تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مؤتمر طهران.. محطة لتوصيف الإرهاب ومكافحته

شؤون سياسية
الجمعة 1-7-2011
حكمت العلي

تحت عنوان العالم دون إرهاب عقد المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب فعالياته في العاصمة الإيرانية طهران وسط حضور كبير لرؤساء وممثلي الدول والمنظمات المختلفة.

ا للافت في المؤتمر الذي تواصل على مدى يومين هو التأكيد شبه المجمع على أن بعض الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأميركية هي من تصدِّر الإرهاب وتصنعه من خلال تقديم كل أشكال الدعم بدءاً من تأسيس الخلايا الإرهابية وتمويلها وانتهاء بتدريبها وإعداد المخططات لها وبالتالي تحديد أهدافها والغاية من إنشائها والتي تتمحور في إحداث الفوضى وإيجاد بؤر توتر في المناطق المستهدفة واستغلال الحالة الناشئة لخدمة أغراض الابتزاز والمصالح والضغط على الحكومات التي لا تمالئ السياسة الأميركية، ولعل حركة طالبان وتأسيسها في مرحلة الثمانينات واستخدامها في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي آنذاك لخير دليل على ذلك والأمثلة كثيرة.‏

إن تاريخ وذاكرة المنطقة العربية على وجه الخصوص ليست بحاجة إلى إثباتات جديدة حول ضلوع بعض الدول الغربية في رعاية الإرهاب وتبنيه كصناعة بحد ذاتها ومن ثم استخدام فزاعة الترهيب به ومن مخاطره كشماعة لغزو الشعوب واستعبادها، ولعل طريقة زرع الكيان الصهيوني في حبهم الأمة العربية لدليل أوضح على تفنن هذه الدول في استنبات الجماعات الإرهابية فكلنا يعرف كيف استقدمت عصابات الشتيرن والهاغانا وغيرها وزودت بكل أدوات الترهيب وقامت بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين وطردتهم من أراضيهم وفرضت واقعاً احتلالياً جديداً لاتزال المنطقة تعاني من تبعاته حتى الآن. حيث لايزال هذا الكيان الإرهابي يواصل ارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية داخل فلسطين وخارجها حيث يفاخر قادة هذا الكيان بتاريخهم الإرهابي وبمشاركتهم في العمليات الإرهابية تحت غطاء من واشنطن التي قدمت لهم كل أشكال الدعم المالي والتسليح.‏

ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس الإرهاب المنظم بفرضه حصاراً جائراً على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة ووضعه قائمة علنية لاغتيال قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وغيرها من الشخصيات في حين يمتنع المجتمع الدولي عن محاسبة هذا الكيان الإرهابي وأفعاله الإرهابية المنافية للقانون الدولي.‏

فالادعاءات الكاذبة للولايات المتحدة وبعض الدول الغربية حول محاربة الإرهاب في الوقت الذي يدعمون فيه الجماعات الإرهابية باتت محاولات مكشوفة تغطي مشاريع استعمارية قديمة جديدة لهذه الدول التي تحاول إعادة طرح نفسها عبر عباءات الديمقراطية والحرية والبحث عن أسلحة مزعومة بقصد تسويغ الاحتلال والتدخل في شؤون دول العالم وخاصة في منطقتنا، في حين تعمل هذه الدول على محاصرة الدول التي لا تسير في فلك سياستها مصنفة إياها تحت تسميات مختلفة، ومعتبرة الحق في المقاومة والدفاع عن النفس عملاً غير مشروع.‏

إن المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب كان محطة متقدمة لشرح وجهات النظر المتعلقة بمفاهيم كالحق في المقاومة والدفاع المشروع عن النفس وتحديد ماهية الإرهاب ووضع تعريف واضح له والبحث في وضع حلول واضحة وعملية لمواجهة موحدة ضد الإرهاب وبلورة الإرادة العالمية لمحاربته بشكل حقيقي وفاعل يأتي في مقدمتها إصلاح المؤسسات الدولية التي أصبحت منابر تستخدمها بعض الدول الكبرى لتحقيق مصالحها وتدخلها في شؤون الدول الأخرى.‏

إن محاربة الإرهاب لايأتي من خلال الشعارات بل تتطلب فهماً وإرادة عالمية مشتركة والبحث عن الأسباب الكامنة وراء استفحال هذه الظاهرة وخاصة قضايا الفقروالعدالة والأخلاق وأتت خطوة تأسيس أمانة دائمة للمؤتمر الدولي لمحاربة الإرهاب خطوة متقدمة في هذا المجال من أجل تنظيم وسائل مكافحة الإرهاب بين الدول المعنية والتنسيق فيما بينها بهذا الخصوص بشكل دوري للوصول إلى حل كثير من الإشكالات النظرية مثل تحديد تعريف واحد ومشترك للإرهاب وجذوره وعناصره، ووضع حلول عملية واضحة لمحاربة موحدة ضد الإرهاب.‏

إن إشارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى أن سبب تفاقم الإرهاب هو بسبب سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي تقوم بها بعض الدول وخاصة واشنطن هي من أولى الأسباب في تفاقم ظاهرة الإرهاب حول العالم، ومن هنا فإن من أولى الخطوات العملية لمكافحة الإرهاب هو اتباع معايير العدالة بين الدول عبر العمل على إصلاح المؤسسات الدولية العدلية والأمنية والثقافية، وتجنب استغلال الحملة على الإرهاب للاستهداف السياسي النيل من الدول التي لا يمالئ مصالح بعض الدول الكبرى ومنع استغلال هذه الظاهرة من قبل بعض الدول الكبرى من أجل تمرير أهدافها ومصالحها حيث بات واضحاً أن القوات الأجنبية الموجودة في المنطقة لم تأت لمكافحة الإرهاب كما يدعي ساستها بل أتت لتعزيز تواجدها العسكري فيها وخدمة مصالحها وخاصة النفطية منها.‏

وقد أكدت تقارير كثيرة أن الدول الراعية للإرهاب والتي تستخدم فزاعة الإرهاب بالوقت نفسه من أجل خدمة مصالحها لاتتورع في نشر واستخدام كل الأساليب لدعم الجماعات الإرهابية ومن ضمنها تشجيعها على زراعة المخدرات والإتجار بها ولعل الأفيون الذي ازدادت زراعته في أفغانستان منذ الغزو الأميركي لهو خير دليل على ذلك!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية