|
شؤون سياسية ولاسيما البسطاء منهم في التجمعات البدوية فهي بكل تأكيد تعني ما تقول وليس من رادع يردعها، فالقوانين الدولية تضعها وراء ظهرها(وهي في الحقيقة تحابيها) وتفعل ما يحلو لها بطرح خططها المختلفة ومنها التهويدية ، وتسلط لأجل ذلك سيف الاستيطان بقصد تقطيع أوصال الأرض والإنسان. فمنذ الإعلان عما يعرف بـخطة إعادة التموضع الإسرائيلية قبل عامين، يعيش سكان التجمعات البدوية والرعوية الفلسطينيون حالة من القلق، وذلك خوفاً من أن يتم ترحيلهم وإجبارهم جميعاً على الإقامة في مساحة جغرافية صغيرة، وهو ما يتناقض مع طبيعة حياتهم البدوية. وهذا ليس بغريب عن نهج سلطات الاحتلال التي لا تفهم طبيعة الجغرافية ولا التاريخ ولا خصوصية المجتمعات والتجمعات الإنسانية في أي عصر وزمان، هو خطر حقيقي يتربص بالتجمعات البدوية والرعوية الفلسطينية كما هي الحال في كل فلسطين المحتلة التي يتربص الاحتلال بكل مكوناتها الجغرافية والبشرية. فحقيقة الخطر اليومي الذي يتربص بسكان التجمعات البدوية هو تهديدهم بالترحيل من المناطق المحاذية للمستوطنات، وهذا ما أثار سخط العديد من وسائل الإعلام والنشطاء الإنسانيين والسياسيين والصحفيين من مختلف وسائل الإعلام العربية والغربية الذين سارعوا إلى رام الله حيث المضارب البدوية في أريحا والأغوار. هذا الإجراء الإسرائيلي دون أدنى شك يأتي ضمن خطة إسرائيلية أوسع لا تعترف بالوجود الفلسطيني على هذه الأرض وتستهدف هؤلاء البسطاء بهدف إقامة المستوطنات والتوسع في المنطقة ،فحي الفهيدات على سبيل المثال لا الحصر يتعرض في قرية عناتا شمال شرقي القدس لتهديد بالإزالة بشكل كامل، وذلك بعد أن سلم موظفو (الإدارة المدنية الإسرائيلية) إخطارات هدم لمنازل فيه، ما يعني إمكانية أن يشرد مائتا مواطن فلسطيني من عشيرة الفهيدات والحبل على الجرار. هذه القرارات الصهيونية لا تجد أي حائط صد دولي أو عربي في زمن الصمت العربي المخجل والدولي المتخبط في الأوهام والتضليل ولا شيء يعوق القرارات العسكرية الإسرائيلية التي تدعو إلى إزالة حي بأكمله رغم اعتراض سكانه على قرار الإزالة الذي يكرس سياسة التهجير والتهويد، لا بل ليس من عائق أمام الاحتلال من إزالة قرى ومدن فلسطينية بأكملها إذا هاجت الشهوة الإسرائيلية التوسعية باتجاه الإلغاء لكل ما يمت للتاريخ والجغرافيا الفلسطينية بصلة تمهيدا لإحلال العناصر اليهودية من مستوطنات ومعالم يهودية مصطنعة لإقناع العالم بحق إسرائيلي ليس له على أرض الواقع أي وجود. وفي فلسطين المحتلة يدرك الفلسطينيون وهم يخوضون المواجهة وحدهم في زمن الخذلان العربي أن قرارات المحتل أمر واقع لا مفر منه لكن النضال لمقاومته واجب شرعي وأخلاقي، ويدرك سكان حي الفهيدات (كما غيره من الأحياء الفلسطينية)، الذين سيطر الجيش الإسرائيلي على معظم أراضيهم لإقامة قاعدة عسكرية عام 1978، أن المعسكر بات أمراً واقعاً لكنهم يحاولون إيجاد صيغة عبر الاحتجاج تارة والتوجه إلى القضاء الإسرائيلي تارة أخرى لتفادي تهجيرهم من منازلهم وهم يعلمون مسبقاً أن القضاء الإسرائيلي ليس سوى مؤسسة للتنكيل بكل ما يمت للإنسان الفلسطيني بصلة، ومع ذلك لا مفر من المحاولة لوضع الرأي العام في الصورة وتبيان حجم الظلم الذي يلحقه كيان الاحتلال بالفلسطينيين وهم يحاولون الوصول لحقوقهم بكل الوسائل المتاحة وحتى تلك التي لا قناعة لهم بها لكن الواقع المرير يجبرهم على ذلك، ويحيط بحي الفهيدات في ضواحي مدينة القدس معسكر للجيش الإسرائيلي بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي أقامته «إسرائيل» فوق أراضيهم في ظل إصرار للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض الخالية من السكان لتنفيذ المشاريع الاستيطانية، وفي هذا الحي نموذج لكثير من الأحياء الفلسطينية التي تنتظر الدور على لائحة الاستيطان والتهويد الإسرائيلي، فأين المجتمع الدولي والأنظمة العربية المشغولة بربيعها من كل ذلك؟ |
|