تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فـي يــوم الجـــلاء.. بــــــدوي الجبـــــل:اليوم يومكم .. الأرض للوائكم والسماء لشهدائكم

ثقافـــــــة
الأحد 14-4-2013
 يمن سليمان عباس

الأرض الوطن عبق لايعرفه إلا الذين رووه بدمائهم من أجل حريته وكرامته، لقممه شموخ لايراها إلا الذين يحلقون في سماء الكبرياء، ولمائه نكهة الخلود وصفاء الدهر وسرّ الوجود.

للوطن كل النذور وقرابين مهما كانت كبيرة فإنها ترخص من أجل حريته، وأي وطن أسمى وأرقى وأنقى من سورية بلاد الشمس وعطر الحضارة،‏

توجه أبناؤه بنصرهم على كل الغزاة وكان آخرهم الفرنسيون الذين دحروا وكان الجلاء العظيم الفرحة الكبرى التي لاتدانيها فرحة ونقطة تحول في تاريخ المنطقة كلها ومن الطبيعي أن يغمس الأدب ريشته بهذا النصر العظيم، فما من شاعر أو مبدع إلا وكان الجلاء نبض إبداعه سواء عاصره أم لا، شهد وقائعه أم أتى بعده، فكيف بالذين عاشوه نضالاً وإنجازاً ماذا قالوا كيف عبروا عن هذه الفرحة؟!.‏‏

بدوي الجبل واحد من أهم الشعراء العرب هو شاعر الجلاء بلامنازع له في الجلاء مالم يسبقه إليه أحد من الشعراء، له النثر والشعر، في اليوم الثاني للجلاء وقف خطيباً في ساحة الشيخ ضاهر في اللاذقية وألقى خطاباً من دُرر النثر العربي، ولندع الخطاب يظهر معانيه:‏‏

أيها الشباب أيها الإخوان سادتي: هذايوم القومية العربية لايوم إسلامية ولانصرانية هذا يوم الأمة مجتمعة قوية لايوم طائفية ولا إقليمية، هذا يوم سيد العرب محمد بن عبد الله الذي أنشأ قومية العرب وتاريخ العرب ودنيا العرب، هذا يوم محمد بن عبد الله الذي خلع جلال القومية على جلال الإسلامية فقال أنا عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي، هذا يوم عيسى بن مريم الذي رمز إلى سمو الإنسان والنصر بالاستشهاد على الطغيان فلا أدري وهو يدعو إلى الإخاء ويمسح دموع الضعفاء أكان هدية السماء إلى الأرض أم هدية الأرض والسماء وبارك الله في الديانتين الشقيقتين الإسلامية قوة وإيماناً والنصرانية رحمة وحناناً.‏‏

هذا يوم الفاروق الأكبر عمر مزلزل الظلم والظالمين وهازم القياصرة والفراعين هذا يوم عمر الذي تحدى الطغيان في كل زمان وفي كل مكان فجلجل صوته يعصف بالظالمين المتأخرين منهم والمتقدمين: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً فيا أمير المؤمنين أشرق في الأفق الأعلى لترى كيف تحديناالفرنسي وحديده وعدته وعديده وكيف جلجل صوتنا في سمع الدنيا وبصرها: أيها الفرنسي أيها الظالم الغاشم متى استعبدتنا وقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً، ثم كشفنا لرصاصه صدورنا، ولحرابه نحورنا حتى سلم له خزيه وعاره وسلمت لناحريتنا وكرامتنا.‏‏

اليوم يوم خالد بن الوليد والغطاريف الميادين من إخوانه فيا سيف الله وياسيف رسول الله لقدانزلت راية القياصرة عن هذه الديار الشامية ونحن اليوم ننزل راية الفرنسيين عن كل قلعة وثكنة وعن كل مدينة وقرية ثم نرميها في أمواج هذا الأزرق الرجراج لنغرقها في أذية المندفع كما أغرقنا قبلهاراية الأكاسرة وكما أغرقنا قبلها راية القياصرة وكما أغرقنا قبلها راية الأتراك اليوم يومك أيهاالرئيس الزعيم وهو يوم إخوانك المؤمنين: من كتب الله له البقاء ومن كتب له سعادة الشهداء فلقد والله تقدمتم الصفوف وتحديتم الحتوف وكلما سقط شهيد منكم أسلم اللواء لشهيد حتى ولم يبقَ من اللواء وهو يرتفع إلى السماءإلا مزق من الدماء.‏‏

اليوم يومكم أيها الشهداء ألا ترون الراية البغيضة وقد نكست ودياركم وقد طهرها الدم فما تدنست اليوم يومكم أيها الشهداء، فقد بينتم نهاره من إبائكم وليله من شفائكم وفجره الأحمر من دمائكم، ولقد انتقم الله لكم والله عزيز ذو انتقام،أما رايتهم فقد طويت وأما صولتهم فقد محيت (ماظننتم جلاءهم ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لايحتسبون وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار).‏‏

اليوم يومكم يا أهل الشهداء زغردن يا اخوات الشهداء زغردن يابنات الشهداء زغردن يا أمهات الشهداء فعروس الجلاء غالية حسناء، وقد أعطى الشهداء صداقها من أرواحهم وسكبوا العطور عليها من كلومهم وجراحهم.‏‏

اليوم يومكم أيها الشباب لقدقال لكم الفرنسي إن العزة لي فقلتم له خسئت إن العزة لله ولرسوله وللوطن وللمؤمنين وقال لكم الفرنسي أنا القوة القاهرة فقلتم له خسئت نحن قوة الله في هذه الأمة وقوة الله هي الغالية الظافرة، ثم ابتدرتم المعركة تخوضون نقعها الأكدر وبلاءها الأحمر هاتفين الله أكبر الله أكبرفتردد الدنيا الله أكبر الله أكبر.‏‏

هذا يومكم أيها الشباب، لقد كنتم الآمناء على أمجاد العرب وتاريخ العرب فما شغلكم الصبا الريان عن مكافحة الطغيان ولاصرفتكم الواجبات المدرسية عن الواجبات القومية.‏‏

أيها الشباب أيها الملائكة الأطهار لقد كنتم في تاريخ الثورة القومية كفاحاًوجهاداً وستظلون لتاريخ أمتكم بقاء وسعة وامتداداً.‏‏

هذا يومك أيتها المرأةالعربية لقد قربت البنين على مذبح الاستشهاد ضاحكة مستبشرة وقبرت بيديك الحنونتين صدعي الحرية من الأزواج والبنين وأنت مهللة مكبرة، فيا زينب أميرة تدمر وياخولة بنت الأزور أن المرأة العربية في هذا الجيل ليحمل منكباها الإرث النبيل والمجد الأصيل، هذا يومك أيتها المرأة النصرانية فيك اشراق، وإيمان وفروع منضرة من غسان والإسلامية فيك ليست مجرد شريعة ودين بل شريعة وقومية ويقين.‏‏

اليوم يومكم أيها العرب، الأرض للوائكم والسماء لشهدائكم. هذا الخطاب الرائع لشاعر مبدع أعطى الوطن كل إبداعه يتغنى به ليس هو النص الوحيد الذي قدمه بدوي الجبل بل نشير إلى مافي ديوانه من روائع خلدت الجلاء وتغنت به مثل قصيدته جلونا الفاتحين وقصيدة ياسامر الحي وقصيدته عيد الجلاء وغيرها Yomn.abbas@gmail.com ">كثير.‏‏

Yomn.abbas@gmail.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية