|
شباب ويبدد أحلامهم ويهدد مجتمعنا الآمن بالخطر , ورغم كل المحاولات لدرء خطر هذا الشبح عبر مكاتب التشغيل التي تم إحداثها في بداية الألفية الثانية إلا أنها باءت بالفشل أمام عجز هذه المكاتب عن تقمص دورها بالشكل المرجو نظراً لتفشي المحسوبيات والمصالح الشخصية في أروقتها ,
إضافة للحمل الكبير الذي اسند إليها وبالتالي عجزها عن تأمين فرص العمل المطلوبة لمعظم الشباب ,الأمر الذي لم يأت من فراغ وإنما كان نتيجة حتمية لغياب الإستراتيجية العلمية المهنية القادرة على استيعاب معظم شبابنا إن لم نقل جميعهم ,وبين عدم إيلاء شبابنا الاهتمام اللازم وغياب السياسات الجادة لإبعاد شبح البطالة عنهم أصبحت طموحات شبابنا في غرف مظلمة لا يعلم بها إلا الله عز وجل ,ما جعلنا نسأل عن أسباب تفشي البطالة بين شبابنا بهذا الكم الكبير والآثار التي تركتها على المجتمع والفرد وآلية التخلص منها , وللإجابة عن هذه التساؤلات أجرينا التحقيق التالي و الذي بدوره يضع النقاط على الحروف برؤية علمية كفيلة برأب الصدع وإبعاد ِهذا الشبح عن شبابنا ما أمكن :50ألف طالب إلى سوق العمل الدكتور وائل الإمام الأستاذ في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية بجامعة دمشق وضح أسباب بطالة شبابنا وكيفية الحد منها بعيون علمية اقتصادية موضوعية فقال : تنتج البطالة بعد حصول الطالب على الثانوية العامة وخاصة من الفرع الأدبي حيث أن الجامعات لا تستطيع استيعاب هذه الأعداد مما يؤدي إلى دخول نحو 500ألف طالب وسطياً إلى سوق العمل بشكل سنوي ,إضافة إلى أن الطلب على سوق العمل ناتج عن التسرب الذي يحدث في المرحلة الثانوية بوزارة التربية .
تسرب جامعي ويتابع الإمام قوله :كما أن التسرب الذي يحدث في جامعاتنا والذي تصل نسبته إلى 20%يلعب دوراً كبيراً في ازدياد نسبة البطالة بين شبابنا إذ إن أولئك المتسربين إضافة للطلاب غير المقبولين في جامعاتنا و الذين يحملون شهادات ثانوية بفروعها سيدخلون سوق العمل مما يشكل ضغطاً كبيراً على القطاعين العام والخاص لطلب العمل في قطاعات الدولة بالدرجة الأولى . نمو سكاني وإضافة إلى ذلك الزيادة السكانية والدورة السكانية بالنسبة لفئة الشباب للدخول إلى سوق العمل والتي تعتبر أحد المشاكل الهامة التي يعاني منها مجتمعنا حيث يصل متوسط العمر فيها إلى18سنة وبالتالي كل زيادة سكانية تتم قبل هذا العمر لايمكننا تغييرها . حلول لابد منها وعن الحلول المتوفرة بين أيدينا يقول الإمام لابد من معرفة أسباب التسرب الجامعي وزيادة عدد المقاعد في جامعاتنا لطلبة الثانوية الأدبي وضبطها عبر وزارة التربية كما لابد من اصدار قرار من وزارة التربية على مستوى كل محافظة يؤكد على عدم امكانية ممارسة أي شخص لمهنة حرة إلا عبر شهادة صادرة عنها تفيد بأنهلديه الخبرة الكافية لممارسة هذه المهنة أو تلك بالنظر لأنه عندما يدخل الطالب المتسرب إلى سوق العمل سيلجأ إلى المهن الحرة ,من هنا وبما أنه لدى وزارة التربية مدارس مهنية تشمل جميع المهن حتى مهنة الحلاقة لابد من اصدار القرار المذكور أسوة ببعض الدول المجاورة , وإلزام الجمعيات الحرفية بشهادات الثانوية المهنية التي تصدر عنها (وزارة التربية )إذ أن الذي يحدث في هذه الجمعيات الحرفية أن كل شخص يستطيع الحصول على شهادة مهنية منها وهذا لايجوز.
إلى المعاهد المتوسطة لابد من إيجاد آلية معينة لتحويل الطلاب المتسربين من الجامعة إلى المعاهد المتوسطة بعد إجراء عملية تعادل المواد التي نجح فيها الطالب مع مراعاة بعض المواد التقنية التي لا تدرس في الجامعة والهدف من ذلك حصول الطالب على شهادة تقنية حسب اختصاصه بحيث يكون مؤهلاً لهذا العمل إذا ما تم تعيينه أو توظيفه بالعمل الحر ,علماً أنه يوجد مبانٍ كثيرة للمعاهد المتوسطة في بلدنا وفي كثير منها لا يتم قبول إلا أعداد قليلة فيها . التوعية وأمام الزيادة السكانية لابد من زيادة الوعي لدى المواطن وهذا يندرج على رأس قائمة عمل الهيئة السورية لشؤون الأسرة أو إحداث وزارة خاصة بشؤون الأسرة أو تعديل قانون الأحداث السورية لشؤون الأسرة حيث إن هذه الهيئة لا تلعب إلا دوراً تنسيقياً بين وزارات الدولة ومع ذلك مقصرة كثيراً في عملية التوعية على مستوى المحافظة (زيارات – ندوات – محاضرات )وبالتالي لابد من زيادة الثقافة في تقليل العدد لأن المشكلة لدينا أنه عندما تسن القوانين الكل يخالف ,فمثلاً محافظات السويداء ودمشق وطرطوس الأقل إنجاباً لكن ببقية المحافظات لا يؤخذ ذلك بعين الاعتبار لذلك يجب التركيز والاستدامة بالتوعية.
وقف تقلك بعد القيام بحملات التوعية يجب قياس مدى تأثير الأفكار من هذه الحملات قبل وبعد (استبيان )لقياس الاتجاه العام نحو تنظيم الأسرة قبل إجراء حملات التوعية وبعدها على نفس الأشخاص ليتسنى لنا قياس مدى تأثير هذه الحملات على المواطنين ويجب نشر هذا الفكر في نقاط الذروة بالفضائيات السورية في هذه المرحلة نظراً لالتصاق الشارع السوري بإعلامه . وللمنظمات الشعبية دورها أيضاً ويضيف الإمام :يجب علينا ألا ننسى دور منظمة شبيبة الثورة كمنظمة مرتبطة بحزب البعث والاتحاد الوطني لطلبة سورية في نشر الوعي السكاني ومفاهيم الصحة الإنجابية التي تم الاتفاق عليها مع وزارة الأوقاف لفئة الشباب وتوعيتهم نحو أهمية الحصول على الشهادة التي تؤهلهم على العمل وبقاء الطالب فترة أطول تحت ظل مؤسسات الدولة سواء تعليمية أو منظمات شعبية لبث الوعي لديه ,فعندما نقوم بمثل هذه الخطوات فإننا نحاول إبعاد شبابنا عن ذلك الفكر الأعور الذي يؤدي إلى التطرف الديني أو التطرف الإجرامي . مكافحة الأعمال غير الشرعية كما لابد من مكافحة الأعمال التجارية غير الشرعية مثل التهريب والإتجار بالسلاح والمخدرات وقمعها بقوة لأنها تعطي للشباب فكراً مشوهاً بأنها أفضل طريقة لزيادة الثروة ويجب إعطاء صورة قانونية واضحة للشباب عن العقوبات التي تنطبق على أولئك الذين يمتهنون هذه الأعمال حتى لا يعتقد الشاب أنها الطريق الأقصر والأسهل في تحقيق أهدافه المادية . دور المنظمات الأهلية وإضافة لكل ذلك لابد من إلزام المنظمات غير الحكومية في المجتمع الأهلي (جمعيات أهلية –جمعيات تنموية )بدورها الحقيقي اتجاه فئة الشباب خاصة عبر برامج تتم مراقبتها والعمل عليها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع نشر الوعي في هذه الفئة لمفهوم المواطنة الحقيقي (كما أن الدولة تعطيك لابد أن تعطيها ) والعمل الطوعي ولتحقيق هذه الغاية لابد من احداث اختصاصات جامعية مهنية لتدريب المتدربين في مفهوم التطوع وآلياته بعد أن ينهي الطالب دراسته الجامعية (دراسات عليا ). آثار ونتائج وعن الآثار السلبية التي تتركها البطالة عند الشباب قال الدكتور شاهين :إن من أهم الآثار فتح بوابة عريضة أمام شبابنا لدخول عالم الانحراف (مخدرات – سرقة – تطرف ديني )كما أكد الكثير من الدراسات وربما الإهمال غير المتعمد للشباب وعدم الاهتمام جدياً بمشاكلهم وهمومهم إضافة لعدم إشراكهم في صناعة القرار فاقم المشكلة وأدى لوصول بلدنا إلى الظروف الحالية . هجرة وضعف انتماء كما أن البطالة تؤدي إلى تدني أو ضعف الإنتماء للوطن والتفكير بالهجرة ونسج أرضية خصبة للمشاركة في أي عمل ربما يلحق الضرر بالوطن ,كما ان إمكانية التأثير على الشباب تصبح سهلة ما قد يؤدي لانضمامهم لجهات غير مشروعة تستغلهم لاستهداف بلدهم سورية . إحباط وعدم ثقة وإضافة لذلك فإن بطالة الشباب تؤدي إلى احباطهم وعدم ثقتهم بالمستقبل وسيطرة السلبية على حياتهم وفقدان ثقتهم بوطنهم كم أنها تساهم في ازدياد حالات السرقة والمشاكل بين المواطنين وعلى صعيد أسروي تؤدي إلى صدامات ومشاحنات أكثر مما لو توفر للشاب فرصة عمل ,أما الأهم وطالما أن شريحة الشباب تشكل 50%من السكان وأمام عدم ايجاد الحلول المناسبة لبطالتهم وتذليل الصعوبات التي تعترضهم فإننا نضع مجتمعنا وجهاً لوجه أمام الأزمات الأمر الذي يؤدي لزعزعة استقراره . وكيف يمكننا التخلص من البطالة ؟ يقول الدكتور شاهين هناك حلان لابد من توفرهما إذا ما أردنا التخلص من شبح البطالة الذي يهدد شبابنا عماد المستقبل الأول وتقع مسؤوليته على الجهات الحكومية الرسمية من خلال البحث عن آليات لتأمين فرص عمل لطالبه إما من خلال التوسع في إقامة المشاريع الإقتصادية التي تستقطب الكثير من الأيدي العاملة أو العمل باتجاه مد يد العون والمساعدة للشباب بتقديم قروض ميسرة بفوائد بسيطة على الأقل بالفترات الأولى من منحها مع وجود إدارات لتدريب الشباب على كيفية إقامة المشاريع وإدارتها وضرورة التوسع في زيادة إشراك القطاع الخاص في هذه العملية بمعنى محاولة ربط عملية التوظيف بين القطاع الخاص والخريجين والتنسيق مع القطاع الخاص لاستقبال الشباب والعمل داخل المؤسسات التعليمية وفق متطلبات هذا القطاع والثاني وتقع مسؤوليته على الأفراد إذ يجب على الشاب تحمل مسؤوليته والتفكير منطقياً بحيث يكون صاحب مبادرة يفكر بإقامة مشروع والطلب من جهات حكومية معينة مساعدته . فلاشات رقمية كشف تقرير صادر عن المكتب المركزي للإحصاء أن عدد المشتغلين في سورية لعام 2009بلغ قرابة 5ملايين عامل مشيراً إلى أن أعلى نسب البطالة عند الشرائح العمرية الأكثر شباباً وأن معدل البطالة في سورية خلال العام الماضي وصل إلى 8,1% فيما كانت أعلى نسبة للبطالة لدى الشرائح العمرية الأكثر شباباً إذ يشكل عدد المتعطلين الذين تتراوح أعمارهم بين سن ال20و24نحو29,8%,وبين سن 25-29تصل النسبة إل26,2%,بينما تتراجع نسبة المتعطلين ممن تتراوح أعمارهم بين 15-29عاماً لتصل إلى 13,5% . اللاذقية وطرطوس الأعلى بطالة بينت البيانات الإحصائية أن أعلى نسبة للمتعطلين هي في اللاذقية وتبلغ 13,4%وطرطوس وتبلغ 13,3%من إجمالي عدد المتعطلين في القطر البالغ نحو 442,935ألف متعطل ثم جاءت الحسكة ثالثاً بنحو 11,9% فريف دمشق رابعاً بنحو 10,2%فحمص خامساً بمعدل 9,9%من إجمالي عدد المتعطلين . تصنيف أشار التقرير إلى أن تمركز المتعطلين في المراحل التعليمية المتوسطة ثم عمال قطاع البناء والتشييد وعمال الشركات والمعامل. وعند لبيبة الخبر اليقين يقدر عدد من الخبراء الاقتصاديين نسبة البطالة في سورية بنحو 20%حيث تقدر أعداد الداخلين إلى سوق العمل بحوالي 300 ألف شخص سنوياً . ولنا كلمة لاشك أن الفساد بمجمل عناوينه خلال المرحلة السابقة وعدم تحسين المناخ الاستثماري لجذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة لتأمين فرص عمل وعدم الاهتمام بفئة الشباب بالشكل المطلوب لعب دوراً كبيراً في تفشي البطالة عموماً وبين صفوفهم خصوصاً الامر الذي يجعل الحكومة الحالية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بوضع هذه العناوين على سلم أولوياتها ومعالجتها بشكل علمي مدروس وليس كيفما اتفق . |
|