|
مرايا اجتماعية هو يحب الهدوء وهي تهوى الضيافة والزيارات.. هو يحب متابعة أخبار ومباريات كرة القدم وهي ترى ذلك هوساً مرضياً.. وهكذا مع تزايد المؤثرات تداخلت وتباعدت التصورات الخاصة لكل طرف و أصبح لا مفر من وقوع الخلافات عند اللقاء. نحن هنا من خلال مقالنا هذا تسلحنا بمستحدثات مختلفة كالاعتماد على ملاحظة الزيجات الناجحة لأن خبرات أصحاب هذه الزيجات هي ما نحتاج إليه لنطرحه كحلول لعلاج بعض من مشكلات الزواج.. من بين الاكتشافات غير المتوقعة في هذا الإطار أن الغضب ليس أكثر العواطف تدميراً في الحياة الزوجية كما يشاع فكلاهما الزوجان السعيدان التعيسان يتشاحنان.. لكن اتباع بعض الأساليب وتكرارها يؤدي للوصول إلى الهاوية وانتهاء العلاقة الزوجية كالانتقاد الدائم والتحقير والانقياد وراء الأقوال وتدخلات الغير والكلام الكثير دون اقترانه بأفعال تجسده. وأكدت الدراسات والأبحاث في هذا الموضوع أن ممارسة الرجل لدور (سي السيد) لم تعد مطروحة وينبغي عليه تعديل هذا المسار للتفكير بصيغة «نحن نريد» لا بصيغة «أنا أريد» كما أن عليه أن يعي أحلام زوجته ومخاوفها فالأسرة السعيدة غالباً ما يتميز فيها الزوج بفهم لنفسية زوجته بطريقة تضمن انسياب تصرفاته ومشاعره بشكل يجعل حياتهما بعيدة عن الاختناقات العاطفية المزعجة ولعل أبرز ما ركزت عليه الدراسات هنا علاقة الصداقة بين الزوجين كأحد أهم عوامل الرضا الزوجي إذا نحينا العلاقة الجنسية جانباً، رغم أهميتها البالغة لكننا هنا لسنا بصدد طرح هذا الموضوع.. كما أشارت الدراسات إلى أن الأزواج السعداء غالبا ما ينزعون إلى محاولات لنزع ورأب الصدع والابتعاد عن أي سلبية قد تؤدي إلى انقلاب زمام الأمور من أيديهم، وأسرد هنا ما قرأته لأحد العلماء المتخصصين في شؤون الزواج والتي تشبه الزواج بشباك الصياد فالصيادون يرمون بشباكهم إلى البحر كل يوم يصطادون السمك ويتوجهون إلى الأسواق لبيعه.. هناك صياد يأخذ السمك من الشباك كل يوم، لكنه يترك خلفه النفايات والطحالب وكل ما يجلبه البحر مع السمك، تتراكم كل تلك البقايا في الشباك لدرجة يصبح معها الصياد عاجزاً عن إنزال الشباك من القارب إلى البر.. فجأة وفي نوبة غضب يمزق الشباك ويمضي إلى بيته خالي الوفاض ومن ثم يعجز عن صيد أسماك أخرى.. وهناك أيضاً صياد آخر ينظف شباكه كل يوم يأخذ منها السمك ليبيعه وفي كل مرة يحرص على أن تبقى شباكه نظيفة وفي حال جيدة ومن ثم هو قادر في كل مرة يطرح فيها تلك الشباك على اصطياد أسماك جديدة وبيعها وبذلك يضمن الرزق للعيش هو وأسرته.. فإذا ما جازت المقارنة هنا فإن الاحتياجات العاطفية والوجدانية الزوجية تشبه تلك الأسماك فيما تشكل الطحالب والبقايا ما يشبه معوقات الزواج وخلافات الأزواج.. فالصياد الأول هنا الذي خسر شباكه ومزقها خسر رزقه وانتظام حياته يشبه الزوج والزوجة اللذين أهملا مشكلاتهما وتركاها دون حل إلى أن تراكمت وصارت عصية على الحل، فيما يشكل موقف الصياد الثاني الذي يخلص شباكه كل يوم من شوائبها ويبقيها نظيفة قريباً من موقف الزوج والزوجة اللذين يحرصان على إزالة العقبات أمام أي فرصة لتحقيق التناغم مادام ذلك ممكناً.. وفي السطور الآتية يقدم علم النفس بأبحاثه ودراساته الكثيرة حول إمكانية إزالة العثرات والعقبات التي يمكن أن تنشأ أمام الزواج لجعله ناجحاً ومستمراً دون مشكلات مستعصية على الحل: أولى هذه النصائح تتلخص بالنظر إلى نصف الكوب المليء دوماً والتركيز على ما هو إيجابي والابتعاد عن الشكوى المستمرة حول ما ينقص العلاقة.. النصيحة الثانية تبرز أهمية النظرة الناضجة من كلا الطرفين كل للآخر بعيداً عن الصور المثالية التي نحلم بها على أنها شخصية لها مزاياها وعيوبها وعند تعذر تغيير هذه العيوب يمكن التعايش معها وقبولها كجزء من مقومات الشريك الذي ارتضيناه ككل متكامل وليس هناك أخطر على الحياة النفسية للمتزوجين من العيش في عالم سحري من الأحلام البراقة والخادعة. فيما تبين النصيحة الثالثة أن الأسرة الذكية هي التي تسعى لا إلى اللقاء في نقطة وسط أو في منتصف الطريق كما هو شائع، بل إلى التكيف باتجاه السلوك الصحيح بصرف النظر عمن يبدو رابحاً أو خاسراً من طرفيها. والنصيحة الرابعة تؤكد أن الزوجين الجيدين يبدأان حياتهما على أنهما عالمان مختلفان تماماً يسعيان إلى التوافق بدلاً من أن يبدأا على أنهما ينتميان إلى عالم واحد متوافق تماماً. النصيحة الخامسة توضح أنه ليس هناك ما هو أفضل من اختيار الكلمة المناسبة والتصرف الضروري في الوقت المناسب لتحقيق السعادة فهي السحر الذي يمكن من الوصول إلى أعماق الشريك.. والحذر من النقد اللاذع والتحقير واستخدام الخطابة الكثيرة على حساب الفعل الحقيقي إضافة إلى ضرورة اتباع أسلوب الغياب القصير أو ما يسمى«الإجازات العاطفية» لإبعاد التوتر والاحتكاك الدائم والتخفيف من حدة الملل وتجديد الشوق والحب بين الطرفين. |
|