تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الديمقراطية.. بالحوار الوطني لا بالاستقواء بالأجنبي!

شؤون سياسية
الأثنين 4-7-2011
غسان العزامي*

أي استدعاء للخارج أو الاستقواء به للتدخل في الشؤون الداخلية السورية لن يكون إلا حجر عثرة تؤخر الاصلاح المنشود، بل يدخل في فوضى لا يعرف مصيرها إلا الله؟

إن سورية الوطن، سورية التاريخ والحضارة قادرة على تجاوز الأحداث اليوم، والمستقبل لن يكون قاتماً كما يريدون لأن السوريين يعون دقة المرحلة وحساسيتها البالغة وخطورتها.‏

لقد رفض السوريون في كل الأزمنة أي أفكار وطروحات ومفاهيم تعمل على تفريقهم وتمزيق وحدتهم الوطنية، وتدعو إلى التفريق على أساس العرق والمذهب والطائفة والدين، واعتبر السوريون أن مثل تلك الأفكار والدعوات تآمر على وحدة الوطن ومناعته.. لأنهم بخصوصيتهم الوطنية والقومية وبتاريخهم النضالي وبممارستهم وثقافتهم لا يساومون على كرامة ووحدة بلدهم ولا يرتضون الاستقواء بالغرب وأميركا ولا يدعون إلى تمزيق المجتمع السوري.‏

إن المعارضة أمر مشروع وتعبير عن تباين الآراء السياسية، كذلك أهمية وجوب ارساء ثقافة الحوار والنقد الذاتي وقبول المعارضة الوطنية والرأي الآخر مادام تحت سقف الوطن ومصلحة شعبه.‏

فالمعارضة مصدر قوة للحكم، فهي التي تقوم بدور الرقابة على أداء الحكومة، لكن ما نرى ويثير الاستغراب ما وقعت به المعارضة الليبية في الفخ عندما استعانت بالحلف الأطلسي والولايات المتحدة، وشاءت أو أبت فإنها أوقعت ليبيا تحت المظلة الأوروبية، وسوف نرى النتائج في المستقبل القريب، وإذا كان المحتجون في بنغازي يهللون لضربات وهجمات الطائرات الغربية وكأنهم قد فازوا وانتصروا، فإننا نخشى عليهم من ذلك اليوم الذي قد تصوب فيه هذه الهجمات وهذه النيران ضدهم.‏

وعلينا جميعاً أن لا نسمح مرة أخرى بأن نخدع من قبل أميركا والغرب، والتاريخ القريب شاهد على ما قامت به الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الباطل المعروفة والتي غزت أفغانستان والعراق واحتلتها وأعادتها عقوداً إلى الوراء وكل ذلك بحجة الديمقراطية والتحرر ومحاربة الارهاب.‏

إن من حق المعارضة أن تنال الحرية في القول والعمل والمشاركة في الحكم لكنها ترتكب حماقة كبيرة عندما تستقوي بالأجنبي، لأن الدول الغربية لا تعرف غير مصالحها ، ولا تعير أي اهتمامات للصداقات والتحالفات، فهي صداقات وتحالفات مؤقتة وفق مصالحها، إن الحوار الوطني اليوم ضرورة وطنية ويجب أن يبنى على مشتركات وطنية وقومية تجمع السوريين، ولا تفرقهم، مشتركات تدفع بمسيرة العمل الوطني والقومي نحو الاصلاح، وتمتن في مواجهة تحدياتهم الخارجية والداخلية، وهذه المشتركات لا خلاف عليها وطنياً لأنها تشكل خصوصية السوريين القومية والوطنية في كل الأزمنة.‏

إن الوطن بحاجة إلى الجميع وخصوصاً إلى الشباب المتنور من أجل الحفاظ على أمنه والتصدي للمؤامرة التي تتعرض لها سورية وتستهدف أمنها واستقرارها ويصنع اليوم قدره بيده وبدمائه وهو يرفض الفتن العرقية والطائفية والقطرية التي يزرعها الأعداء، وهو عاكف على بناء مستقبل عربي زاهر سيفاجئ من يقبعون خلف قواهم الغاشمة وخبرائهم في التحريض.‏

هذا الشرق الأوسط الجديد ليس ما أرادته كلينتون ورايس والمحافظون الجدد المعروفون بحبهم للحروب والتعذيب والبطش بالعرب وسفك دمائهم، والسوريون قادرون على تجاوز هذه المحنة الأليمة لأنهم أبناء وطن العزة والكرامة لا تنحني رؤوسهم إلا لخالقهم، ولأنهم يعشقون هذا الوطن وقادرون بوحدتهم الوطنية وإيمانهم الكبير على الدفاع عن بلدهم بكل بسالة واقتدار، لذلك ستبقى سورية صامدة وصلبة وقوية. إذ ليس علينا في هذه الظروف إلا التفاؤل بالمواطن السوري ووعيه وانتمائه والذي يعشق بلده ولا يفرط بأي ذرة تراب فيه.‏

فالمطلوب اليوم من كل سوري مخلص مواجهة كل ما يجري وتقديم كل ما يلزم وما هوممكن لحماية سورية لتبقى شامخة بشعبها وتاريخها وقيادتها ومواقفها القومية التي تشكل رمحاً في صدور أعداء الأمة وحماية منجزاتها ووحدتها الوطنية والتمسك بمواقفها الوطنية والحفاظ على تماسك البنية والنسيج الاجتماعي السوري بكل تنوعه واطيافه الذي هو سياج الوحدة الوطنية بكل ثوابتها وعناصرها، بحيث يشكل الانتماء إلى الوطن والتمسك بأمنه واستقراره ووحدته، البوصلة التي تقود وعيهم وبالتالي افشال كل المخططات والمشروعات الفئوية التي كانت ولا تزال تستهدف وحدة الوطن واستقراره إن دمشق وأهلها عصية على الأجنبي، ولا تفتح أبوابها إلا للعرب الشرفاء وفي الوقت نفسه عنيدة لا تقبل الظلم والاضطهاد.‏

 صحفي عراقي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية