|
معاً على الطريق فيما تبدى دور الإعلام كمحرك وصانع للأحداث أكثر من أي وقت مضى. قبل سنوات أربع كان الصحفيون العرب يتقاطرون، منفردين أو مجتمعين للتقرب من سورية ووفدها وأبنائها أينما كانوا، وكانت سورية تمثل البوصلة والمنارة والشهادة الصالحة التي يسعى الجميع للفوز ببركتها وبركة أبنائها.. وكان المعلن من جميع المواطنين العرب بأن سورية وسياستها وقراراتها ومواقفها تمثل مواقف وآراء وتطلعات الشارع العربي كلها، وللشارع العربي كله.. وكانت سورية المقياس الأمين للوقوف على وضوح الموقف من المحافظة على حقوق الأمة العربية ومقدساتها أو التفريط بها. وكانت الأحكام والتقييمات تتحدد بالتقرب من الموقف السوري أو البعد عنه. أما اليوم فإن أمام الصحفيين مرآة أخرى وهم يقفون على أرض مغايرة كما أنهم يتنفسون برئات مستجدة، ويفكرون بطرائق وافدة، ويتحدثون بلغات لا تنتمي إلى ألسنتهم وشتان ما بين الموقفين والزمنين.. فهل تكفي أربع سنوات لحصول هذا التبدل والتحول. لقد كان الإعلام قائداً للرأي الشعبي فغدا جزء من الإعلام صانعاً لموقف الجزء الآخر من الإعلام نفسه، فأصبحت محطات ووسائل إعلام محدودة وقليلة تشكل المسار المحدد ببقية وسائل الإعلام فأضحى العاملون في هذا القطاع، وفي جلهم، يسيرون من خلف قلة قليلة من أقرانهم الذين ارتضوا لأنفسهم أن يلعبوا دور الأعور الدجال ذي الألاعيب الكثيرة القائمة على الدجل والتضليل. إنه الدور الذي رسمه سياسيون محترفون وعتاة في صوغ المخططات المستندة إلى فكرة السيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية، فينفذه متخصصون وحرفيون بصدقية واهتمام دون أن يدركوا أنهم ينظرون في المرآة وينفذون في الوهم، فما يرونه بعيونهم لا يعبر عن الواقع أبداً وما يعتقدون أنهم يمسكون به بأيديهم لا يتعدى خيال صورة أحدهم في مرآة محدبة أو مقعرة فيرى انعكاسه أكبر أو أصغر من الحقيقة، وأقرب أو أبعد من الواقع. هؤلاء الذين لا يدركون أنهم ينظرون في المرآة فلا يقبضون إلا الوهم، يخسرون من ذواتهم ودواخلهم وحين يدركون الحقائق تكون الأيادي المخربة قد وصلت إلى غرف نومهم، واحتلت أسرتهم في عمق بيوتهم وممتلكاتهم وعندها لن تفيد المعرفة شيئاً ولن يكون الندم ذا نفع يرتجى. |
|