تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يعيشون خارج العصر ....

آدم
الاربعاء 4/7/2007
حين يعيش الرجل في زمن غير زمانه , ولا يعجبه أي شيء مما يراه في الحاضر , لا يجد سبيلاً إلا فرض ذلك على زوجته وأولاده ...

وخصوصاً إذا كان يحن دوماً إلى الماضي الجميل , ويرفض التعايش مع الواقع الجديد بكل معطياته , فالغناء بعد أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز , لا طعم له , أما صرعات الأزياء فتصيبه بالاشمئزاز ما يجعله في حالة خلاف دائم مع أبنائه وزوجته ... التي قد تضطر للوقوف إلى جانب الأبناء كما تفعل غالبية الأمهات .‏

فلماذا يرفض بعض الرجال معطيات هذا العصر ?‏

ولا يتعاملون مع مفرداته ?‏

وما الأسباب التي تدفعهم لفرض رأيهم وذوقهم على جيل يريد أن يعيش حياته كما يحب ??‏

يقول أحمد طه /أعمال حرة/ : ليس في هذا الزمن العجيب ما يفرح القلب , أو يسر الخاطر , لذا أفضل أن أعيش على أصداء وذكريات الماضي الجميل , لقد عشنا شبابنا في العصر الذهبي , وليس في مقدورنا أن نتفاعل مع زمن الهمبرغر وأغاني /التيك أواي/ صحيح إنه زمن بلا طعم ولا لون ولا رائحة , وشباب بلا هوية , يجاري صرعات الموضة ...‏

ويوافقه الرأي وليد حسن /تاجر/ يقول : اسألي أي شاب حتى عمر الثلاثين عن رموز الثورات العربية وشخصيات النضال الوطني , أو شعراء زمان , ومطربي الفن الأصيل سيرد عليك باستهزاء (ومين حضرتو) إنه عصر يلغي ماضينا وذكريات حياتنا , لذلك أن أشعل حرباً علنية وبلا هوادة على كل مفردات هذا العصر ولن أتنازل , رضي الأبناء أم أبوا , حتى لو اعتبروني أعيش خارج العصر ... فأنا أرفض السهر خارج المنزل , ولا أسمح بالأغاني الهابطة في منزلي غربية كانت أم عربية ...‏

وأنا أفرض على أبنائي سماع الطرب العربي الأصيل وقراءة الشعر ليتحسن ذوقهم وإحساسهم .‏

ولا يخجل /سعيد جبري/ من الاعتراف أنه رجل تقليدي ومتمسك بالماضي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى يقول : أنا لا أحب الحال /المايلة/ لذلك أختلف مع أبنائي في كثير من السلوكيات , وأعتبرها غير مناسبة , بينما يرونها أكثر من عادية بسبب مجاراتهم العصر الذي يستوحي قيمه ويستنبط أفكاره من وسائل الاتصالات وتعدد الثقافات .‏

لذلك فهم مضطرون لمشاهدة القنوات الملتزمة معي وسماع أغاني الطرب , رغم يقيني أنهم يشاهدون ما يحلو لهم في غيابي .‏

ومن جانبه يبرر /قيس الشواف/ سرّ تمسكه بالماضي قائلاً : الإنسان ابن بيئته ولا يتغير الطبع بتغير الزمن , لذا من الصعب أن أجاري هذا العصر الذي اختلط فيه الحابل بالنابل , ويجمع بين الغث والسمين وخلافي مع أبنائي حول بعض السلوكيات الحديثة يذكرني بشبابي , حين كنت أقوم بأشياء لا تعجب أهلي في ذلك الوقت , لأنهم اعتبروها بدعة , والآن التاريخ يعيد نفسه .‏

وأنا أرفض سلوكيات صرعات الموضة وأنفر منها ولا أسمح لأبنائي بالركض وراء هذه الأزياء التي تجعل الرجال أشبه بالنساء ...‏

وعن السلوكيات التي يرفضها الآباء أيضاً يتحدث /خالد المعتصم/ يقول :‏

ربما يتهمني أولادي بالتحجر لكنني أطنش الأمر وأرى أن من موجبات إدارة العائلة التمسك بأخلاقيات وسلوكيات لا يجب أن يلغيها تطور العصر ..‏

وأنا لا أسمح للأمور أن تتجاوز حدها تحت ستار الحداثة , مثل السهر خارج المنزل , أو التعرف إلى أصدقاء لا أعرفهم , وأحاول جاهداً تهذيب ذوقهم الفني وأدفعهم لسماع أم كلثوم وفيروز بدلاً من /بريتني سبيرز/ وغيرها من موجات الغناء الغربي الهابط ...‏

ويشير خالد إلى أن أبناءه قد يزعلون قليلاً بسبب اختلاف وجهات النظر , لكنهم يتراجعون ويتفهمون موقفه لأنهم يحبونه ويعتبرونه المثل الأعلى حتى ولو كان رجلاً دقة قديمة .‏

ولا ينكر /مهند القيسي/ موظف : أنه يفضل العيش على هامش الزمن الماضي , على الرغم من مواكبته العصر الحالي , التي تحتم عليه في بعض الأحيان التفاعل مع المظاهر الإيجابية منه , لكنه في الوقت نفسه لا يفرط بأي حال من الأحوال , بالثوابت التي يعتبرها جزءاً من حياته ,‏

يقول : لا أشعر بالذنب حين أفرض هذه الثوابت على عائلتي , لأن ما تعلمته من السلف ظل محفوراً في ذاكرتي , ولا أعتقد أن أولادي سيشعرون بالغضب إذا منعتهم من سماع الأغاني الهابطة , أو استبدلت /سيديهاتهم/ الغربية , بأخرى تحوي أغانيٍ أصيلة ... أو إذا رفضت فكرة التشبه بالمطربين الغربيين المنحرفين , لأنني أريد منهم الالتزام في حياتهم , حتى ولو شعروا بنوع من القسوة .‏

ولا يشعر /عبد العزيز حمدان/ بأي نوع من فقدان التوازن , لأنه يعيش بكل أحاسيسه مع ذكريات الزمن الماضي , ويرفض الخروج من هذا الجلباب , على الرغم من نظرة الآخرين إليه , بمن فيهم أفراد أسرته أنه رجل تقليدي يقول :‏

لا أرغب بأي حال من الأحوال أن أنتقل نقلة نوعية تفرض عليّ الكثير من التنازلات , التي لا تناسب تركيبتي الشخصية والنفسية , ومثلما يرفض شباب اليوم الكثير من القيم المجتمعية الموروثة من الزمن الماضي , فأنا أيضاً لا أقبل التنازل عن معتقداتي وإيماني العميق بأن هذا الزمن لا يحمل في حناياه أي محتوى إيجابي ولا أي مؤشر يدل على مستوى العمق الفكري , وأتمنى أن ينسلخ أبنائي عنه , رغم الإيجابيات التي يحدثوني عنها , ولا أخفي سراً أنني أفرض على أبنائي التقيد بلائحة ممنوعات تتضمن , الأغاني الهابطة والسهر خارج المنزل ... والابتعاد عن الأصدقاء غير الملتزمين بالعادات ...‏

ترى هل أنت رجل /دقة قديمة/ مثل هؤلاء ..??‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية