تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... «نقطة تحول5».. محاولة لتفادي المتغيرات الجديدة في الصراع

ترجمة
الأثنين 4-7-2011
أنهى الكيان الاسرائيلي مساء الخميس (23/6/2011) مناورة «نقطة تحول5» ، وهي الأكبر والاشمل من حيث اتساعها منذ إنشاء الكيان ،وهي محصلة لسلسلة مناورات حملت نفس الاسم‏

والتي أجريت على أساس العبر والدروس التي استخلصت بعد العدوان على لبنان عام 2006،وفي موازاة التغيير والهيكلة الشاملة التي يشهدها جيش الاحتلال ان على مستوى بنيته التنظيمية او على عقيدته القتالية ، وقد ارتكزت هذه المناورة في جانبها العسكري على سيناريوهات لحرب مقبلة على إسرائيل من جبهات عديدة تغدو فيها الجبهة الداخلية واستهدافها العنصر المركزي في الحرب وصفها كثير من المحللين العسكريين الاسرائيليين « سيناريوهات الرعب» التي تتضمن سقوط مئات الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى على تل أبيب وتحطم طائرة مروحية فوق حي سكني في مدينة كرمئيل، الواقعة في الجليل الغربيّ، داخل ما يُسمى بالخط الأخضر. كما يتم التدرب على تعرض مقر الكنيست لهجوم بأسلحة غير تقليدية، وسوف تسقط الصواريخ أيضاً على مصنع للمواد الغذائية وعلى سجن.‏‏

مناورة لتحسين الجاهزية‏‏

الى جانب ذلك ، فمناورة (نقطة تحول 5) هي مناورة مشتركة بين قيادة الجبهة الداخلية، سلطة الطوارئ القومية، شرطة إسرائيل، نجمة داوود الحمراء، خدمات المطافئ، الوزارات والسلطات المحلية. وهدف المناورة هو تحسين جاهزية كل هذه الجهات والسكان للتعامل مع أوضاع الطوارئ. وللمرة الأولى فإن أعضاء الكنيست سينزلون إلى الملاجئ في هذه المناورة.‏‏

وقال قائد منطقة القدس في قيادة الجبهة الداخلية العميد حين ليفني :«إنّ جميع أعضاء الكنيست وكل من يعملون في الكنيست ينبغي عليهم سلفاً معرفة أي منطقة محمية سيلجؤون إليها وكيف سيتم إخلاؤهم». وتعتبر المناورة اختباراً أول لقائد الجبهة الداخلية الجديد، الجنرال أيال آيزنبرغ وكذلك للوزير متان فلنائي الذي يكلف للمرة الأولى بمنصب حماية أمن الجبهة الداخلية. وقبيل بدء المناورة أعلن الوزير فلنائي:» أننا نعرف كيف نجبي الثمن من أولئك الذين يظنون أن بوسعهم المساس بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. وعدا ذلك فإننا نعرف كيف ندافع عن أنفسنا. وفي هذه المناورة سنظهر ترجمتنا لذلك». وللمرة الأولى في المناورة سيتم استخدام الإنذار عبر أجهزة الهاتف الخلوي. فالإنذار حول اقتراب صواريخ من إسرائيل سترسل لخمسة ملايين مشترك في شبكات الهاتف المحمول‏‏

وبحسب الإذاعة الإسرائيليّة فان المناورة بلغت ذروتها مساء يوم الأربعاء(22/6/2011) بإطلاق صفارات الإنذار للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل في تدريبات مسائية. ويوم الأربعاء ستطلق صفارات الإنذار في الصباح والمساء لدعوة السكان للجوء إلى المناطق الحصينة.‏‏

وفي التدريب المسائي في اليوم نفسه سمعت صفارات الإنذار ليلا لاختبار قدرة إخلاء عائلات إلى مناطق حصينة أثناء تساقط الصواريخ. وجرت تدريبات في الوزارات، ولكن التدريبات ستنتقل إلى السلطات المحلية لاحقاً. وقد اشترت قيادة الدفاع المدني في إسرائيل مؤخراً خياماً جديدة للتعامل مع حالات الإخلاء الجماعي الكبيرة. وتعتبر المناورة التي تجري للمرة الخامسة مميزة هذه المرة لأنها الأكبر. فجميع قوات الدفاع المدني والوزارات الحكومية سوف تتدرب هذا الأسبوع على مختلف السيناريوهات. كما أن مشاركة المجالس المحلية ستكون هذه المرة أكبر من المرات السابقة وأعمق، حسب وصف قائد الجبهة الداخلية السابق الجنرال يائير جولان، الذي باشر مهام منصبه الجديد كقائد للواء الشماليّ في جيش الاحتلال الإسرائيليّ وحل مكانه الجنرال إيال أيزنبرغ.‏‏

جاهزون لمواجهةهجمات صاروخية‏‏

وبحسب إذاعة الجيش ، فقد شارك في المناورة منظومات الدفاع الجـــوي الصاروخي وخصوصاً منظومتي (حيتس) و(القبة الحديدية). وستتدرب السلطات المحليّة، وعددها 160 سلطة، على الاضطرار إلى نقل ما بين 300 ألف و400 ألف إسرائيلي من مناطق سكناهم إلى مناطق أخرى آمنة أكثر، وستحاكي المناورة نقلهم إلى منطقة غور الأردن حيث سيقيمون في قواعد عسكرية وفي معسكرات خيام إلى حين تمكنهم من العودة إلى بيوتهم. وسيكون التدريب في اليومين الأخيرين ميدانياً في أنحاء متفرقة من البلاد، وستُطلق صفارات إنذار تدعو جميع السكان إلى دخول الملاجئ والغرف الآمنة للاحتماء من هجمات صاروخية. وفي السياق ذاته، أعلن الوزير فيلنائي أن إسرائيل جاهزة لمواجهة هجمات صاروخية أكثر من الماضي، وقال للإذاعة الرسميّة باللغة العبريّة إنّ الدولة العبريّة جاهزة حالياً أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هجمات صاروخية من الدول المجاورة. وأضاف أن الغرض من المناورة القطرية هو محاكاة سيناريو خطير لمثل هذا الهجوم، موضحاً أن قوة الردع الإسرائيلية ستجعل من تسول له نفسه ضربها أن يعيد التفكير في الموضوع.وفي موازاة المناورة في الجبهة الداخلية، أجرى سلاح الجو تدريبات على اعتراض صواريخ من خلال منظومة (قبة حديدية) لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، وكذلك صواريخ (باتريوت) وستوضع منظومة صواريخ (حيتس) لاعتراض الصواريخ الطويلة المدى في حالة تأهب.‏‏

وذكر المراسل الامني لصحيفة معاريف ،ان نتنياهو قرر عقد جلسة لحكومته في الخندق الجديد والسري لرئيس الوزراء الذي انتهى بناؤه هذه الأيام. الجلسة التاريخية، التي ستكون الاولى في الخندق الجديد ستنعقد في المكان في إطار مناورة الجبهة الداخلية الوطنية «نقطة انعطافة» التي بدأت أمس.الخندق السري، الذي يقع في منطقة القدس، يفترض أن يسمح لرئيس الوزراء والوزراء بمواصلة إدارة الدولة حتى في أوضاع الطوارىء المتطرفة: هزة أرضية، حرب تقليدية وهجوم كيماوي، بيولوجي بل وحتى نووي على اسرائيل. الخندق يقع على عمق عشرات الأمتار داخل الأرض وهو مزود بمنظومات تكنولوجية متطورة، من ضمنها منظومة تحكم محوسبة تقدم صورا مباشرة من ساحات الأحداث المختلفة في الزمن الحقيقي.‏‏

تغييرات جذرية نتيجة للهزيمة‏‏

ورغم التعتيم الإعلامي الكامل فيما يتصل بتفاصيل هذه المناورة ، وتحاشي وسائل الإعلامي الاسرائيلية كافة الحديث عن تفاصيل هذه المناورات ، الا ان الكثير من المحللين العسكريين والاستراتيجيين الأجانب والإسرائيليين بالتحديد ،يعتقدون بان الجانب الأهم في هذه المناورة ، يعكس التغييرات الجذرية التي أصابت عقيدة جيش الاحتلال القتالية ، والتي هي نتيجة مباشرة للهزيمة أو»الإخفاقات» كما يسميها بعض الكتاب الإسرائيليين في حربي تموز عام 2006وحرب غزة عام 2008وان أول الدروس المستفادة إسرائيليا من هاتين الحربين ، بان الحرب المقبلة ستشمل (اسرائيل) برمتها وان الجبهة الداخلية جميعها ستكون مستهدفة ، وبذلك أسقطت الحربان المذكورتان احد أهم الأسس فيما يسمى النظرية الأمنية الاسرائيلية وهي «نقل الحرب الى ارض العدو».‏‏

اما الدرس الثاني وبحسب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت احرنوت ،فهي ان أي حرب مقبلة على أساس السيناريوهات التي حاكتها المناورة ستكون طويلة الأمد أي أنها ستأخذ وقتاً طويلاً من حيث الأمكنة والأهداف العسكرية والمدنية التي ستطالها الحرب المحتملة والتي تشمل اسرائيل بكاملها ، وهذا يعني سقوط ثاني أهم ثابت في النظرية الأمنية المذكورة «حسم المعركة بالسرعة الممكنة»‏‏

اما الدرس الثالث ، يتعلق بشكل وطبيعة التهديدات التي أجريت على أساسها هذه المناورة والتي توحي المصادر السياسية الاسرائيلية بان هذه المناورة ذات طبيعة «دفاعية» في مواجهة تهديدات ذات طابع استراتيجي ووجودي مصدرها «إيران» و»سورية» والمقاومة اللبنانية»حزب الله» والفلسطينية « حماس والجهاد وبقية قوى المقاومة الفلسطينية ، ولكن حجم هذه المناورة واتساعها ومشاركة الجيش والمؤسسات المدنية تأخذ طابعا ينبىء باستعداد اسرائيل لشن حرب في أي فرصة تسنح لها.‏‏

دروس تعلمناها من حرب لبنان‏‏

الصحافة الاسرائيلية شانها شان بقية وسائل الإعلام الاسرائيلية لم تتناول هذه المناورة بالتفصيل والتحليل وإنما مرت عليها مرور الكرام من قبيل الإعلان فقط ، فتحت عنوان «ميدان الجبهة المدنية «كتب العميد احتياط زئيف تسوك في اسرائيل اليوم يقول :» ستُجرى هذا الأسبوع عشرات التدريبات في أنحاء البلاد في إطار أسبوع الطوارىء الوطني بقيادة مكتب حماية الجبهة الداخلية وسلطة الطوارىء الوطنية. سنعمل في هذا التدريب كما في التدريبات السابقة على تطبيق دروس تعلمناها من حرب لبنان الثانية وعملية «الرصاص المصبوب». وكما كانت الحال في السنة الماضية، ستشارك منظمات القطاع الثالث في التدريب وتوجه على يد سلطة الطوارىء الوطنية باعتبار هذا درسا جرى تعلمه من عملية «الرصاص المصبوب».‏‏

وتابع تسوك :«نُشرك زيادة على منظمات القطاع الثالث، السلطات المحلية في التدرب على سيناريوهات الطوارىء. يفترض أن يكون رؤساء البلديات رأس حربة منعة الجماهير. يدركون في سلطة الطوارىء الوطنية أن المنعة تُبنى كأمر روتيني وعلى مدى سنين. للسلطات المحلية، في مستوى الجماعة دور مركزي بواسطة مشاركة أجهزة التربية والصحة والرفاهية والأمن.‏‏

مع ذلك، وبرغم التعاون الممتاز مع روابط وجهات متطوعة، لا يمكن بناء المنعة بواسطتها فقط. فالمنعة تُبنى بواسطة قيادة محلية وجهاز حكم مستقر مشارك في حياة الجماعة وفيه تكتل وثقة. لهذا نتوجه الى جهات الحكم لا الى الجهات المتطوعة فقط كي تقود هذه المسارات بعد ذلك.‏‏

وكتب العميد احتياط مئير الران ، والذي يعمل رئيس برنامج أبحاث الجبهة المدنية في معهد أبحاث الامن القومي في صحيفة هآرتس يقول :» إن صورة التهديد التي يعرضها الجيش الاسرائيلي شديدة وتزداد خطرا. فلا شك في أن تدريب الجمهور العريض والجهات المسؤولة عن الرد حيوي ومطلوب. وحسنا يفعل المسؤولون عن الجبهة المدنية التي تجري تدريبا سنويا واسع النطاق برغم ما يبدو عدم اكتراث مستمر من بعض الجمهور واصوات تتحفظ من «تخويفه». هذا التدريب الواسع النطاق الذي هو ذروة سنة تدريب ومناورات محلية وقطاعية لا يفترض أن يُحسن فقط قدرات الأجهزة المختلفة والتعاون بينها بل أن يكشف عن اختلالات ويُمكّن من استخلاص دروس لسنة العمل التالية. وتدريب الأولاد في المدارس مهم على نحو خاص باعتباره عنصرا تربويا في رؤية مستقبلية.‏‏

وأضاف الران يقول :«مع ذلك لا يتآلف كل هذا وغيره في رد متآلف شامل يقوم على تصور أمني وطني يتعلق بحماية الجبهة المدنية من التهديدات المتوقعة».‏‏

إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية