تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدول "الميكرونية " وطحالب الأمم

الافتتــاحية
الأحد 14-4-2013
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

سيكون من الصعب ملاحقة الشروخ التي تحفرها المحاولات المحمومة في كواليس المنظمة الدولية، حين ترسم قوساً من التأزم الذي يرتد مزيداً من المهاترات في السياسة الدولية،

وعندما تضيف مساحات متخمة من البقع الداكنة على سجل الأمم المتحدة التي تواجه مأزقاً لا يقتصر على أبعاده السياسية، بل يمتد ليشمل جوانب اخلاقية كانت من منسيات العقود الماضية.‏

وسيكون أصعب أيضا الاستمرار في الصمت على الالتواءات الحادة التي تواجهها الدول والمنظمات والأخلاقيات السياسية في زمن يطغى عليه النفاق، وتحدد وجهته بضع دويلات نشأت على هامش الوجود الدولي وتورمت في سياقات سياسية أوصلتها إلى مطارح فضفاضة عليها، وأوكلت إليها أدوار لا تعترف بالجغرافيا ولا تعرف التاريخ ولا تحتكم للحضارة، ورسمت عبرها مفازات صعبة وأحيانا مستحيلة.‏

ما تعده تلك الطحالب العائمة على دولارات نفطها، وما تحضر له لا يقتصر على خرق الميثاق، ولا يكتفي بتجاوز أبسط قواعد المنظمة الدولية، بل يمثل استهتاراً غير معهود بما تجره من عواقب، وما تعنيه من اختلال في قاموس العهدة السياسية المؤتمنة عليها الأمم المتحدة.‏

ربما لا تصلح العناوين بما تنطوي عليه من متناقضات لتعكس ما في التفاصيل من مفارقات، لكنها تكفي في مجمل الأحوال لترسم الصورة التي يراد لها أن تحاكي مفاهيم البشرية في القرن الحادي والعشرين الذي تحدد اتجاهاته وتفتعل حروبه وانقساماته تلك الميكرونيات الطحلبية التي لا تكاد تلمس وجودها على خارطة الحدث إلا بما تؤديه من ادوار ووظائف انتشت على مدى عقود خلت بعد تسمينها من المسار الغربي بمفاهيم طغت وباتت المسلمة الوحيدة في عصر الانكسارات.‏

كواليس المنظمة التي كانت شاهدة في عهود غابرة على مكائد السياسة ومشاهد اصطياد الدبلوماسية تستمر في حضورها أيضا كشاهد لكن بمنطق الغارق في اوحال ما استحضرته تلك الطحالب وما تستولده من سوابق في العهد الدولي بحلته التي تتنازع العودة إلى عصر ماقبل حروب الردة بياقتها العصرية، ومكونات التصارع الحاد على مسلمات العهود البائدة بما تستلزمه من ادوات نخاسة على مقاس المشيخات والمماليك ومستحدثي أحلام الامبراطوريات البائدة، وهي التي استنسخت طحالب تشابهها على امتداد بقاع المعموره!!‏

هكذا تستجر الأعراب ومشيخاتها المستنسخة في كواليس المهمات الدولية، الأمم المتحدة إلى ما عجزت عنه في جامعتها، وترمي في سلتها ملفاتها المستعرة وأوراقها المندسة التي استنفدت أغراضها، وفاحت منها رائحة الضغينة، وأحيانا مشاهد البؤس السياسي، لتعويض فقاعة تلاشت قبل أن تتمكن من تحريك المياه الراكدة بجوارها السياسي والدبلوماسي، وبخزائن ما فيها من مواثيق دولية وعهود عالمية .‏

فلم تكتفِ بما أقدمت عليه في جامعة أفقدتها هويتها وذهبت بها إلى المجهول، بل تحاول أيضا أن تستنسخ التجربة بالمعيار ذاته وعلى المقاس نفسه في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحاكي أوهامها التي ما برحت تجرها من مغطس إلى آخر وتحل الخراب حيثما وطأت يدها وفي أي مكان انسلت إليه أصابعها.‏

الاستقواء «الميكروني» يطرح الإشكال من بابه الواسع، ويعيد رسم إحداثيات المشهد الدولي على طاولة النقاش، حيث تستدرج خطوات مشيخات الخليج، وأبواق النخاسة السياسية محاضر جلساتها نحو تعويض ما عجزت عنه بالإرهاب تسليحا وتمويلا واحتضانا وإنتاجا لتطرح البديل في أدراج استوطنته بواطن الميكرونيات في نسختها الخليجية التي تقود إليها في زمن يفتقد هويته ويبحث في الكواليس عن ألوانه التائهة عن مفازات خرجت لتوها من منطق التاريخ.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية