|
حدث وتعليق بعد أن سمع من نظيره الروسي سيرغي لافروف موقف روسيا الواضح والصريح الذي لا يحتمل التفسير أو التأويل والذي يتلخص بأن الأزمة في سورية لها مسار سياسي فقط وعلى المعارضة أن تذهب إلى الحوار. فموسكو الملدوغة من جحرها بأزمة ليبيا لاترضى بأن تلدغ مرة ثانية بملف جديد بعد أن خانت دول الأطلسي التي تعتدي اليوم على ليبيا تعهداتها في القرار الأممي رقم 1973 وذهبت بعيدا في استغلالها له، ولا يمكن لموسكو أن تقبل بمساومة رخيصة من قبل باريس أو غيرها بشأن ما يجري في سورية، لأن ما يجري في سورية أصلا يختلف عما يجري في غيرها، من بلدان المنطقة عدا كون القيادة السورية منفتحة على الحوار ولديها برنامج إصلاحي يجعلها أنموذجا في محيطها العربي والإقليمي. كذلك فإن موسكو التي بدأت تتلمس اليوم عناصر قوتها وحضورها على المسرح الدولي، وتستعيد شيئا فشيئا وهج الحقبة السوفيتية السابقة، ليست في وارد التخلي عن صديق يشكل ضمانة أساسية للاستقرار والهدوء في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر من أهم مناطق العالم حيوية لمصالح روسيا وغيرها من دول العالم. وانطلاقا من ذلك فإن التطاول على سورية سواء بمؤامرات أو عقوبات أو تدخل عسكري أو التأثير على دورها وحضورها سينعكس سلبا على استقرار المنطقة وعلى مصالح روسيا وصداقاتها وعلى دورها الايجابي والمحوري في قضايا المنطقة، وسيترك الباب مفتوحا لتفرد الغرب الطامع بمصير المنطقة والهيمنة على قرارها وثرواتها. ولعل ثبات روسيا على موقفها من الأزمة السورية الذاهبة للحل بإرادة أبنائها يشكل الضمانة الأكيدة لئلا تتحول الأمم المتحدة ومؤسساتها وخاصة مجلس الأمن إلى ألعوبة أو أداة سياسية طيعة بيد الدول الغربية التي اتضح أنها تريد رسم خريطة العالم مجددا حسب مقياس مصالحها وأطماعها، معيدة للذاكرة مشاريع سايكس بيكو وسان ريمو ووعد بلفور ومبدأ أيزنهاور وغيرها وصولا إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولذلك من الطبيعي أن تحاول هذه الدول ابتزاز روسيا أو مساومتها للتخلي عن دورها وعن أصدقائها، لكنهم عبثا يحاولون..! |
|