تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فـــــــــدوى طوقـــــــــــــان فــــــــــي ذكــــــــــــرى رحيلهــــــــا: ندفع الخطو إلى ذروة قمّة.. نجتني منها انتصارات الحياة

ثقافة
الثلاثاء6-1-2015
يمن سليمان عباس

ليست شاعرة عادية ابدا، ولاهي من جيل اتى ووجد الدرب ممهدة له فابدع وطبقت شهرته الافاق، ابدا انما شقت دربها خطوة خطوة، وكأنها تنحت من الصخر لاتغرف من بحر كما غيرها من الشعراء، فدوى طوقان وليدة الارض المحتلة وشاعرة المأساة الشخصية والوطنية، شاعرة الانسانية والنضال المقاوم من اجل حريتها اولا كامراة وكمواطنة عربية ذاقت مرارة الاحتلال، واي مرارة، محطات حياتها ثرية غنية ملأى بكل ما يخطر على البال من مصاعب ومعاناة نجاحات واخفاقات، دونت ذلك في مذكراتها التي نشرت في جزأين تحت عنوان: رحلة جبلية رحلة صعبة، وتروي في صفحاتها كم عانت وكانت الالام من الاسرة اولا ومن ثم من المجتمع الذي جعلها حبيسة البيت وفي محطات حياتها كما تقول: انها ولدت في مدينة نابلس، وتلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية، حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول، فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها، ثم درست على يد أخيهاشاعر فلسطين الكبير إبراهيم طوقان، الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر، كما شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية، وأسماها «أم تمام». ثم أسماها محمود درويش لاحقاً «أم الشعر الفلسطيني».

ومع انها وقعت قصائدها الأولى باسم «دنانير»، وهو اسم جارية، إلا ان أحب أسمائها المستعارة إلى قلبها كان «المطوّقة» لأنه يتضمن إشارة مزدوجة، بل تورية فصيحة إلى حال الشاعرة بالتحديد. فالمطوقة تعني انتسابها إلى عائلة طوقان المعروفة، وترمز، في الوقت نفسه، إلى أحوالها في مجتمع تقليدي غير رحيم.‏

وقد توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعدما توفي والدها ثم أخوها ومعلمها إبراهيم، وأعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، وقد تركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين من شعرها في ديوانها الأول (وحدي مع الايام ). وفي الوقت نفسه فإن ذلك دفع فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينات.‏

سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة.‏

وبعد نكسة حزيران 1967، خرجت من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة في نابلس،فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات و الندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وسالم جبران وإميل حبيبي وغيرهم.‏

واليوم اذ نستذكر فدوى طوقان فإنما نحن في ابحار عام جديد وليس اكثر من قصيدتها صلاة الى العام الجديد مناسبة للامل والتفاؤل وان نستمد القوة من زمن هو زمن النصر والمقاومة تقول فدوى طوقان:‏

في يدينا لك أشواق جديدة‏

في مآقينا تسابيح، وألحان فريدة‏

سوف نزجيها قرابين غناء في يديك‏

يا مطلاً أملاً عذب الورود‏

يا غنياً بالأماني والوعود‏

ما الذي تحمله من أجلنا ؟‏

ماذا لديك!‏

أعطنا حباً، فبالحب كنوز الخير فينا‏

تتفجّر‏

وأغانينا ستخضرّ على الحبّ وتزهر‏

وستنهلّ عطاءً‏

وثراءً‏

وخصوبة‏

ونعيد‏

أعطنا أجنحة نفتح بها أفق الصعود‏

ننطلق من كهفنا من عزلة -‏

أعطنا نوراً يشقّ الظلمات المدلهمّة‏

وعلى دفق سناه‏

ندفع الخطو إلى ذروة قمّة‏

ندفع الخطو إلى ذروة قمّة‏

نجتني منها انتصارات الحياة‏

ولعل قصيدتها ذائعة الصيت ( لن ابكي ) تمثل ذروة الابداع مع الانسياب بغنائية حزينة هي الامل لكنها تصل الى ذروة الصرخة في وجه الطغاة مستنهضة ابناء الامة، وليتها كانت الان بيننا لترى ما الذي وصل اليه الامر، ولكنها بالتاكيد سترى ان وقع اقدام الجندي العربي السوري تصنع انتصارات مذهلة:‏

أحبائي‏

مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمعِ‏

الرماديهْ‏

لألقاكم وفي عينيَّ نور الحب والإيمان‏

بكم، بالأرض، بالإنسان‏

فواخجلي لو أني جئت القاكم -‏

وجفني راعشٌ مبلول‏

وقلبي يائسٌ مخذول‏

وها أنا يا أحبائي هنا معكم‏

لأقبس منكمو جمره‏

لآخذ يا مصابيح الدجى من‏

زيتكم قطره‏

لمصباحي ؛‏

وها أنا أحبائي‏

إلى يدكم أمدُّ يدي‏

وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي‏

وأرفع جبهتي معكم إِلى الشمسِ‏

وها أنتم كصخر جبالنا قوَّه‏

كزهر بلادنا الحلوه‏

فكيف الجرح يسحقني ؟‏

وكيف اليأس يسحقني ؟‏

وكيف أمامكم أبكي ؟‏

يميناً، بعد هذا اليوم لن أبكي !‏

.......‏

أحبائي حصان الشعب جاوزَ -‏

كبوة الأمسِ‏

وهبَّ الشهمُ منتفضاً وراء النهرْ‏

أصيخوا، ها حصان الشعبِ -‏

يصهلُ واثق النّهمه‏

ويفلت من حصار النحس والعتمه‏

ويعدو نحو مرفأه على الشمسِ‏

وتلك مواكب الفرسان ملتمَّه‏

تباركه وتفديه‏

ومن ذوب العقيق ومنْ‏

دم المرجان تسقيهِ‏

ومن أشلائها علفاً‏

وفير الفيض تعطيهِ‏

وتهتف بالحصان الحرّ: عدوا يا -‏

حصان الشعبْ‏

ونحن وراءك الفيلق‏

ولن يرتدَّ فينا المدُّ والغليانُ -‏

والغضبُ‏

ولن ينداح في الميدان‏

فوق جباهنا التعبُ‏

ولن نرتاح، لن نرتاح‏

حتى نطرد الأشباح‏

والغربان والظلمه‏

........‏

أحبائي مصابيحَ الدجى، يا اخوتي‏

في الجرحْ...‏

ويا سرَّ الخميرة يا بذار القمحْ‏

يموت هنا ليعطينا‏

ويعطينا.. ويعطينا‏

على طُرقُاتكم أمضي‏

وأزرع مثلكم قدميَّ في وطني‏

وفي أرضي‏

وأزرع مثلكم عينيَّ‏

في درب السَّنى والشمسْ‏

رحلت فدوى طوقان عام 2003 وقد تركت اثارا ابداعية شعرية ونثرية هامة... مجموعات شعرية نذكر منها:‏

- وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة،1952 م.‏

- وجدتها، دار الآداب،بيروت، 1957م‏

- أمام الباب المغلق.‏

- الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969م.‏

- على قمة الدنيا وحيدا ً.‏

- تموز والشئ الآخر.‏

- اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000م.‏

ومن آثارها النثرية أيضا:‏

- أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946م‏

- رحلة جبلية رحلة صعبة (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985م.‏

- الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، (1993) ترجم إلى Yemenbbass@qmail.com">الفرنسية.‏

Yemenbbass@qmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية