|
ملحق ثقافي وما اضطرني إلى أن أغير رأيي، هي رواية جعلتني أقول بحماس: هذه رواية فعلاً! بل رواية ممتازة. إنها رواية «بابا سارتر» للروائي العراقي علي بدر. ومنذ قراءتي لهذه الرواية، أصبح علي بدر مسؤولاً عن توريطي – بسرور طبعاً - بقراءة باقي أعماله الروائية، وهذا لأنه أثبت جدارة فائقة في القص، وحرفية عالية في التكنيك، إضافة إلى عمق الأفكار التي تناولها، والتي منحت الشخصيات جسداً متحركاً في فضاء العالم الذي أعيشه. «بابا سارتر» فصل من جحيم عدن عربي في مرحلة الستينيات. أفكار متناثرة في أجساد واهنة، أفكار حول التغيير، يتم تناقلها في كل مكان، وتستوطن في عقول كثيرين، من دون قدسية لا للأمكنة ولا للأشخاص. وحتى الأخ سارتر فإنه يحضر مع دوبوفوار ومع غثيانه، في البيوت والحانات والشوارع. يدرك علي بدر أن الأفكار لم تكن مهمة – بالنسبة إلى رهط المثقفين - بقدر الشخصيات التي أنتجتها، وها قد حضر سارتر بعينه الزجاجية وغليونه، ولكنه لم يكن موجوداً أبداً بأفكاره الوجودية العملاقة. إنه جيل متشظّ واستعراضي ومهووس بإثبات وجوده، ولكنه ضلّ طريقه، ووصل إلى نهاية مأساوية. إن هذا العمل الفني المحاك بطريقة متماسكة وذكية، يدلّ على ثقافة علي بدر، وعلى قدرته الكبيرة في تشريح الواقع العربي، وعلى اتساع مساحة رؤيته إلى ما بعد الكولونيالية. ولذلك فإنني سأكرر ما قالته صحيفة النيويورك بوكس ريفيو عن عمله: «إنه عمل عالمي بامتياز». |
|