تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ملامح الإفلاس الأميركي- الخليجي في سورية

شؤون سياسية
الأحد 14-4-2013
 د.أحمد نزار الوادي

الحرب على الإرهاب التي أعلنتها أمريكا جعلت حقوق الانسان ضحية الارهاب وقد اعتبرت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي أن من أولويات الإدارة الأمريكية المبادرة استباقيا والتدخل في أي مكان بحجة التصدي لأي تهديد يعترض

أمنها كما حدث في احتلالها لأفغانستان والعراق واتسع ذلك حتى تجاوز سلطة القانون الدولي والضرب به عرض الحائط. ومايحصل في منطقة الشرق الأوسط هو أكبر دليل على رغبة أمريكا في السيطرة على العالم واحكام سلطتها على منابع الثروات الموجودة في المنطقة وإعادة رسم الخرائط الجغرافية فيها , وها هي سورية اليوم تواجه مؤامرة كونية تستخدم فيها كافة أشكال الإرهاب الذي تنجزه أمريكا وتنفذه أوروبا وتركيا وتدفع قيمته بشيك مفتوح مشيخات البترودولار السعودية والقطرية وتجني فوائده اسرائيل والصهيونية العالمية والسداد يتم من دماء الشعب السوري ولم تخف أمريكا أهدافها الكامنة من وراء عدائها لسورية وسعيها لتدميرها إذ ذكرت أمريكا بوضوح أن الهدف من ذلك كسر محور المقاومة للمشاريع الأمريكية في المنطقة وإذ تنكرت أمريكا لتعهداتها في مؤتمر جنيف ومجلس الأمن وتنصلت من هذه التعهدات مرة أخرى وتجاهلتها بالتذرع أن الموقف الأمريكي ينطلق من الحرص على الشعب السوري الذي اختصرته بالعصابات المسلحة الموجودة في سورية وهو مايشكل دليلا واضحا على انحياز أمريكا لمرتزقتها من الارهابيين وعناصر القاعدة التي تدعي محاربتها لهم فسلسلة الانفجارات التي هزت دمشق لم تكن من قبيل الصدفة فقد تزامنت مع تقدم المشاورات بين الحكومة وممثلي المعارضة السورية لايجاد أرضية مشتركة لبدء الحوار الوطني السلمي وهذا لم يرق لأمريكا واتباعها في المنطقة.‏

ففي الوقت الذي كان هناك احتمال لبدء اتصال مع المعارضة من قبل الوسطاء الدوليين في القاهرة وموسكو وفي ميونيخ ودافوس والتي كونت مضمونا حقيقيا يمكن الاعتماد عليه لبدء الحوار المباشر تسارعت وتيرة هذه الانفجارات في دمشق من خلال القيام بالأعمال الارهابية وكذلك استهداف الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمستشفيات بقذائف الهاون التي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين معظمهم من النساء والاطفال , فهذه الممارسات الارهابية كانت من طبيعة موغلة في الوحشية والإجرام حيث استهدفت الطفل البريء والتلميذ على مقعد الدراسة كما استهدفت العامل والموظف والمنطلق مع الصباح من بيته ليساهم في تحريك عجلة الحياة,واستهدفت الطبيب والمريض في المستشفى وقد فعلوا ذلك لأنهم ضد الحياة والعلم والحضارة لأنهم طلاب قتل وتدمير وتهجير...هكذا ضللوا وهكذا خدعوا فانساقوا كالقطعان وعملوا كالذئاب وكانت البراءة والمدنية من أهداف جرائمهم,فتنفيذ مثل هذه الأعمال الارهابية كان في ضوء الدعم اللوجيستي للمعارضة من قبل مشيخات البترودولار السعودية والقطرية من خلال مشاركة تركيا بتقديم امدادات مباشرة إلى الجماعات المسلحة من مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك المتفجرات , وإن معظم هذه الأسلحة وقعت في أيدي الارهابيين المتطرفين الأصوليين التكفيريين تحت غطاء محاربة سورية في محاولة لخلق خلافة اسلامية في سورية والتي سيتم استخدامها من قبل المنظمات الارهابية الدولية بما في ذلك تنظيم القاعدة وبالتالي فإن هذه الأسلحة التي تقدمها كل من السعودية وقطر وتركيا يستخدمها الارهابيون التكفيريون في جرائمهم الارهابية ضد الشعب السوري وإن تصعيد الأعمال الوحشية ورفع مستوى سفك الدم السوري جاء ترجمة فعلية لسياسات الدول الغربية والصهيوأمريكية والإقليمية التي ترعى الارهاب وتموله كما أن هذه الأعمال الارهابية تلقى كل الدعم والتشجيع من السعودية وقطر وتركيا حيث يتجلى ذلك في الدعوات المستمرة التي يعمل على تنفيذها حكام السعودية والتي تشير إلى ضرورة تسليح الارهابيين بينما حكام قطر يقدمون مليارات الدولارات من أجل مواصلة الأعمال الاجرامية وتركيا تسهل عبور المرتزقة إلى الأراضي السورية بعد تدريبهم على كافة أنواع أسلحة القتل والتدمير الأمر الذي يشير إلى أن أعداء سورية مسؤولون بشكل مباشر عن سفك الدم السوري مايكشف حجم المؤامرة الكونية التي تستهدف سورية أرضا وشعبا .‏

وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي فقد خالفت جامعة الدول العربية ميثاقها ونظامها الداخلي وضربت عرض الحائط بكل القوانين والشرائع الدولية ولاسيما فيما يتعلق بعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول وذلك عبر اتخاذ قرارات تسمح بتشريع الإرهاب وبث الفوضى وذلك بعد فشل جهود الجامعة الحثيثة في استصدار قرار من مجلس الأمن يتيح التدخل العسكري في سورية,مما يدل على أن مشيخات قطر والسعودية هما وراء قرارات الجامعة ضد سورية وشعبها وتتحملان مسؤولية سفك الدم السوري ومايحدث في سورية من أحداث عنف وقتل وتدمير كما تشكل هذه القرارات بمثابة إعلان حرب على سورية ونشر ثقافة قانون الغاب والمؤامرات ومعاقبة الدول التي لا تسير في ركب السياسة الأمريكية والغربية الاستعمارية الأمر الذي يشير إلى أن كلاً من قطر والسعودية اللتين تحاولان ادخال جيران سورية إلى لعبتهم القذرة وذلك من خلال تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة كذلك من خلال استخدام نفوذهم الاقتصادي للضغط على عمان وبغداد ليصبحوا مشاركين نشطين في التحالف المناهض لسورية .‏

مثل هذه الأعمال العدوانية لمشايخ البترودولار لاتكون عادة بدون غطاء دبلوماسي من واشنطن,فمنع ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الروسي الذي يدين التفجير الارهابي في حي المزرعة بدمشق في 21شباط 2013 ما هو إلا دليل واضح على استمرار أمريكا لسياسة الكيل بمكيالين وهذا دليل آخر على وجود تنسيق بين واشنطن والرياض والدوحة في تنفيذ خطط مشتركة لتعطيل محاولات التوصل إلى تسوية سلمية في سورية,وبالتالي فمن المؤكد أن هذه الخطوة التصعيدية ضد سورية وشعبها جاءت نتيجة اتفاق أميركي صهيوني مع مشايخ وأمراء النفط الخليجي فالمعلومات التي سربت من جولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى كل من السعودية وقطر وكذلك جولة أوباما إلى المنطقة تشير إلى أن العملاء تلقوا أوامر بتسليح الجماعات الارهابية وقد ظهر ذلك أيضا في تصريحات وزير الخارجية السعودي والحمدين القطريين الكبير والصغير حول ضرورة تقديم السلاح إلى الجماعات التكفيرية الوهابية التي تقوم ببث الفوضى وارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر بحق المواطنين الآمنين الأمر الذي يفسر هرولة قطر والسعودية إلى الجامعة العربية المختطفة واتخاذ قرارات كهذه وذلك لإيجاد غطاء سياسي عربي على جرائمهم بحق الشعب السوري وتورطهم في سفك الدم وإضعاف سورية إرضاء لأوامر الأميركي الذي يسعى إلى إثارة الصراعات المذهبية والدينية عبر عملائه من أجل إسقاط المنطقة عموماً وسورية على وجه الخصوص باعتبارها الداعم الأساس لمحور المقاومة والممانعة وبالتالي تنفيذ المشروع الأميركي الصهيوني المسمى الشرق الأوسط الجديد مايعني القضاء على أي تشكيل سياسي في المنطقة يقوم على أساس العداء للسياسة الأميركية والعدو الصهيوني وهذا بعيد المنال عنهم , فما يقوم به اعداء سورية لاضعافها والنيل من مواقفها الوطنية عبر اعمال ارهابية اجرامية تستهدف المدنيين لن تثني الشعب السوري عن مواصلة تصديه للمؤامرة الكونية والعمل على افشالها ولن تزيده هذه الأعمال الارهابية إلا عزيمة وقوة واصرارا على الالتفاف حول قيادته وجيشه البطل الذي يواصل ملاحقة فلول الارهابيين والعمل على استئصالهم مؤكدا بذلك أن مساندته ودعمه لجيشه البطل خير رد على الإرهاب والمتآمرين ولتبقى سورية وشعبها ارادة حياة وفعل انتصار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية