تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل أصبحت الوحدة الوطنية الفلسطينية خطاً أحمر؟

شؤون سياسية
الأثنين 16-7-2012
بقلم: نواف أبو الهيجاء

يقول المسؤولون الفلسطينيون – وخاصة من قادة حركتي حماس وفتح ان الانقسام الفلسطيني لم يكن خياراً فلسطينياً. ويبدو أن استعادة الشعب الفلسطيني وحدته – أي اساس قوته– ايضا ليست اختيارا فلسطينيا صميما .

الدليل الملموس ان عدة اتفاقات ابرمت بين الحركتين ( فتح، رام الله ، وحماس، قطاع غزة ) قد جرى التخلي عنها ربما قبل ان يجف حبر التوقيع عليها كاتفاقيات صنعاء ومكة والقاهرة الاولى – 2005).واليوم ترى القيادات في رام الله مثلا ان إجراء انتخابات تشريعية في الضفة والقطاع يمكن ان تؤدي الى المصالحة بل وربما الى الوحدة الوطنية – ذلك ان الشعب الفلسطيني لايطمح الى مجرد مصالحة بين الفريقين المتخاصمين (حماس وفتح ) بل الى استعادة ورقة قوته ورافعة العمل العربي في اتجاه فلسطين – أي الوحدة الوطنية .‏

معروف ان العلاقات بين السلطة الفلسطينية والعدو المحتل تعتبر واحدة من اسباب استمرار الانقسام ذلك ان التعاون الامني بين الطرفين مستمر وعلى اساسه تتم الاعتقالات في رام الله لتطول نشطاء المقاومة وكل فلسطيني يمتلك سلاحا حيث تعتبره السلطة خارجا على القانون – فتزج به في السجن مدعية انه موقوف لأسباب غير سياسية . وفي المقابل تقوم حركة حماس باعتقالات في القطاع – ولكن على نطاق أضيق – في صفوف مؤيدي وكوادر حركة فتح وتدعي انهم موقوفون عاديون لجرائم عادية وليسوا معتقلين سياسيين .‏

وبعد اتفاق القاهرة الأخير توقع الفلسطينيون ان يقوم الطرفان بما يهيء الأجواء لانتخابات تشريعية ربما تقود الى وحدة موقف، . يتجاهل هؤلاء ان قضية الوحدة ليست مرتبطة او مرهونة بالانتخابات ولابنتائجها بل ربما تكون نتائج الانتخابات سببا في حدوث مزيد من الانقسامات – فعملياً حدث الانقسام بين رام الله وغزة بعد انتخابات تشريعية فازت فيها حركة حماس . فمن يضمن ألا تتوسع الهوة بين الطرفين ان جرت انتخابات وكانت نتائجها مثلا فوز حركة فتح؟‏

ثم هل المطلوب لتحقيق الوحدة اجراء انتخابات ام المطلوب ان يبرم اتفاق استراتيجي سياسي بين الاطراف الفلسطينية كلها : أي برنامج عمل وطني يحقق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني بتوكيده الثوابت الوطنية الفلسطينية في العودة والقدس وتقرير المصير واطلاق الاسرى وانهاء الاستيطان وتفكيكه في الضفة الغربية – في اقل حد ؟‏

الوحدة الوطنية لكي تقوم ومن ثم تترسخ يجب ان تكون حول برنامج عمل وطني يلتزم به كل الاطراف الفلسطينية . فلا يكون هناك خلاف حول تفسيرات متعددة بشأن( المقاومة الشعبية ) و ( الكفاح المسلح) . الرئيس الفلسطيني مثلا قال في باريس ان هناك اتفاقا فلسطينيا على ترك الكفاح المسلح – ما دعا عدد من المنظمات والحركات الفلسطينية الى نفي التصريح. واخيرا كان رأي حركة فتح في رام الله انها تلتزم بالمقاومة الشعبية ( ما يعني التظاهر والاعتصام والاحتجاج .. الخ ) ولكن ليس الكفاح المسلح . أي إن السلطة تريد ان ترغم الفلسطينيين على ترك الكفاح المسلح . تفسير المقاومة يجب ان يتم فورا . فلقد سمعنا اخيرا من قادة حماس انهم ملتزمون بالمقاومة – ولم يوضحوا أي مقاومة يعنون ؟ أهي المقاومة الشعبية السلمية ؟ ام تراها المقاومة المسلحة كحق من حقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال .‏

والى ذلك الحين أي الى ان تتفق كل التنظيمات والحركات الفلسطينية على برنامج عمل مرحلي ولكن على استراتيجية يكون هدفها النهائي تحرير فلسطين فستظل الوحدة الوطنية الفلسطينية ممنوعة – ليس فقط لاسباب داخلية فلسطينية بل ايضا بسبب ضغوط هائلة تمارسها امريكا مع الكيان الصهيوني ومجموعة الدول الأوروبية الغربية المانحة التي تضغط على العنق الفلسطينية فتجد السلطة في ذلك مبررا لاستمرار سياستها في البحث عن المفاوضات ولعل آخر العروض التي قدمتها رام الله للعدو هي ان يفرج المحتلون عن 132 فلسطينيا معتقلا لكي يقبل الرئيس الفلسطيني ان يجري حوارا مع نتنياهو: وهكذا تتجاهل السلطة شروطها المعلنة في مقدمها وقف الاستيطان الذي يسرق يوميا من الارض الفلسطينية ويضيع مساحة ارض الشعب الفلسطيني التي يفترض ان تقوم عليها الدولة حتى ليأتي وقت لايجد الفلسطيني الارض ولا القدس التي يقيم عليها دولته .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية