تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الذاكرة الجولانية ..!! »أبو فوله«

الجولان في القلب
الأثنين 25/8/2008
اسماعيل جرادات

في متابعة للذاكرة الجولانية, هذه الذاكرة التي تعود بنا الى كل قرية من قرى جولاننا الحبيب,جنة الدنيا على الأرض, هذه القرى التي تشكل كل واحدة منها ذكرى في الحب, والخير, والعطاء, والمقاومة, والتمسك بالأرض.. الارض التي لا بدَّ وان تعود للوطن الأم سورية, لأن قيد الاحتلال لن يطول طالما ان هناك رجالا آمنوا بحتمية الانتصار على الاعداء..

الذاكرة الجولانية تعيدنا الى قرى ربما لا يعرف عنها الكثيرون من غير ابناء الجولان, لكنها قرى جميلة, جمالها نابع من موقعها, وطبيعتها, وعلاقة سكانها بعضهم ببعض رغم تنوعهم.. قريتنا اليوم هي قرية تتوضع على تلة ما بين قرية »السنابر« وقرية »علمين« انها قرية »ابو فولة« ..ربما تأتي تسميتها من كون سكانها قد اشتهروا بزراعة الفول... اقول ربما, لكننا عرفنا اسمها كذلك.,‏

سألنا الكثير كبار السن انذاك اي قبل اثنين واربعين عاما عن سبب هذه التسمية ورغم كبر سنهم لا يعرفون.. هم وجدوا هذا الاسم لها من آبائهم واجدادهم ..‏

قرية »ابو فولة« هي قرية تقع في القطاع الاوسط من جولاننا الحبيب, لا تبعد كثيرا عن جسر بنات يعقوب, هذا الجسر الذي يربط الاراضي العربية السورية بالأرضي الفلسطينية, عدد سكانها لا يتجاوز الالف نسمة آنذاك أي قبل العام 1967 سكانها يعتمدون على الزراعة بالدرجة الأولى, خاصة زراعة القمح, وبعض الخضر.. تتميز هذه القرية بسهولها ذات الانتاج الخصب للقمح على الرغم من توضعها كما قلنا على تلة.. ترتبط بقرى عديدة من خلال طريق آت من مدينة القنيطرة مرورا بالعديد من القرى وصولا اليها, ثم الى قرى »صيرة الخرفان وجرابا, والبطيحة«, هذا يحاذي وادي »حوا« الذي قلنا عنه اننا لا نعرف لماذا سمي بهذا الاسم ..‏

في قرية »ابوفولة« غادرنا أعز وأغلى الرجال بالنسبة لي غادرنا والدي الى الحياة الأبدية .‏

سني آنذاك صغيرة, لكنني مازلت أذكر الليلة التي فارق فيها والدي الحياة, كانت مع هذه المفارقة رحلة المتاعب والمصاعب بالنسبة لي..‏

بيوت تلك القرية مبنية من الحجر السوري الأسود, الحياة كانت قاسية, حيث لا كهرباء, ولا مياه في البيوت, سوى تلك التي كنا نأتي بها من النبع القريب من القرية..‏

عند المساء كنا نرى شبان وشابات القرية يتمشون على الطريق, حيث لا تلفاز في تلك الفترة, ولا راديو الا عند ميسوري الحال..‏

سكان القرية يعتاشون مما يزرعون من خضروات او يبيعون ماينتجون من قمح, بعد ان يوفروا مؤنهم...حياة قاسية لكنها جميلة.. جميلة بمحبة الناس لبعضهم على الرغم من كون القرية تجمع فيها من ابناء عشيرة الويسية, وبعض الفلسطينيين الذين هاجروا عام 1948 الى سورية أثناء النكبة, لكن وكما قلنا رغم هذا التنوع كان الجميع وكأنهم اسرة واحدة , يلتقون مساء عند كبير ابناء القرية, أو عند احد الوجهاء...‏

كانت رحلة الطلاب الى المدرسة في قرية »السنابر« رحلة قاسية خاصة في فصل الشتاء, لأن الطقس في تلك المنطقة في ذلك الفصل اشد برودة من اي منطقة اخرى.. مدافىء المازوت لم تدخل القرية في تلك الأيام.. الجميع يستعملون مدافىء الحطب, او المداخن داخل البيوت التي يشعلونها أثناء الشتاء.. نعود لرحلة الطلاب ما بين المدرسة والقرية انها رحلة نستطيع ان نطلق عليها رحلة العذاب اليومي, كون المسافة ما بينهما اي القرية والمدرسة تتجاوز الخمسة كيلو مترات الأمر الذي دفع بالكثيرين يومها بعدم ارسال ابنائهم للتعليم.. رحلة تحمل معها الذكريات التي ينعم بها اليوم ابناؤنا وما يقدم لهم من مستلزمات .. لكن وكما قلنا على الرغم من قساوتها لكنها رحلة حلوة وجميلة, كنا ننسى كل المتاعب عندما نلتم مساء حول الأهل والاصدقاء بعد ان ننهي واجباتنا المدرسية...‏

أهالي القرية قاوموا العدوان الاسرائيلي في العام 1967 بكل مايملكون من وسائل , لاسيما وان الكثير منهم كان قد التحق بالمقاومة الشعبية التي كانت موجودة في القرى الحدودية.. قاتلوا الصهاينة الغزاة مقاومة الابطال وخسروا بعض ابنائهم اثناء تلك المقاومة, وهم اليوم ينتظرون اليوم الذي تعود فيه هذه القرية كما بقية مدن وقرى الجولان الى الوطن الأم بعد ان تتحرر من براثن الغاضب المحتل..‏

asmaeel001@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية