|
البقعة الساخنة ما تموج به سورية اليوم مخاض يحمل في طياته البشرى بميلاد دولة حديثة تقوم على المدنية والديمقراطية، واحترام القانون الذي تضعه مؤسسات منتخبة بشكل حر ونزيه، يمثّل كل أبناء الوطن بأديانهم ومذاهبهم وأعراقهم المختلفة. وتكفل الدولة المدنية الديمقراطية جميع أشكال الاحتجاج السلمي على أي قانون أو سياسة، ما يعني في النتيجة أنه لن تصدر قوانين تتعارض مع معتقدات وآراء ومصالح غالبية المواطنين. كما تحقق هذه الدولة الفصل الواضح بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، وتفرض درجات وأشكالاً متعددة من الرقابة والمحاسبة على مجمل هذه السلطات بشكل متداخل وواضح في آن، وصولا إلى ترسيخ مبدأ المواطنة الذي ظل في الحقيقة مشوها في مجمل التشكيلات السياسية والأيديولوجية العربية التي نهضت بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب غياب الديمقراطية التي تشكل في الحقيقة توأم المواطنة وحاضنتها الأولى المرتبطة بها ارتباطاً عضوياً وسببياً بحيث لا يمكن أن تتجسد إحداهما في غياب الأخرى. ان التطورات المتوالية في المنطقة العربية تشكل فرصة كبيرة ليقظة المجتمع العربي من سباته القسري، وفق شروط لا تبتعد كثيرا عن متطلبات الأنظمة القائمة نفسها التي عليها التوقف عن محاولاتها المستميتة لكي تكون هي وحدها مصدر المنح والمنع، وان يتحرك الجميع وفق إيقاع تحدد هي مساره وسقفه ومنتهاه، والكف تاليا عن محاولة إدارة المجتمع والمواطن بالريمونت كونترول، والعمل بدلا من ذلك على إطلاق سراحهما ليتمكنا من استعادة روحهما الفطرية حتى لا يتحول المواطن العربي إلى مجرد عدد فائض يستدعى لصد المغارم، ويستبعد عند توزيع المغانم. |
|