تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القمة الروسية - الصينية وإشكاليات منطقة الشرق الأوسط

شؤون سياسية
الجمعة 1-7-2011
د.محمد البطل*

ينظر باهتمام إلى القمة الثنائية الروسية- الصينية ، التي جمعت الرئيسين الروسي ديمتري ميدفيديف والصيني هو جينتاو في قصر الكرملين في موسكو ،

منتصف شهر حزيران ، بعيد قمة دول منظمة شانغهاي للتعاون في القضايا الثنائية ومجموع العلاقات بين دول شانغهاي للتعاون فضلاً عن كيفية التعاطي مع «المتغيرات العربية »الجارية في العديد من الدول العربية.‏

إذ طالب قادة منظمة شانغهاي للتعاون التي أسست عام 2001 ، في بيان الأستانة عاصمة كازاخستان:(روسيا ، كازاخستان ، الصين ، قرغيزنا، طاجيكستان، أوزبكستان، فضلاً عن قادة الدول المراقبة والراغبة في الانضمام الكامل إلى هذه المنظمة :إيران ، أفغانستان،باكستان،الهند) في قمتهم اليوبيلية ، المجتمع الدولي التزام الأطراف المعنية بقراري مجلس الأمن الدولي 1973،1970. وأعرب الزعماء المشاركون في القمة عن قلقهم من عدم استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . ودعوا المجتمع الدولي إلى :(الإسهام في تسوية النزاعات المصاحبة للمتغيرات الجارية في الدول العربية بطرق سلمية مع احترام استقلالها وسيادتها) . هذا في الوقت الذي ساندت فيه قمة الأستانة الموقف الروسي في تعاطيه مع موضوعة الدرع الصاروخي الأميركي، أو الأطلسي - الأميركي المشترك، الذي تنوي أميركا نشره في أوروبا الشرقية وبأنه :(مضر بالاستقرار الاستراتيجي العالمي والأمن الدولي).‏

وجاءت القمة الروسية - الصينيةفي موسكو بعيد اختتام قمة الاستانة لمنظمة شانغهاي للتعاون ،لتستند إلى قراراتها الإقليمية والدولية ،ولتضيف إعلاناً جدياً روسياً - صينياً يؤكد مواقف قمة الأستانة وتشكل موقفاً رسمياً صينياً - روسياً يعارض التدخل الأجنبي في الشؤون العربية عموماً ،والمس بسيادة دولها أيضاً.‏

إذ أكد الزعيمان معارضتهما أي تدخل أجنبي في «الاضطرابات» الجارية وشددا على ضرورة التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في ليبيا ،والوصول إلى حل سلمي للأزمة.‏

وأشار الزعيمان في البيان الرئاسي إلى أنه (في وسع الأسرة الدولية تقديم مساعدة بناءة ،لمنع تدهورالوضع،غير أنه ينبغي ألا تتدخل أي قوة خارجية في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط...ونؤكد على ضرورة تسوية النزاعات بالطرق السلمية). وأكد أنه: (لتجنب تصاعد العنف والاضطرابات ،لا بد من الاحترام الصارم للقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي دون زيادة أو نقصان).‏

وكانت روسيا والصين من الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح هذين القرارين،إلا أنهما لم تستخدما حق النقض (الفيتو) بوصفهما عضوين دائمين في المجلس .وحذر قادة الدولتين من التمادي في تجاوز هذين القرارين:(منطقةحظر جوي بهدف حماية المدنيين، وليس قصفاً جوياً للمناطق الخاضعة لنظام العقيد القذافي).‏

واعتبر الكثير من قادة الصين وروسيا أن ما يجري هو خرق فاضح للقرارين،ولاينسجم معهما.‏

وهذا ما يفسر تصعيد روسيا والصين من مواقفهما الرافضة إلى تكرار إصدار قرارات «دولية» بشأن دول شرق أوسطية أخرى ، ومنها سورية ، وصولاً إلى التلويح باستخدام حق النقض «الفيتو» في حال تعاطي المجلس مع دول الشرق الأوسط الأخرى، مستخدماً الأسلوب نفسه (الاستناد شكلاً للقرار ، وعملياً تنفيذاً مخالفاً لبنوده)‏

وهذا ما أفشل محاولات إصدار بيان رئاسي عن مجلس الأمن ضد سورية (غيرملزم)،إلا أنه «قد يشكل خطوة باتجاه قرارات أخرى تصاعدية ، وهذا ما تدركه موسكو وبكين »‏

وهذا ما دفع الاتحاد الأوروبي وأميركا إلى التفكير ملياً حول احتمال طرح أي مشروع قرار جديد على مجلس الأمن الدولي ،بشأن سورية أو غيرها من دول المنطقة .‏

وهذا ما دفع أيضاً العديد من الدول الإقليمية إلى «تصحيح» أو «مراجعة» مواقفها الانتقادية بشأن الأوضاع الجارية في المنطقة .‏

بقي أن نشير إلى أن قمة الكرملين الصينية - الروسية قد ناقشت سبل تعزيز التعاون بينهما ، وخاصة النفطية منها ،ومصادر الطاقة ومواصلة ضخ النفط والغاز الروسيين إلى الصين ، واستكمال بناء شبكات النقل الخاصة بتلك المشاريع . نشير مرة أخرى إلى روسيا والصين ، وما تمثلانه في مجلس الأمن الدولي ، بسبب من عضويتهما الدائمة فيه، وإلى تزعمها منظمة شانغهاي للتعاون التي تمثل نحو 35 بالمئة من سكان العالم .فضلاً عن عضويتهما الهامة في رابطة دول بريكس الخمس التي تضم دولاً هامة من القارات الأربع،ورفض قمة بريكس هذا التعاطي الأوروبي- الأميركي مع اضطرابات الشرق الأوسط . وهذا ما يلجم في حدود ليست قليلة دول الأطلسي وأميركا والاتحاد الأوروبي الذين يواجهون في بلدانهم وروابطهم صعوبات داخلية وقارية ودولية ، أبرزت بعضها التباينات الاخيرة في حلف الأطلسي ، والتصويت السلبي لمجلس النواب الأميركي على مشروع أوباما بشأن المشاركة الأميركية أيضاً،فضلاً عن الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين تجاه المتغيرات والتظاهرات في كل دولة على حدة.‏

* باحث في الشؤون الدولية‏

batal-m@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية