|
الأحد 21-4-2013 فيوم تم إعلان دمشق عاصمة للثقافة العربية في العام 2008، تحركت الأديبة الكبيرة كوليت خوري، بدعم مطلق من الرئيس بشار الأسد، لتجميل الحدث بلقاء عربي يجمع الأديبات العربيات تحت سقف دمشق «شامة الدنيا»، المعطرة بفيض أزمنتها الأدبية، ومواسمها الحضارية، وتجليات لغة الضاد التي لم يتسرب إليها الهوان، ولم تصاب بالإعوجاج أو الدمج الملعون المطبع بحروف أجنبية على ألسنة السوريين، كما في بلاد عربية أخرى أضاعت هوياتها في حالات السجود. يومها نزعنا، كأديبات عربيات، البراقع خجلا من دمشق المسكونة بالقول الصراح، والقلوب المتيمة بالعشق المستدام والعاطفة الأخوية الصادقة، التي تسعى دائما إلى لملمة الشمل العربي، لهذا لم نجد حرجا من الغرق في أحضانها، نعب من صدرها الحنون عطر العروبة المنهزمة في حاراتنا والدروب. منذ تلك اللحظات أدركن أن سورية هي نقطة البدء بخط الكلمة التي توحدنا، فكان العمل لاستمرار اللقاء هو الهدف، الذي آليت على نفسي أن ألتقطه، بكينونة الحب المصفى لوطن عربي كبير، يئن من أوجاعه المخضبة بدماء أبنائه الشهداء، وتواريخه الآيلة إلى الزوال، بسبب موانئه المكتظة بالقواعد العسكرية الأميركية التي تحاربنا في عقر الديار. لهذا السبب أصريت على عقد اللقاء الثاني في بيروت، حين دعاني وزير الثقافة آنذاك، دولة الرئيس تمام سلام إلى المشاركة في احتفاليات بيروت عاصمة عالمية للكتاب في العام2009، فقمت بتوجيه الدعوة باسم «ديوان أهل القلم» الذي أتولى رئاسته إلى الأديبات العربيات وعلى رأسهن الأديبة المؤسسة السيدة كوليت خوري، التي كان لها كلمة في حفل الافتتاح الحاشد في قصر الأونيسكو في بيروت، زلزلت القاعة من شدة التصفيق، نظرا لمضمون كلمتها الرائعة التي تضمنت كل العتب الأخوي الرقيق الذي خطه يراعها الثر لحبيبتها بيروت. عقدنا اللقاء الثاني للأديبات العربيات بحضورها الآسر، تحت عنوان «كما السياسة تفرق الأدب يجمع»، وكانت السيدة كوليت خوري الشاهدة على نجاحه، والمتفائلة بزرعها الذي نبت في تربة خصبة، بل كانت سعيدة جدا باستمرار اللقاء وباتجاهاته المرسومة باتقان، ما حدا بالزميلات الأديبات العربيات القيام بتسليمي مسؤولية المتابعة، كمديرة تنفيذية لكل اللقاءات المستقبلية، مع ما في ذلك من مسؤوليات جسام، تؤثر سلبا على أنشطتي الثقافية الضخمة، التي أتنكب همومها داخل لبنان وعبر ديار الانتشار اللبناني. لكن لم يكن لي الحق بالرفض أو الاستنكاف، بسبب الثقة المطلقة التي منحت لي، لهذا عملت لاحقا على عقد اللقاء الثالث في الدوحة عاصمة الثقافة العربية في العام 2010، ومن ثم في المنامة عاصمة الثقافة والسياحة العربية بتاريخ 3حتى 9 نيسان العام 2013، على أن نستكمل ما بدأناه في القريب العاجل، في بلد عربي آخر. المهمة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، لأن الاتصالات تأخذ حيزا كبيرا من الوقت، وما أحوجني إليه! وترتيب الأمور ومعالجة الأسماء الجديدة الطارئة في كل لقاء ليس بالأمر السهل. هنا تتجلى مسؤولية الحرص على النجاح واستمراره، خصوصا في هذا الزمن الصعب، الذي تنساب فيه متاهات الحزن والغدر والقلق والخوف في عالمنا العربي، الذي يسعى بعض حكامه إلى تفتيته وتقسيمه والقضاء على معالم تطوره وارتقائه، لهذا لمست حالة القلق التي واجهتني بها عضوة اللقاء الزميلة البحرينية فوزية رشيد، التي عملت على التنسيق معها من أجل إتمام اللقاء الرابع في بلدها البحرين، حيث جابهتني بالقول: هل تضمنين، في ظل ما يحدث في عالمنا العربي من خلل وطني وقومي، أن ينجح اللقاء؟ وكان جوابي اتخاذ الأمر على عاتقي بشجاعتي المعهودة، بسبب قناعتي التامة بأن تواصلنا كأديبات عربيات في ظل الظروف الحرجة والمؤلمة، سيكون له وقعه المميز لجهة تعزيز اللحمة القومية والوطنية،بعيدا عن التوتر أو الاختلاف، لهذا قمت بإجراء الاتصالات اللازمة التي لقيت حماسا وتجاوبا كبيرين. وكان السؤال المهم الذي قض مضجعي هو: ماذا نفعل بسورية، هل تشارك السيدة كوليت خوري ؟ هذا السؤال جوبهت به من قبل الزميلة البحرينية فوزية رشيد. أخبرت الأديبة السيدة كوليت خوري بالأمر، شجعتني على متابعة الموضوع واستمرار التلاقي والتواصل، كي تبقى الكلمة هي العنوان الأساس، معتذرة في الوقت نفسه عن الحضور بسبب الأوضاع المؤلمة في سورية. بالرغم من ذلك، لم أسمح بغياب اسم المؤسسة كوليت خوري، وسورية معها، عن اللقاء الرابع للأديبات العربيات في البحرين، حيث في حفل الافتتاح الذي تضمن كلمة لوزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وللمنسقة فوزية رشيد، ولي كوني المديرة التنفيذية، لم أتغاض عن قول الحقيقة التي أنارت بشراراتها دروبنا الموصولة بمد جسور التلاقي والحوار البناء، الهادف إلى رسم الصورة المشرقة للمرأة العربية الأديبة، والشاعرة، والكاتبة، بعيدا عن كل التشنجات السياسية التي تفرق ولا تجمع، ووفاء لسورية التي أضاءت الشعلة الأولى لانطلاقتنا، بيد كبيرة أديباتها وأديبات العرب، عنيت السيدة كوليت خوري الغائبة الحاضرة، كما ذكرت إحدى الصحف البحرينية.. بالعنوان العريض . لقد انطلق اللقاء الرابع للأديبات العربيات في البحرين، تحت عنوان «ألق الإبداع يجمعنا في أرض الخلود»، في ظل ما نعيشه اليوم من خريف أغبر، مظلل بالقسوة وظلم ذوي القربى، ومحكوم بالموت المجاني، وبالقضاء على أحلام الطفولة الوردية، وفي ظل صراخ مفتعل لمعارضين حائرين بين الوطنية والطائفية والتمذهب الأرعن، الغارقين في حراك انعدام الجاذبية بين حب الوطن والارتهان للغريب الأجنبي، وبين ثنائيات مضللة، واثنيات حائرة بين التمسك بالدين أوالمواطنة، وبين تجاهل للقول: «إن حب الوطن من الإيمان»، و «إن الدين لله أما الوطن فلجميع أهله وأبنائه». لهذا عبرنا الحدود المغلقة والمتشنجة، والهدف الأساس شبك الأفكار في وحدة تلاق إيجابية الهدف، تعي التفاصيل المربكة والمؤامرات المفتعلة، ولا تسقط مقومات العروبة من توازنات اليراعات والقراطيس، حيث المطلوب في النهاية جلاء الصورة الضبابية، وكشف الزيف الذي أهلك الوطن عبر ما سمي خطأ بالربيع العربي، والانتباه إلى حجم المؤامرة وأشكالها المدمرة في البلد الشقيق سورية، والتركيز على مناخات التقارب الأخوي، الذي في طياته تكمن كل الطموحات التنويرية والنهضوية للشعب العربي، وإن اختلفت الهويات والجنسيات. لهذا كانت سورية حاضرة معنا، إذ تمكنت من إقناع الزميلة الصديقة أنيسة عبود بالموافقة على المشاركة، بالرغم من حالة المعاناة القاسية التي تحياها في ظل ما تتعرض له بلدها سورية منذ أكثر من عامين، ولعدم ثقتها بالتمكن من السفر بسبب الوضع الأمني الصعب، لكن بعد مباحثات مطولة مع البحرين ومعها، تمكنت من تذليل كل الصعوبات بتأمين سفرها عن طريق مطار بيروت وبرفقتي شخصيا، لهذا تعاظم قلقي عليها،ووقعت في دوامة الخوف من المفاجآت، بحيث جعلت خطي الهاتفي مفتوحا عبر كل الاتجاهات، وأنيسة قادمة من اللاذقية إلى بيروت، وهكذا سجلنا الخطوة الأولى على طريق نجاح لقاء الأديبات العربيات الرابع في البحرين. |
|