|
الجولان في القلب
ولا تغيب عن باله صورة والدته التي كان يشفق عليها من كثرة العمل المضني والمجهد ويقول في هذا المجال: إن حمل الحطب على ظهرها بالكاد يتحمله إنسان ولمسافات بعيدة عدا الاهتمام بأولادها وأمور تنظيف المنزل وتحضيراً لخبز وأيام السليق وغيرها من الأعمال التي لانراها مع تقدم العلم والتكنولوجيا، ومع هذا فإن طعام تلك الأيام من الأرض وما تحمله من خيرات إضافة الى الحليب واللبن والجبن والبيض البلدي، وعندما دخل العلم إلى قريتنا أكثر العائلات أرسلت أولادها للتعلم وربما يكون السبب الرئيسي الهروب من عناء العمل فهو مضن بالنسبة لأطفال في عمرنا، ومع هذا كان عدد الفتيات اللواتي التحقن بالتعليم قليلاً مقارنة مع عدد الشباب ولا أنسى أقراص العيد عندما تجتمع النساء وخاصة المتقدمات في العمر ويجلسن يخلطن الطحين والسكر والحليب ويخبزونه على التنور، وأتذكر عندما كنت صغيراً أن والدتي وضعت الحناء على يدي مع اخواتي ابتهاجاً بقدوم العيد وظلت الحناء على يدي لفترة طويلة. ولا أنسى القميص الأبيض مع البنطال الكحلي وشرائي للخردوات وفرد الفلين ولعبة الكورة.. وكان في قريتنا ثلاثة دكاكين نشتري منها القضامة والملبس والشوكولاته على شكل الليرات الذهبية. وكنت في بعض الأحيان أرافق أخي الذي يكبرني لأخذ الغنمات إلى الرعي عندما لايأتي الراعي، وكيف كانت الغنمات تجري سريعاً ونلحقها خوفاً من أن تبتعد عن أعيننا علماً أن الطريق إلى المرعى هبوطاً وبيتنا في القرية يقع في مكان مرتفع وكنت أشعر أن مشوار الذهاب أسهل كثيراً من الإياب..وفي هذه اللحظات التي أتحدث إليك أشعر أن حبي لمادة الجغرافية قد جعلني أرسم في مخيلتي صورة قريتي التي لاتغيب عن بالي وأحفظ طريق المدرسة والشجيرات التي تقع على الطرفين وأعشاش العصافير على الأشجار وكيف كنا نصعد إلى أعلى الشجرة لاصطياد العصافير.. وأتذكر رفاق الطفولة أيمن وسعيد عندما كنا نذهب بعد الرعد وهطول الأمطار نفتش عن الفطر ونجلبه للبيت وكنا نعتقد أن السماء تمطر فطراً وكانت متعتنا عندما نجد الفطر ونضعه في الكيس ونعود به إلى المنزل وتطبخه والدتي ونأكله مع والدتي رحمها الله وكانت تقول لنا إن السماء ترسل الفطر لنا وكنا نصدق هذه الحكاية.. |
|