تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مؤرخ إسرائيلي: إرادة الجولانيين أفشلت مخططات الصهاينة

الجولان في القلب
الأثنين 25/8/2008
حسين صقر

بالرغم من أن المحاولات الصهيونية للسيطرة على الجولان المحتل سبقت وعد بلفور 1917 وتزايدت دعوات الصهاينة فيما بينهم بعد النكبة 1948 إلا أنه بعد عدوان حزيران 1967 تفاعلت مخططات الاحتلال الإسرائيلي أكثر فأكثر, وبدأت تلك المحاولات تتضح لفصل الجولان عن الوطن الأم ووضِعت الخطط لبدء مرحلة ضم المرتفعات إلى »إسرائيل«.

وقد كشف المؤرخ الإسرائيلي شمعون افيف في كتاب له بعنوان »سدر النحاس« واسمه في العبرية »تست نحوشت« مساعي الكيان الحثيثة لبث الفتن والمؤامرات في الجزء المحتل وداخل الوطن الأم لتنفيذ هذه الخطط, مستذكراً مراسلات وزير العمل آنذاك يغال آلون مع رئيس الحكومة الإسرائيلية ليفي أشكول بعد شهرين فقط من عدوان حزيران, حيث تلخصت فكرة آلون في حث سكان المنطقة على قبول الاحتلال وقبل بذلك أشكول وتبلورت الفكرة لديه بشكل نهائي مستغلين بذلك بعض الظروف الداخلية التي كان يعاني منها الوطن الأم قبل الحركة التصحيحية, وقال آلون في حينه حسب المؤرخ والكتاب: إن خصوصية الجولان ومكانه الجغرافي وقربه من الجليل في فلسطين والليطاني في لبنان سيؤسس لمرحلة متقدمة في تلك المنطقة, وأرسل أشكول بعد ذلك رسالة إلى آلون قال فيها: إن هذا الموضوع قيد الدراسة الجدية و الفكرة ستطرح من قبل قادة وضباط في الجيش على بعض الأشخاص الذين اختارتهم إسرائيل على حد ظنها أنهم سيوافقون بسرعة على ذلك.‏

إلا أن الرياح جاءت خلافاً لما تشتهيه السفن كما يقول المؤرخ الذي يلقي الضوء على سبب إخفاق المؤامرة, وهو الروح الوطنية العالية لأبناء الجولان الذين رفضوا الضم والتهديد والرضوخ لسياسات الاحتلال الإسرائيلي ومؤامراته سواء في بداية الاحتلال أو خلال السنوات الممتدة له على تلك الأرض وكيف أجهض الوعي الوطني والإرادة القوية الذي تحلى بها أبناء الجولان بعد أن علّقت »إسرائيل« آمالاً وأهدافاً كبيرة على تلك الخطط لإحداث الفتن والفوضى في المرتفعات وخلق حالة من اللاوعي لدى السكان هناك.‏

ويستعرض المؤرخ أن قسم الشرق الأوسط في الخارجية الإسرائيلية أبدى تخوفات وشكوكاً في قدرة الجيش الإسرائيلي في التغلب على الجيوش العربية, ولذا وجد من الضروري البحث عن شركاء وحلفاء محليين داخل لبنان وسورية, بالطبع المناطق الخاضعة منها للاحتلال, أما بالنسبة لفلسطين فهي واقعة كلها تحت السيطرة, ويقول شمعون افيف: إن هناك رسالة وجّهت إلى رئيس القسم المذكور الياهو ساسون تؤكد أن مخططاً كهذا سيكون بمثابة سكين سام يوجه في ظهر الدول العربية التي تحاربنا فيما لو تحقق لناذلك وأن لفت الانتباه إلى هكذا موضوع والعمل به يكفي لأن يشغل الساحة العربية برمتها, وبالتالي إضعاف هذه الدول من الداخل دون أن يعي الاحتلال كما أسلفنا الإرادة التي يتمتع بها أهلنا في الجزء المحتل.‏

كما يستذكر الكاتب أن وزير الخارجية موشيه شتريت رفض الفكرة فقط بسبب ارتفاع التكاليف التي ستترتب على هذا الموضوع, وقدّم اقتراحاً لرئيس الوزراء بأن تعمل إسرائيل على تدريب السكان داخل إسرائيل قبل البدء بأي تحرك, إلا أنه رفض هو الآخر الدخول في مغامرات جديدة وجدد اقتراح ديفيدبن غوريون وهو اعتماد سياسة التهجير القسري أيضاً دون أن يعي عقيدة الايمان بالواجب الوطني والقومي الذي دفع بالنتيجة الزعماء الوطنيين لتوعية السكان وإقناعهم بالبقاء مهما مارس الاحتلال والظلم, وعدم مغادرة المنازل..‏

وارتفعت داخل هؤلاء القوة والعزيمة وتنبهوا إلى خطورة الزيارات التي كان يقوم بها الضباط والمسؤولون الإسرائيليون إلى قرى الجولان كعين فيت وزعورة وجباثا وبقعاثا وغيرها وبعض القرى والمزارع حيث أرادت »إسرائيل« فرض سياسة المضايقة وإفراغ الجولان من سكانه لكن جميع هذه الممارسات باءت بالفشل من جهة وساهمت في تقوية السكان العرب وعززت إيمانهم بعدالة قضيتهم من جهة ثانية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية