تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النمو العقلي والنفسي في مرحلة الطفولة ..

مجتمع
الخميس 30-6-2011
فردوس دياب

يحتل النمو العقلي والنفسي في مرحلة الطفولة جانبا هاما في بناء شخصية الطفل انطلاقا من أن المكون العقلي والمعرفي

عند الأطفال هو محور شخصيتهم وقطب رحاها التي تدور في فلكه جميع المكونات الأخرى فهو لا ينزع إلى إضفاء طابع المعقولية والمنطق على مختلف الظواهر النفسية فحسب بل أن هذه الظواهر غير العقلية من انفعالية ووجدانية واجتماعية كثيرا ما تلجا إلى التستر والاختباء وراء المظاهر العقلية المعرفية ذلك لأنها تتسم بالطابع الإنساني أكثر كلما استندت إلى مسوغات ودوافع وأساليب وطرائق عقلية معرفية لأنها بذلك ترتفع وتسمو.‏

ويقسم خبراء علم النفس النمو العقلي إلى عدة مراحل أهمها مرحلة الطفولة الأولى التي تمتد من الولادة حتى نهاية العام الأول من عمر الطفل وتتميز هذه المرحلة في أن الطفل يولد وهو عاجز أكثر من أي مخلوق أخر ذلك لأنه لا يكون عند الولادة مجهزا إلا بعدد محدود من أشكال السلوك الانعكاسي التكيفي ويدخل في عداد هذه الأشكال السلوكية المنعكسات التي تنظم جريان العمليات الفيزيولوجية والحيوية عموما كمنعكس البلع والقبض والمنعكسات الدفاعية والتوجيهية وهي آليات سلوكية تكون جاهزة للعمل منذ لحظة الولادة على الرغم من أن نصفي الكرة المخيتين ولاسيما هذه الفترة لا يكون تشكلهما قد اكتمل بعد كما أن الخلايا العصبية تكون بدون استطالات والأعصاب الناقلة غير مغطاة بالغشاء الميليني الواقي .‏

ويعتبر عجز الطفل عند الولادة وبعدها ومحدودية السلوك الفطري عنصر قوة له لان ذلك يتيح له قدرة غير محدودة في استيعاب واكتساب الخبرة الاجتماعية ومختلف أنماط السلوك المتعلم والذي يميز الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى .‏

ويؤكد علماء النفس أن الطفل في السنة الأولى يعيش هذه الفترة من حياته كسائر فترات حياته اللاحقة كائنا اجتماعيا حيث يبدي انتعاشا ونشاطا في حضور الآخرين كما يتضاءل اهتمامه بالأشياء عندما لا يوجد من هو اكبر منه إلى جانبه فمعاشرة الطفل للراشدين من حوله ولاسيما الأم في الفترة الأولى من حياته يساعد على ظهور المقدمات الأولى للكلام حيث يبدأ بالمناغاة ثم التصويت كما يحرز الطفل في السنة الاولى نجاحات باهرة في نمو الحركات وفي تكوين العمليات والخصائص النفسية فهو يتعلم أن يثبت رأسه وان يجلس ويحبو وان يقف ويخطو بضع خطوات وتأخذ حركاته بالتناسق أكثر ويكتسب سلسلة من المهارات الحركية الضرورية للتكيف مع الأشياء وخصائصها وفي نهاية السنة الأولى من عمر الطفل يظهر لديه استعداد ملحوظ لمحاكاة عدد كبير من الحركات التي يقوم بها الكبار من حوله كتقليب الأشياء وهزها وطرقها وقرعها .‏

وتشير الدراسات إلى أن النمو النفسي عند الطفل ينمو بشكل سريع خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل بسبب عدة عوامل لعل أهمها بروز قدرته على المشي والحركة ورغم الصعوبات التي يواجهها الطفل اثناء تحركه في سنته الأولى إلا أن ذلك يدفعه لبذل مزيد من الجهد من اجل الوقوف ثم المشي والسير منتصبا نحو الأمام بخطا ثابتة ويمكن القول إن السيطرة على الجسد والتحكم نسبيا به يعد مكافأة ذاتية للطفل ومع أن المشي والحركة يعد انجازا جسديا بالدرجة الأولى للطفل إلا انه يؤدي إلى نتائج سيكولوجية هامة فبفضل النمو الحركي والحسي والعقلي يدخل الطفل مرحلة جديدة من التعامل مع الأشياء المحيطة به بدون وسيط وبحرية واستقلالية لم يألفها من قبل مما ينمي لديه القدرة على التوجه في المكان ويصبح الإحساس العضلي معيارا لتقدير المسافة ولتموضع الأشياء المكاني .‏

وعن إحساس الأطفال بالسيطرة على الأشياء فقد بينت الدراسات أن ذلك يتم خلال مرحلة الرضاعة وذلك عبر إحساسهم باللذة المرافقة لشعورهم بالقدرة على توجيه المحيط من حولهم ولقد لوحظ ان الطفل يبتسم أو يضحك عند نجاحه في تحريك دميته كما ان اللذة المرافقة للإحساس بالقدرة على توجيه الأشياء تدفع الطفل لتكوين المزيد من المهارات الجديدة في الوقت التي تعمل فيه على تكوين ذاتية الوليد ولا يعاني الأطفال إحساسا دائما ومستمرا بالإتقان والسيطرة على الأشياء إلا في بداية سنوات ماقبل المدرسة وذلك عندما يمكنهم نضجهم الإدراكي والمعرفي من تمييز الفروق بين المهارات القديمة والراهنة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية