضافة إلى تراجع مؤشرات أعمال الخدمات، والعقارات... ما يُنذر بآفاق مُلبدة وبالمزيد من الغيوم الداكنة والمنخفضة التي تحجب أي انقشاع في المدى المنظور... بيانات المعهد الوطني الفرنسي للإحصاءات الاقتصادية تظهر أن أمام الفرنسيين أياماً صعبة أكثر فأكثر، وأن الإجراءات التقشفية التي أُقرت في موازنة عام 2013 والقاضية بتخفيض الإنفاق الحكومي بعشرة مليارات يورو، وزيادة الضرائب (20) مليار يورو لن تؤدي إلى تخفيض العجز في الموازنة العامة إلى نسبة (3%) من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 كما هو مطلوب من الاتحاد الأوروبي. معدل النمو الاقتصادي الفرنسي في الربع الأخير من عام 2012 كان بحدود الصفر، ومتوسط النمو لعام 2012 لم يتجاوز (0,2%) ودائماً حسب إحصاءات المعهد الوطني الفرنسي سيكون معدل النمو خلال عام 2013 الجاري حول الصفر . الحكومة الفرنسية الضعيفة سياسياً، لن يكون بوسعها الاعتماد على أي عامل لدعم النشاط الاقتصادي في فرنسا خلال 2013، التوقعات تشير إلى تراجع الاستهلاك بنسبة (2%) بسبب تراجع القوة الشرائية للفرنسيين، والاستثمارات،حسب معهد الإحصاءات، سيتراجع بسبب تراجع ثقة الصناعيين بالمستقبل، وعجلة الاقتصاد ستدور ببطء شديد... وسيتجاوز معدل البطالة نسبة (11%). أمام هذا الواقع الصعب ستعمد الحكومة الفرنسية إلى تحميل الأكثرية الساحقة من الفرنسيين أعباء تزايد العجز في الموازنة العامة من خلال الضرائب  وسيجد أكثر من نصف الفرنسيين أن ضرائب دخلهم قد زادت، وسيتم تخفيض العجز على حساب موازنة الضمان الاجتماعي يفرض ضرائب تصاعدية على معاشات المتقاعدين بنسبة (0,15%) عام 2013. وهكذا فإن ارتفاع نسبة البطالة، وعدم اطمئنان الفرنسيين لمستقبل بلادهم الاقتصادي، وعدم ثقتهم بالحكومة خاصة في مجالي الاقتصاد والموازنة...بالإضافة إلى ضغوط المفوضية الأوروبية، وأيضاً المستشارة الألمانية (ميركل) على الحكومة الفرنسية لتنفيذ التزاماتها.... دفع هذه الحكومة المٌربكة إلى الإعلان عن قرارها تخفيض الضرائب على الشركات الفرنسية بقيمة (40) مليار يورو على مدار خمس سنوات على أن يقوم المواطنون الفرنسيون بدفع المزيد من الضرائب.... وَتحمل المزيد من الإجراءات التقشفية.... أرى أن فرض المزيد من  الضرائب على الفرنسيين، في وقت يعاني الاقتصاد الفرنسي من الركود, سيزيد من حدة الأزمة الاقتصادية وبالتالي زيادة البطالة،وما تفرضه من أعباء اجتماعية إضافية على الحكومة تتحول إلى أعباء مالية إضافية لاتستطيع فرنسا تحملها...كل ذلك يجعل شعار تخفيض العجز في الموازنة أمراً شبه مستحيل ويبشر بالمزيد من الإجراءات التقشفية الأكثر صرامة. وقد أعلن رئيس وزراء فرنسا (جان جاك ايرلوت) أن فرنسا لن تتمكن من تخفيض عجز الموازنة خلال عام 2013 بالنسبة التي يطلبها الاتحاد الأوروبي.. بدورها مالية فرنسا تعلن أن فرنسا تعيد النظر في توقعاتها حول النمو الاقتصادي عام 2013.‏

الخبراء الاقتصاديون يتوقعون فشل الحكومة الفرنسية في تخفيض نسبة العجز، وارتفاع ديون فرنسا بنسبة 92٪ بالتالي أشارك هؤلاء الخبراء رأيهم بعدم قدرة الحكومة الفرنسية التوفيق بين تخفيض عجز الموازنة العامة، وزيادة النمو الاقتصادي، رغم المحاولات غير الموفقة لزيادة الصادرات، ورفع القوة التنافسية والإنتاجية.. وفي أحسن الأحوال لن يتجاوز النمو في فرنسا عام 2013 نسبة 0.1 وهكذا فإن فرنسا العجوز التي تحلم باستعادة بعض من نفوذها الضائع تعاني من إرباك وضعف سياسي وأزمة اقتصادية حادة والقادم أسوأ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية