|
مجتمع ولكن نادرا ما نراها في مجتمعنا، ربما لأننا تعلمنا منذ صغرنا أن دموع الرجال لؤلؤة ثمينة، وتعلمنا أيضاً أن الرجل قاس كالصخر لا يبكي، ومع أننا بكينا صغاراً وكباراً، أو ربما ينتظرنا بكاء.
لما أحمد عبرت برأيها قائلة: إن الرجل هو الذي نسلمه المهام الصعبة والأعباء الكبيرة، ولكن هذا كله لا يمنعه من البكاء فهو بالنتيجة كائن آدمي يشعر ويتألم ويبكي مثله مثل المرأة، لكنه يحرص على ألا يراه أحد، فبكاؤه صعب ويترك بالنفوس آثاراً يصعب نسيانها، ولهذا السبب يعتقد بعضنا أنه لا يبكي، وأضافت أن دمعته في أغلب الأحيان أصدق تعبير يشعر به سواء كان ذلك حرناً أو فرحاً، وختمت بقولها بأنها تقدّر الرجل الذي يبكي رغم قوته وهنا لا تقصد الرجل الضعيف. أما مهيار إبراهيم أفادنا بقوله إن دمعة الرجل لاتُذرف بسهولة إلا حينما يحتاج الموقف ذلك ويكون الجرح كبير، فمن النادر إلا عند المعاناة من الضغوط النفسية الشديدة أو العجز أمام مصاعب الحياة وتعقيداتها و مشكلاتها الكثيرة وقلة حيلته إزاء ذلك.، فيما عبر وسيم العيد بالقول إنه قد يبكي الرجل لتخفيف الحزن العميق الذي ألمّ به جراء حادثة أو موقف معيّن، لأن البكاء راحة لكل إنسان، فالأمر سيّان بالنسبة للنساء والرجال، والهموم والأوجاع فيخرج منه الحزن ويشعر بتحسن في حالته النفسية والذهنية. هبة شعبان أشارت إلى أن العديد من النساء لا يتقبلن بكاء الرجل باعتباره حكراً للنساء فقط دون الرجال لكن يرجع ذلك إلى الدافع العاطفي عند النساء أكبر، مضيفة بأن المفاهيم السائدة في مجتمعاتنا تتجلى باعتبار البكاء ضعفاً في الشخصية وانتقاص لرجولة الرجل وكرامته التي يتميز بها . رامي سليم أوضح أنه لا يوجد رجال لا يبكون، لكن منهم من يكابر بهذا الأمر ويبكي سراً وليس جهراً، ودمعة الرجل صادقة ليست كدمعة المرأة التي تذرفها في جميع الأوقات وفي مواقف عديدة لا تستدعي ذلك سوى أنها تستعطف الرجل ببكائها لتحصل عما تريده وساعية للوصول إليه. طوني أبو سمرة أكّد بقوله بما أن الرجل رب العائلة وعمود المنزل فله عرشه ومكانته وقادرٌ على احتمال أصعب الظروف والشدائد، فالقوة والجبروت من سماته وبكاؤه أمام أحد ينقص من شأنه ،والذي بدوره يعتبر قدوة للآخرين في احتماله للمشاكل فالبكاء ضعفٌ ويشبّه بذلك بالنساء والتي تغلب على شخصيتها الضعف بالمقارنة مع الرجال حيث لايبكي في أصعب اللحظات ودمعته غالية. خليل طنجة حدثنا قائلاً أن الرجل بحاجة ماسة للتفريغ والتعبير عن حزنه كي لايصبح الوضع صعباً فالبكاء حاجة ضرورية وبالتالي يجب عدم كبتها وبذلك يشعر المرء بالراحة والسكينة فمن الممكن أن تذرف الدموع في لحظات الوداع وفراق أحباءٍ فارقونا ابتعدوا عنا باستشهادهم أو هجرتهم خارج البلاد ملك مصطفى أفادت بأن هنالك من الرجال من يتصفون بالقسوة والجلف الكبير ويصح عليهم التشبيه بالصخور والحجارة عديمة الإحساس هؤلاء يسيطروا على دموعهم في أشد المواقف حزناً وقسوة. رأي الاختصاص.. الباحث الاجتماعي رافع ديب حدثنا بقوله بأن البكاء من الناحية الاجتماعية هو عبارة عن عادات متوارثة والرجل باعتباره مركز القوة للعائلة وتقع على كاهله المسؤولية الكبرى في مناحي جمّة، لكن المرأة متقبّلة لهذا الموضوع أكثر من الرجل، فيوجد رجال يلجؤون إلى البكاء لتفريغ الشحنة السلبية المؤثرة و بالمقابل يعتبر الرجل البكاء هو عبارة عن مخزون من المشاعر والأحاسيس التي يرغب بالتعبير لانفعالاته عن طريقها ،أما من الناحية النفسية فهو مجموعة من الضغوطات والرواسب المتكونة داخل المرء وتودي نتيجة تراكمها إلى الضغط النفسي المزمن ، وتابع قائلاً بالنسبة للرجال المتسمين بالقسوة بطبعهم والجلف الكبير فإن الظروف المحيطة هي التي تحكم سواء كان مدير أو صاحب مركز ومنصب معين فيضطر أن يظهر بمظهر القوة والقسوة باعتباره قدوة للآخرين لكن هذا لايمنعه في حالة الحزن الشديد وإن كان مختلياً بنفسه من أن يذرف دموعه ويراه الناس شديداً ومتماسكاً وتحدث عن مضار عدم تفريغ الدموع عند الرجل في حال الحزن الشديد بأنه يؤثر على ضغط الدم ويدخل المرء في حالات اكتئاب شديدة لا يستطيع أن يتخلص من الحالة التي يعانيها بسهولة وفي حال عدم وجود ذلك تظهر بوادر أخرى عند الرجل ويستبدل بكاؤه بالغضب الشديد الذي له عواقب وخيمة. بالنتيجة إن الرجل إنسان قلبه ينبض بمشاعر الفرح والحزن والسعادة والكآبة، وإلى آخره من هذه الأحاسيس ولا بد له من التعبير عنها، ويمكن أن تكون الدموع أصدق هذه التعابير وتغني عن الكثير من الأحرف، فالإنسان يحزن على غال فقده، وغائباً فرح بعودته، أو حبيباً فارقه. |
|