تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التسويف أمر لا جدوى منه

هآرتس
ترجمة
الأثنين 4-7-2011
ترجمة ليندا سكوتي

إن ما يبديه الإسرائيليون والفلسطينيون من مخاوف وهواجس تحسباً من الدخول في المفاوضات وسعي كل منهما إلى استئخارها بمبررات واهية وأعذار مختلفة يحاكي في مضمونه إحجام المريض عن مراجعة طبيب الأسنان

على الرغم مما توفر لديه من قناعة بأن وضعه الصحي لن يتحسن دون مراجعة العيادة السنية، لكنه بعد أن يزداد الألم سيشعر في نهاية المطاف بأن لا مناص من الذهاب إلى تلك العيادة على الرغم من علمه بالآلام التي سيتعرض لها جراء المعالجة.‏

لا شك بأن المريض يعلم جيداً وبشكل مسبق بالنتائج الوخيمة التي تنجم عن التسويف والتأخر بمعالجة مرضه لكنه مع ذلك يبقى متحسباً من كرسي الطبيب ويتوجس خيفة من النظر إليه. لكن بيبي مع تهيبه من الدخول في المفاوضات يحاول الظهور بمظهر البطل الواثق من نفسه في الوقت الذي يصف به وزير دفاعه إيهود باراك بأن الوضع ينذر بتسونامي رهيب. ويبدو بأن كلا منهما يكمل الآخر عندما يقول بأن الأمور تسير على خير ما يرام. وفي هذا السياق، ماذا يقول «الأحدب» الذي هو أنا؟ هل تعلمون كيف أصبحت أحدبا؟ فأعلمكم بأني أصبحت بهذا الشكل من كثرة اللطمات على مؤخرة عنقي والتعنيف الذي تلقيته لتأكيد الادعاء بأن الأمور كلها تسير على ما يرام.‏

تقول زعيمة المعارضة تسيبي ليفني بأن إسرائيل نهجت مساراً تصادمياً مع العالم. وليس من الأهمية بمكان إن حدث هذا الأمر في شهر أيلول أو تشرين الأول لأن الصدام بدأ يأخذ مساره فعلا وأخذ البعض ينظر إليها باعتبارها دولة استعمارية.‏

لم يفت الأوان بعد، إذ أن شهر أيلول لم يأت ومن غير المؤكد بأن الفلسطينيين سينفذون تهديدهم بالذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بدولة فلسطينية فقد ذكر في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع للكنيست المنعقد في الأسبوع الماضي بأن الفلسطينيين يعيدون النظر في موضوع الذهاب إلى الأمم المتحدة ولا يعود ذلك خشية من عودة الأمم المتحدة لإبراز قرارها بتقسيم فلسطين في عام 1947 حيث تقسم البلاد إلى دولة يهودية ودولة عربية بل لأن قرار الأمم المتحدة قد يعتبر إسرائيل دولة يهودية الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون بشدة.‏

إن أمر الحوار والمناقشة لقضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس بالموضوع الهام الوحيد الذي سيحدث في شهر أيلول بل أن ثمة أمراً آخر أكثر أهمية من صدور قرار عن الأمم المتحدة ألا وهو إجراء الانتخابات في مصر تلك الانتخابات الأولى من نوعها التي تجري بعد انتفاضة ميدان التحرير حيث ستجابهنا عدد من الأسئلة فيما إذا كان جماعة الإخوان المسلمين سيتولون الحكم في مصر أم أنها ستبقى دولة محبة مستقرة يسودها السلام كما عهدناها في السابق؟ وهل سيبقى الأميركيون والأوروبيون والدول المعتدلة ينظرون إليها باعتبارها واحة من التعقل والشعور بالمسؤولية؟‏

على المصريين عدم استخدام اسم إسرائيل بجعله مجالاً للدعاية الانتخابية في الانتخابات المقبلة. ويتعين على إسرائيل ان تسارع بالقيام بمفاوضات مع الفلسطينيين بالتزامن مع تلك الانتخابات بغية التوصل إلى اتفاقية سلام معهم وأن لا تبقى في حالة من الجمود انتظاراً لما تتمخض عنه نتائجها. وعلينا الابتعاد عن سياسة المساومات والتوجه نحو سياسة يسودها الاعتدال آخذين باعتبارنا بأننا عملنا طويلا في مجال المساومة والدعاية وابتعدنا عن السياسة البراغماتية الإيجابية، وأصبح علينا في هذه المرحلة طرح مبادرة إسرائيلية تفضي إلى إقامة علاقات ودية يسودها الاحترام والتقدير للأطراف الأخرى.‏

يقول المعلقون الأميركيون بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أغضبه وأهانه نتنياهو لن يلجأ إلى معاقبة الشعب الإسرائيلي لكنه لم ينس الإساءة التي تلقاها منه في واشنطن إلا إذا تقدم بمبادرة لعقد مفاوضات جديدة تستند إلى حدود عام 1967 وتوقف عن تقديم الحجج والأعذار الواهية.‏

يتحدث بيبي عن مفاوضات بدون شروط مسبقة، لكنه بذات الوقت يملي شرطاً مسبقاً على الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لكننا لو افترضنا أنهم اعترفوا بتلك الدولة وسلموا بوجودها فماذا يمكن أن يتحقق إزاء ذلك إذ لدينا تجربة من خارطة الطريق حيث كان أول بنودها وقف الإرهاب لكننا ما زلنا نفتعل المشاكل من جهة ونشكو مما تسفر عنه من نتائج مؤلمة. وإننا ربما نكون اليوم أمام الفرصة الأخيرة في الذهاب لمفاوضات بناءة وإلا سندفع ثمناً باهظاً إزاء تخلينا عن السلام.‏

 بقلم يوئيل ماركوس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية