|
دراسات وحقيقة ما جرى داخل سورية، وفي محيطها الإقليمي، وعلى الصعيد الدولي كذلك. وما زلنا نتذكر الأهداف السياسية الأولى التي طرحها الغرب المتصهين لكي يسوّق لبرنارد ليفي كذبة «الربيع العربي» الذي لم يكن سوى الخراب الأمروصهيوني المتعمّد والمخطط له للدولة الوطنية السورية باعتبارها لا تتخلّى عن سيادتها، وقرار استقلالها ووحدة أراضيها وشعبها، وتنشر هذه الإرادة إلى الأفق القومي العربي بما يجعل منها دولة العرب دوماً لا دولة فقط في المجموعة العربية. وعلى أساس من احتلال سورية دوماً للموقع العربي المقاوم للمخططات الجيوسياسية الأمروصهيونية، وحث النظام العربي على أن تبقى ثوابت السياسة العربية ممثلة للمصالح القومية العليا للعرب وما في هذا الموقع من رفض لإرادة الاستعمار الجديد في بلادنا، ومن تحصين للموقف العربي في وجه المشروع الصهيوني المدعوم إمبريالياً، وأعرابياً، ولدى الدول والممالك التي تدّعي الإسلام ولا تعمل بسننه القومية التحررية بل توظفه لحماية مقدساته في الأماكن التي أنزله الله فيها، وبارك فيها من حوله. ودليلنا القدس يعطيها ترامب للكيان الصهيوني عاصمة أبدية، ويقوم الكيان بتهويدها والمسلمون في الممالك والمشيخات يطبّعون العلاقة بكيان العدوان، والمهم عندهم ليس زوال القدس من الخارطة العربية ولا تهويد فلسطين والأراضي العربية المحتلة، بل المهم هو التحوّل الإقليمي بأوامر أمريكية إسرائيلية لمواجهة إيران التي ما زالت تقاوم المشروع التهويدي للقدس، وأرض فلسطين، ومن غريب الحال أن تستثمر قوى الغرب المتصهينة بإسلامنا ثم تحوّله لاحقاً إلى العدو الدولي المطلوب مقاومته بعد أن تكون قد حقّقت فيه أهدافها الجيواستراتيجية وقسّمتْ المنطقة العربية إلى كانتونات طائفية، وعرقية، ومذهبية متصارعة وتسعى جميعها لكي تكون في خدمة الصهيونية. ولدينا براهين كثيرة على هذا الحال منها: لماذا تحضر في مؤتمر هيرتسليا الصهيوني السنوي في الأراضي العربية المحتلة شخصيات أعرابية، ومن المعارضات السورية؟ هل المؤتمر للتفكير في تأمين المستقبل للعرب أم للصهاينة؟ وما معنى الحضور الأعرابي والخياني للذين يحضرون؟! وكذلك الحال عند منصّات المعارضة السورية في الخارج حين ترتهن المنصّة المعنية لإرادة الجهة المموّلة لها دون أن تلتفت لمصلحة بلدها، وشعبها إن كانت ما زالت تتذكر مصلحة بلادها، والشعب السوري الأبيّ. ومن هنا اجتهدت الميديا الدولية الناطقة باسم حلف العدوان على سورية لكي تُحدث وعياً مزوّراً عن حقيقة وجود الناس في بلدنا وأشكال حياتهم فادّعوا الثورة الشعبية في الداخل لتحريك الناس ضد مصالحها واستقرار وجودها، وادعوا الدكتاتورية والاستبداد الداخلي وهم المخلّصون. وادّعوا الطائفية والمذهبية والتحالف الإقليمي على أساسهما عند الدولة السورية الوطنية حتى يكسروا قوة التحالف الإقليمي لبلد السيادة سورية. والإرادة السورية التي تحدّث عنها السيد الرئيس بشار الأسد للمحطات التلفزيونية كشفت بالعقل الوطني النظيف والمخلص بأن الثورة لم تقم من الداخل بل بالدفع والأوامر الخارجية وشراء الضمائر بالبترودولار والمال السياسي. فهي عدوان على الشعب وليست ثورة منه. ثم حين يكون مرجع كل ثورة شعبها لماذا ظهرت للمعارضات السورية سبعُ مرجعيّات؟! ثم الذين ادّعوا الاستبداد والطائفية لماذا سكتوا حين رأوا النسيج السوري الواحد يجعل من المهدّدين من قبل الإرهابيين يذهبون إلى حاضنة من غير طائفتهم آمنين؟ والذين ادّعوا أن خلاص السوريين آتٍ من المساندة الأمروصهيونية لهم ضد إيران وروسيا، لماذا لم يقولوا كلمة واحدة حين يرون الاحتلال الأمروأطلسي لمناطق في بلادهم، ولماذا لم يتحدثوا عن دعم حلف العدوان لإرهابيي داعش والنصرة ومن لفّ لفهما؟ وكذلك لماذا يتواطئون مع الحلف المذكور وأردوغان على سرقة الثروة البترولية السورية، وعلى سرقة محولات الكهرباء من المناطق التي دعموا الإرهابيين فيها، واشتروا منهم ما ينهبون؟ وكانوا قبلاً قد سرقوا مصانع حلب. نعم هذا ما فنّده السيد الرئيس في مقابلاته التلفزيونية حتى يحرّر الوقائع السورية على الأرض من أضاليل الغرب المتصهين الذي سخّر وما زال أكثر من ثمانماية وسيلة إعلامية تبثّ سمومها في الوعي العربي داخل سورية، وخارجها، فالنقاط المهمة التي تناولها السيد الرئيس وضعت كلّ ذي سمع أمام الحقائق السورية على الأرض وفي الوجدان وكما قال: « في سورية لا يمكن لأحد أن يموت من أجل شخص، والناس يمكن أن يموتوا من أجل الدفاع عن بلادهم، وعن وجودهم، وعن مستقبلهم». وهنا تبرز القضية الوطنية عند الشعب صاحب الإرادة السيادية وهذا ما أفشل المخطط الأمرصهيوني على سورية فالشعب السوري قاوم الاستعمار منذ قرون ومن نصيبه أنه كان على حدود السلاجقة، والعثمانيين، وكان على خارطة مطامع سايكس-بيكو، ووعد بلفور، وكان على خرائط حلف بغداد، ومبدأ إيزنهاور، وكان وما زال على مطامع الصهيونية في إسرائيل التلمودية، وبناء عليه فوتيرة كفاحه ضد مخططات أعدائه لم تتراجع، ولم تنكفئ بل بقي شعبنا في توهّجه الوطني والقومي، وفي توتّره الكفاحي المتصاعد، وفي تمسّكه بثوابته في حريته واستقلاله، ووحدته الديمغرافية وعليه فعقلية القطيع التي افترضها عندنا حلف العدوان وبنى مخططاته عليها دحضها الشعب في سورية بعقلية الإرادة الواحدة، والوعي الوطني النظيف، وحماية الوجود والمصير المشترك وهذا الاستعداد الشعبي فاجأ المستعمرين الجدد في حربهم العالمية المصغّرة علينا. وبعد أن أوضح السيد الرئيس انتهاء صلاحية النظام الدولي وحيد القطبية، وإرهاصات بروز النظام الدولي الجديد عبر القوى الصاعدة، روسيا، الصين، الهند وغيرها أكد أن هذا ما سيجعل أميركا تفقد الهيمنة على العالم. وبمثل هذه الإيضاحات لا بد أن تتغير قواعد تفكير المجتمع الدولي الذي غيّبوه عن حقيقة ما يجري في سورية طوال فترة الحرب الإرهابية علينا، واليوم، والنصر السوري بات في الربع ساعة الأخيرة يستوعب العالم أن سورية تحارب الإرهاب المدعوم من حلف العدوان عليها، وأن الجيش السوري لا يقوم بقتل المدنيين بل يحميهم والدليل أن الإرهابيين لا يسمحون للمدنيين بالانتقال إلى مناطق وجود الجيش، وأن الخوذ البيضاء منظمة داعشية ونصروية حضّرها الغرب لكي تساند الإرهابيين في الحرب علينا، وأن أطماع أردوغان السلطانية باقتطاع الجزء من الأراضي السورية ليست خفيّة على أحد، والمنطقة الآمنة من أحابيله لكي يحدث تطهيراً عرقياً ولا يعترض عليه أحد، وأن الذين لا يقبلون بآلية آستانا، ويدّعون الحرص على الحل السياسي في سورية هم المخادعون، وكذلك الذين يفترضون أن الدستور الجديد هو الطريق إلى الحل الذي يناسبهم لن يصلوا إليه لأن الشعب هو مَنْ سيضع الدستور، وأن التوجه ليس لبناء الدولة فالدولة مبنية بمؤسساتها العميقة، ولكن السوريين لا يرفضون الإصلاح الدستوري بمشروطية مرجعية الشعب فيه وفي هذا دليل على تعميق خط التطوير والتحديث في بلدنا وهو خط دائم، وحين تبدأ سورية تعبّرُ دوماً عن إرادة الوجود الواحد لشعبها، وتقدم للعالم حقائقها الدامغة فإن النصر في إعادة ترتيب الوعي داخلياً، وإقليمياً، ودولياً هو آخر حلقة من حلقات النصر الوطني الكبير. |
|