تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


استراتيجية الحصار والتفكيك..إلى أين?!

محطة
الأثنين 25/8/2008
د.خلف الجراد

بغية الاستمرار في هيمنتها الكبيرة,وتفرّدها شبه التام بإدارة شؤون العالم اقتصادياً وعلمياً وعسكرياً وسياسياً,فإن الاستراتيجية الأميركية تسعى إلى السيطرة على موارد النفط والطاقة من جهة,وتعمل بوسائل عديدة على منع ظهور أو تشكّل أي قوة دولية مكافئة أو موازية أو منافسة من جهة أخرى.

والملاحظ أن الاستراتيجية الأميركية في هذا الشأن لم تتغير منذ عقود طويلة,وإن تعددت الشعارات أو تنوّعت الأساليب وأشكال التعبئةالإعلامية والنفسية والذهنية للرأي العام الأميركي بمؤسساته ومنظماته ومكوّناته المختلفة.‏

ومن المعلوم في هذا الإطار,أن الولايات المتحدة والنظام الرأسمالي الغربي عامة قاما بجهود وأعمال هائلة على مدى ستين عاماً من أجل إنهاء المنظومة الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو وكل المؤسسات الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية,التي كانت تعمل في إطار هذه المنظومة.‏

وتنفيذاً لاستراتيجية مرسومة وراسخة ومستمرة جرى إدخال دول أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفييتي السابق في الاتحاد الأوروبي,وكذلك في حلف شمال الأطلسي (الناتو),الذي تضخم وتمددت أذرعه وأطرافه,وصولاً إلى الحدود المباشرة لروسيا الاتحادية ذاتها.ويجري اليوم العمل حثيثاً لإقامة ما يسمى »الدرع الصاروخي« في بولندا الجار اللصيق بروسيا,تحت شعارات واهية وكاذبة,في حين أن الهدف الأساسي لهذا الإجراء هو المزيد من الحصار والضغط على روسيا وقيادتها السياسية ذات النزعة الوطنية الاستقلالية.‏

وفي هذا المنحى يجري العمل على ضم جورجيا إلى الحلف الأطلسي,وتشجيعها على تحدّي روسيا,واختبار إرادتها وردود فعلها العملية والعسكرية والسياسية ,بدفع أميركي ولأهداف مستقبلية لم تتضح معالمها الكاملة بعد.‏

وعلى صعيد آخر,وضمن الاستراتيجية الأميركية المشار إليها,يتوقع المحللّون والخبراء في قضايا آسيا الوسطى والقوقاز أن ترفع وكالة المخابرات المركزية الأميركية والمنظمات السرية العاملة تحت لوائها من وتائر تدخلاتها ومؤامراتها في هاتين المنطقتين,بغية إشعالهما بفتن واضطرابات عرقية ودينية مختلفة,لدفع روسيا إلى الانكفاء الداخلي لإطفاء تلك الفتن,ومنعها من الحركة في مجالها الجغرافي الحيوي,أو بناء علاقات موسّعة وفعّالة ومؤثرة إقليمياً و دولياً.‏

والأمر نفسه قامت وتقوم به الولايات المتحدة تجاه منطقتي التبت وشنجيانغ في الصين,تحجيماً للقوة الصينية الصاعدة,وعقاباً على موقفها الرافض لاحتلال العراق,وتنسيقها مع روسيا سواء في المحافل الدولية أو في إطار منظمة شنغهاي للتعاون.‏

الاستراتيجية الأميركية تتجلّى بالضغط على الدول والحكومات عبر مناطقها وأقاليمها الرخوة,والعمل الحثيث على تفكيك الكيانات الكبيرة وتفتيتها وتشظيتها,لتظل الولايات المتحدة القطب الأوحد والأقوى في العالم,فهل تنجح هذه الاستراتيجية الاستعمارية القديمة-الجديدة,أم أن هذه الأحادية القطبية أصبحت في طريق التراجع والانحدار,الذي بدأت تظهر ملامحه في مناطق عديدة من العالم,كالوطن العربي والقوقاز والباكستان وأمريكا اللاتينية وغيرها?! .‏

www.khalaf-aljarad.com.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية