تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إحسان البني.. الصورة الأكثر وضوحاً

مجتمع
الأثنين 16-7-2012
غصون سليمان

هي عين الكاميرا وعدستها التي رصدت كل شيء.. هي اليد الصلبة التي كانت تحملها.. ساعد تنقل في كل الأرجاء السورية.. حيث نقل الصورة من بيادر القمح، والحقيقة من مصانع الرجال.. والكلمة من مجالس الفكر وقاعات الاحتفال، وضحكات الأطفال في مواسم الأعياد.

شقي وتعب ورصد عبر كاميرته إلى الأمس القريب حركة أسواقنا وتفاعل شعبنا مع كل الأحداث.. لم يستكين يوماً عن آداء أي مهمة كلف بها.‏

إحسان البني إنسان عربي سوري، زميل مهنة، إعلامي متميز في فن الصورة، قدم الكثير من صور الحياة في بلدي، كنا نرافقه ويرافقنا إلى الندوات والمؤتمرات واللقاءات وورشات العمل وجملة النشاطات والأحداث التي كانت تتطلب وجود القلم والكاميرا.‏

لم يتلكأ يوماً أو يتأفف من واجب طلب منه، كانت كلمة / على عيني تكرم أو تكرمي/ دائماً حاضرة على لسانه، وإذا لم يكن ما نطلبه موجوداً في أرشيف صوره كان يبحث للتو في أرشيف زملائه المصورين ليلبي لنا الرغبة في إيجاد الصورة المناسبة والتي تعنون باسم صاحبها.‏

الزميل العزيز الغائب الحاضر اليوم في زحمة الأحداث لم يبخل يوماً وهو التقني بامتياز في معرفة أسرار الحاسوب، كان يساعدنا ويسعفنا جميعاً إذا ما صعبت علينا مشكلة في آليات البحث، كان صلة الوصل بيننا وبين بعض الزملاء في مكاتب المحافظات عبر بريده الالكتروني .. يوصل المواد والمواضيع إلى القسم والدائرة المعينة..‏

إحسان البني نموذج للأخ الصالح- والصديق الوفي والزميل المخلص المنتمي إلى مؤسسة إعلامية عريقة نعتز بها وبخبراتها وكوادرها..‏

إحسان البني الناشط في سبيل قول كلمة الحق وتعرية وفضح زيف أعداء الوطن بالكلمة كما الصورة التي أظهرت قبح وجوههم وضلال ادعاءاتهم وحراكهم الذي خبأ ويخبئ في زواريبهم ودهاليزهم وعالمهم الشيطاني مرارة الغدر وعلقم الخيانة وسموم العصبية.‏

كان جريئاً بموقفه الوطني.. وأفعاله تسبق أقواله، وانتماؤه الوطني تغلب على هواه المذهبي.. كان كبيراً في كل شيء وهو الإنسان الوقور المتواضع الكريم الشهم، القريب من زملائه العزيز على قلوب محبيه.‏

إحسان البني الصحفي السوري المصور المهني الحرفي في التقاط الصورة بكل أبعادها.. كما كانت خطواتك ترتسم كبرياء وأنت تعبر كل يوم مساحة البقع المتوترة والساخنة كي تصل إلى بيتك الثاني جريدة الثورة هذا المبنى وهذه الصحيفة التي تحفر لك في وثائقها وأرشيفها وخزائنها الخشبية وذاكرة تقنياتها مسيرة مشرفة لا تنتهي، لأنك أنت من دونت ورسمت خطا جمالاتها بدءاً من صباحاتك على الزملاء في غرفة الاستقبال «الاستعلامات» إلى قسمك في الطابق الرابع حيث الطاولة والأوراق والجرائد المتناثرة وإبريق الشاي ومنفضة السكاير لتتبادل وزملائك مستجدات الأوضاع من أحاديث وأخبار دون أن تهمل أي طلب أراده المحرر من تأمين الصور.‏

إحسان البني كان الموعد الأخير معك يوم الأربعاء 11/7/ فقد كان لديك .. عمل كثير ولكن لسوء الأوضاع في المدينة التي تسكنها (داريا) كنا نتمنى أن تصل باكراً وبسلام إلى منزلك قبل أن يشتد عبث الإرهابيين بأمن وأمان هذه البقعة من ريف العاصمة دمشق حيث سفك حقد عصاباتها قبل هذا التاريخ دم الزميل العزيز شكري أبو البرغل بيد قناص غادر من على شرفة منزله وقبلها أيضاً كان قتل واغتيال الزميل الإداري يسار توكلنا في حرستا حيث أجرم الخونة وأفتكوا في جسده الغض الطري قبل ذلك كل أنواع صور العذاب والقتل دون أن يرف لهم جفن... تطالوا على جسم الإعلام الوطني والإعلاميين الشرفاء نالوا من الحجر والشجر والبشر على امتداد الساحة السورية فكما كان رجال الأمن والجيش والبنى التحتية والقامات الفكرية والخبرات الوطنية هدفاً مستمراً منذ بداية الأحداث. كان للاعلاميين السوريين نصيبهم من الاستهداف منذ اللحظات الأولى ولغاية الساعة في مختلف مواقعهم سواء في المكتوب والمرئي والمسموع.‏

وإن كانت رصاصات غدرهم قد نالت منك اليوم فإن حروفك التي سطرتها على الفيسبوك ودمك الطاهر الذي سفك سوف يزهران حباً وكرامة وشجاعة ونصراً أكيداً يضاف إلى يقين السوريين الشرفاء الذين مابخلوا بالغالي والنفيس وصبروا على البلوى بأقسى صورها.‏

إحسان البني الأخ والزميل العزيز لك الرحمة في السماء العلا.. والخلود في وجداننا وصفحات شهداء إعلامنا الوطني وألهم أهلك وعائلتك وذويك ومحبيك وأصدقاءك الصبر والسلوان.‏

ولنا من بعدك الإصرار والعزيمة على متابعة الدرب.. درب النضال بسلام الصورة والكلمة ومدفع الحقيقة فقد أثبت هذا الشعب وأنت واحد منهم بأن راية الحق لايمكن أن تكون إلا عالية ومن أجلهانزود بالدم والمال وبكل شيء.‏

***‏

الصور بعدسة الراحل: إحسان البني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية