تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أموال العرب التائهة والأزمة الاقتصادية العالمية

مساحة للرأي
الأحد 14-4-2013
بقلم د. قحطان السيوفي

وردني سؤال عن طريق الانترنت حول أموال أثرياء النفط العرب ومدى تأثرها بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وخاصة في دول أوروبا الغربية ؟

بداية من المفيد الإشارة إلى أن الموجودات التي تديرها شبكة المصارف العربية بلغت في نهاية عام 2012 حوالي (2,5) تريليون دولار وهذا ما يقارب (105%) من الناتج الإجمالي العربي ....وإجمالي الودائع هذه لايشكل سوى نسبة متواضعة من الأموال العربية لأثرياء النفط التائهة في مصارف العالم التي أصابتها الأزمة المالية العالمية المستمرة منذ خريف 2008 ... لاشك أن الودائع العربية في المصارف الغربية وخاصة في المصارف الأوروبية تأثرت مباشرة بتداعيات الأزمة المالية العالمية التي لاتزال تعصف باقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي.. وإذا بدأنا بالأقرب جغرافياً أي بقبرص الجزيرة الهادئة في شرق المتوسط التي تحتل اليوم صدارة العناوين الرئيسية لعالم الاقتصاد وتقف على شفا حافة الإفلاس الاقتصادي... في قبرص عدد من المصارف العربية منها (12) فرعاً لمصارف لبنانية وهذه الأخيرة لديها حوالي (2,5) مليار دولار أمريكي من الودائع العربية. وستوجه خطة إنقاذ الاقتصاد القبرصي ضربة قاسية للودائع العربية في كل المصارف القبرصية من خلال إجراءات هذه الخطة. حيث ستطالها ضرائب باهظة كون معظم ودائع أثرياء العرب تتجاوز الـ(100) ألف يورو... الأموال العربية التائهة في المصارف الأوروبية أصيبت بنكسة كبرى من جراء الأزمة المفتوحة التي أدت إلى انهيار العديد من المصارف العملاقة في العالم.. من المناسب هنا الإشارة إلى خطأ النظرة التقليدية للمصارف على أنها فقط خزانة تودع فيها النقود, وللأسف هذه نظرة العديد من أثرياء العرب ... والصحيح أنه يجب النظر إلى الاستثمارات التي تجربها المصارف المعنية أكثر من الاهتمام بمبالغ الودائع فقط ..تداعيات الأزمة ستنعكس سلباً على الودائع العربية حيث تتقلص فرص البنوك في توسيع محافظها الاستثمارية في قبرص وفي دول أوروبا التي تتعرض اقتصادياتها للأزمة حاضراً ومستقبلاً بحيث يضيق هامش الربح المتوقع للمصارف من ناحية, وتزداد المخاطر على الوضع المالي للمصارف بسبب ضعف التنوع في محافظها الاستثمارية من ناحية أخرى .... بالرغم من الخطر الداهم الذي يهدد منطقة اليورو بالتفكك إلا أن هذا الخطر لم يصل بعد إلى مرحلة الانفجار التام, لأن ألمانيا لاتزال قادرة على المساهمة في انتشال بعض الدول الأوروبية المأزومة من هاوية الإفلاس مع الأخذ بعين الاعتبار التأثير السلبي المتبادل بسبب تشابك الاقتصاديات الأوروبية, ما ينعكس سلباً على الودائع والاستثمارات العربية. يقول (مارتن ايسر) أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة ادنبره (إذا تفاقمت الأزمة الاقتصادية في قبرص فسيتسع نطاقها إلى دول أوروبية أخرى وسيؤدي ذلك إلى انعكاسات سلبية على المصالح العربية ممثلة بالودائع والاستثمارات العربية المقدرة بمليارات في دول الاتحاد الأوروبي...), وقد اعترف وزير مالية قبرص أن بلاده أشبه بـ(كازينو)... أخيراً أقول للقارئ إن الأزمة الاقتصادية التي تجتاح دول الاتحاد الأوروبي تشكل جرس إنذار للمودعين العرب الذين نأوا بأنفسهم عن الاستثمار في العالم العربي ليحملوا أموالهم ويهرولوا بها باتجاه المصارف الغربية التي أصابتها الأزمة المالية العالمية وجعلتها تنهار أمام الأزمة الكارثة منذ خمس سنوات ولاتزال تعاني... وقد دفع وسيدفع أثرياء النفط العربي الهاربون بأموالهم ثمناً غالياً كخسائر من ودائعهم جراء التداعيات الكارثية لهذه الأزمة المستمرة...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية