تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الجلاء.. انتصار إرادة وتجسيد لمعنى الوحدة الوطنية

مجتمع
الأحد 14-4-2013
رفيق الكفيري

لم يكن جلاء المستعمر الفرنسي عن تراب الوطن ليتحقق لولا سنوات طويلة من الكفاح الوطني ،فما أن دخل الاستعمار الفرنسي بلادنا حتى اشتعلت ارض الوطن بالثورات ، فكانت ثورة الشيخ صالح العلي الصرخة الأولى في وجه المحتلين الفرنسيين

في المنطقة الساحلية الذي أدار المعارك ببسالة وشجاعة كبيرة ، وجاءت ثورة البطل إبراهيم هنانو في جبل الزاوية مسطرة صفحة ناصعة من النضال الوطني وشهدت مدينة حلب وريفها ومدينة ادلب وريفها ضروبا نادرة من البسالة والشجاعة والبطولة في مواجهة المحتلين وامتدت الثورة لتشمل غوطة دمشق وسهول حوران وهضاب الجولان ومناطق حمص وحماه ودير الزور‏

،ولا ننسى المناضلون الأشاوس بقيادة الشهيد يوسف العظمة عندما تصدوا بأجسادهم وإيمانهم وأسلحتهم البسيطة للدبابات والطائرات في ميسلون وقاوموا المحتل حتى كتب الله لهم الشهادة ،بحيث لم تبق بقعة من أراضي سورية إلا وشهدت معارك وملاحم بطولية ضد الغزاة المستعمرين ،ومن جبل الرب الشامخ شموخ هذا الوطن وفي عام 1925 انطلقت الشرارة الأولى للثورة السورية الكبرى بقيادة البطل سلطان باشا الأطرش لتشكل محطة نضالية كبرى على طريق مقاومة الاحتلال الفرنسي وتحقيق الجلاء ، الجلاء الذي نحتفل اليوم بذكراه السابعة والستين نستنهض ذاكرة التاريخ لتروي لنا عن بطولات الأجداد الذين رسموا ملامح الجلاء الذي ننعم وكرسوا المعاني الحقيقية للوحدة الوطنية التي نعتز ونفتخر بها ،فعندما نقلب صفحات التاريخ يندرج اسم المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش علما من أعلام الثورة السورية الكبرى ورمزا كبيرا من رموز النضال الوطني ومدرسة في الوطنية ومثال أعلى في الجهاد والصبر والاستقامة، في سيرته عبق الرجولة والشمم والإباء ، ولد في بلدة القريا عام 1888 وهو ابن الشهيد ذوقان الأطرش الذي أعدمه الأتراك مع بعض الزعماء من الجبل شنقا بدمشق عام 1910 ،وتربى في مدرسة الجبل على حب الوطن والذود عن حياضه ،جاهد طيلة حياته التي بلغت احدى وتسعين سنة بهمة قوية لا يساوم على الكرامة والحرية ولا يستسلم لإرادة البغي مهما كانت عاتية ،وكان شغوفا لسماع أخبار معارك أهله ضد الاستعمار التركي والقصائد الشعبية التي تهاجم الأتراك وتحذر المواطنين من غدرهم وعارض بقوة الانتداب الفرنسي وثار في 21 تموز عام 1922 بسبب خرق الفرنسيين لحرمة الضيافة وأخذهم لضيفه ادهم خنجر ، ومنذ إعلان الثورة السورية الكبرى ومبايعة سلطان الأطرش قائدا عاما لها وجه قائد الثورة السورية عددا من البيانات شدد فيها على الوحدة الوطنية ومواصلة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي ، وقد جاء في بيانه الأول إلى السلاح إلى السلاح يا أحفاد العرب الأمجاد ،هذا يوم ينفع المجاهدين جهادهم والعاملين في سبيل الحرية والاستقلال عملهم .... أيها السوريون لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطى ،فلنأخذ حقنا بحد السيف ولنطلب الموت توهب لنا الحياة ..... ولنكتب مطالبنا المشروعة بدمائنا الطاهرة كما كتبها أجدادنا من قبلنا إلى السلاح والله معنا والإنسانية معنا ولتحيا سورية حرة مستقلة . ولا ننسى المجاهد البطل عقله القطامي كواحد من رجال التاريخ الأبطال والذي ولد في قرية خربا عام 1889 وكان لشخصيته شان كبير في المواقف الوطنية تربى في جبل العرب وأصبح صورة حية لأخلاق بيئته وكان في مقدمة الذين لبوا نداء الثورة السورية الكبرى واندفع إليها مع رفاقه الثوار ليخوض معاركها ويتحمل شدائدها دون أن تنطلي عليه حيل الاستعمار ودسائسه بين صفوف المواطنين تارة باسم الطائفية وتارة باسم الإقليمية الضيقة وكان يقف دائما وبإصرار مع قائد الثورة سلطان باشا الأطرش إلى جانبه الأيمن وذلك إمعانا بالرد على دعاة الطائفية التي غزاها الاستعمار الفرنسي للإخلال بالوحدة الوطنية ،خابت آمال الفرنسيين في هذا الثائر الوطني الذي حذر الجنرال غورو بقوله/ ان الدورة الدموية التي تسري في عروقنا ليست فرنسية ولا بريطانية إنها عربية المنبع / وسجلت أحاديثه صفحات مشرقة يوم كان يجيب عن الدوافع التي حملته على امتشاق سيف الجهاد في سبيل أمته وبلاده فيقول :انني اعتز بقوله تعالى /إنا أنزلناه قرانا عربيا / وبما نسب إلى الرسول الكريم /أنا عربي والقران عربي ولسان أهل الجنة عربي / إن العروبة هي روح الإسلام والقومية العربية تعززت وتشرفت بالإسلام .‏

وذكرى الجلاء التي تعود بالذاكرة إلى سطوع شمس الحرية والاستقلال قبل أكثر من ستة عقود من الزمن تستدعي من جميع أبناء الوطن اليوم استلهام دروس ذلك النصر وعبره النضالية وشحذ الهمم ورص الصفوف للحفاظ على المعاني والدلالات السامية للجلاء والوقوف صفا واحدا في التصدي للمؤامرات التي يتعرض لها الوطن من كل حدب وصوب والتي تهدف إلى إعادتنا إلى عصور الجهل والتخلف والانتداب وفرض الوصاية علينا ومصادرة قرارنا المستقل والنيل من نهجنا المقاوم لكل المشاريع الاستعمارية ولكن هيهات منا الهزيمة فبهمة جيشنا الباسل وشعبنا الأبي الذي صنع الجلاء ستتحطم كل المؤامرات ويبقى الق الجلاء ساطعا‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية