|
شباب الفنية الخزفية والنحتية.. إنهم اليافعون من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم تمنعهم إعاقتهم من سكب ما بداخلهم من انفعالات وتجسيدها عبر لوحات فنية متنوعة تغري عين المتلقي وتحاكيه، هذا ما جسدته ورشة عمل أقيمت في قلعة دمشق لتعليم هؤلاء الشباب اليافعين من سن الرابعة عشرة إلى سن السادسة عشرة بالتنسيق والتعاون ما بين معهد الفنون التطبيقية وغرفة التجارة الفنية، الورشة غايتها دمج عدد من طلاب المدارس مع بعض ذوي الاحتياجات الخاصة لتعليمهم وتنميتهم بصرياً وفنياً، على هامش الورشة التقينا مدير المعهد التطبيقي طارق السواح وحدثنا عن دور المعهد في هذه الورشة الذي قام باختيار بعض الاختصاصات التي تناسب أعمارهم منها النحت، الرسم، الخط العربي،
الخزف وإعادة صياغة مواد طبيعية، كولاج، ويضيف تفاجأنا بمستوى الطلاب سواء بالنحت أو الرسم وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم بعد ساعتين من التدريب استطاع البعض منهم تحريك أصابعه بشكل صحيح وخاصة في الخط العربي الذي هو من أصعب الفنون، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على وجود موهبة حقيقية عند هؤلاء، هدفنا من إقامة هذا النشاط هو دفع الرؤية الجمالية للطالب وتعليمه المادة ومساهمته في بناء وتكوين الأعمال ومعرفة المراحل المتبعة لتشكيلها، الورشة بإشراف أساتذة وطلاب المعهد التقاني الفني للفنون التطبيقية.أما مديرة مشروع من صنع يدي نور نويلاتي فقدأشارت أن الغرفة الفتية ارتأت أن يكون اندماج طلاب المدارس مع ذوي الاحتياجات الخاصة من منظمة آمال ضمن إطار ورشة تفاعلية لمدة خمسة أيام يتعلمون فيها الرسم والنحت والخزف..
وفي نهاية الورشة نجمع كل الإنتاجات الإبداعية ونقدمها في معرض ونعرضها للبيع بحيث يذهب ريعها إلى إحدى الجمعيات الخيرية، الورشة انتجت أعمالاً جيدة وإذا كان الريع مقبولاً من المعرض سنكرر التجربة في كل عام وعن طريقة العمل في الورشة أشارت نويلاتي أننا قسمنا اليافعين إلى أربع مجموعات وكل مجموعة مسؤولة عن أربع طاولات، مجموعة للرسم ومجموعة للخط ومجموعة للنحت ومجموعة للخزف وعلى كل طاولة يوجد من طلاب المدارس ومن جمعية الغرفة الفتية ومن أساتذة المعهد والطلاب ولكل طاولة مشرف يؤمن لها كل ما يلزم من أجل انجاز الهدف المرجو من جهود كل طاولة ألا وهو تقديم المنفعة المهنية لهؤلاء اليافعين. وللوقوف عند بعض الآراء كانت لنا وقفة مع مجموعة من المشاركين نور زكي من ذوي الاحتياجات الخاصة: ترى أن هذه الورشة لها دور كبير في جمع اليافعين مع بعضهم البعض عبر نشاط مشترك لصياغة أعمال فنية قد يصعب تنفيذها في بيوتنا ولها دور في اكتساب الخبرة وتنميتها بحيث نستفيد منها مستقبلاً وتصبح مهنة لدى البعض وقد يتخذها مصدر رزق، بالنسبة لي أحببت هذا النشاط وخاصة العمل بالطين حيث أجد نفسي في المنحوتة التي أصنعها وأشعر أنها جزء مني، إن هذا النشاط التشاركي يقدم للشخص المعاق على الصعيد النفسي كل الارتياح ويرفل بظلال المحبة والوئام، ويشعرنا أننا نعمل مثلهم ولا نختلف عنهم بشيء والإنسان يقدر بعمله وإنسانيته لا بشكله ومظهره الخارجي، ما يكتنزه الشخص من علم ومعرفة هو المهم وهو الأساس في الحياة الاجتماعية، نتمنى أن يفهم الجميع هذا الشيء وتتشكل لدينا ثقافة مجتمعية حول ذلك تعمّ أبناء وطننا الحبيب سورية في النهاية أشكر المعهد التقني وأشكر مدير مشروع -من صنع يدي-. بدورها نيرمين شعبان من ذوي الاحتياجات الخاصة: تشكر من هيأ لها هذه الفرصة الذهبية للاندماج مع طلاب المدارس في ورشة عمل تستطيع من خلالها أن تثبت أنها تستطيع العمل وتبدع فيه مثل أي شاب يافع عادي وهذه لو حتى في الخط العربي تفصح عما يجول في البال من فرح وسعادة وخاصة التعامل الراقي من قبل اليافعين العاديين معي وكأنني مثلهم وهذا ما يثلج الصدر ويريحه إنها المشاركة الأولى في حياتي. أما الطالب محمد الحموي في المعهد التقني مشرف على اليافعين من المنظمة السورية للمعوقين في الورشة، يقول: أحاول مساعدة هؤلاء قدر الإمكان في الأشياء التي تخدمهم في عملية الرسم والنحت وأعلمهم قدر المستطاع على بعض الأساسيات في العمل التي يستطيعون أن يتعلمونها لأن لكل واحد منهم حالة واتعامل معهم على هذا الأساس كل واحد منهم حسب ما يناسبه لا حسب ما أنا أريد، التعامل معهم ممتع والبعض يتعلم بسرعة رغم وضعه وهذه الورشة هي الأولى من نوعها ونتمنى أن تتكرر وتتطور لخدمة هؤلاء وإدخال السعادة إلى قلوبهم بالتالي سعادتهم هي سعادتنا وخدمتهم هي خدمة للوطن. أما ضحى حديفة طالبة تخرجت منذ شهرين تقول: إن مشاركتي بالورشة اقتصرت على تدريب اليافعين المعوقين بتعليم النحت وكيفية تكوين المنحوتة والتعرف على الخطوات الأساسية لتشكيلها، ومن ثم أشرح لهم عن الكتلة والفراغ في المنحوتة، بصراحة يوجد لدى البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة مواهب وإمكانات تضاهي المواهب الموجودة عند بعض الطلاب الأصحاء. وبدورها هدى سريول من ذوي الاحتياجات الخاصة أشارت أن الورشة قدمت لنا الكثير خاصة الحس الإنساني العالي الذي أعطانا القوة وخلق جواً من التفاعل بين كل المشاركين وعلى الصعيد المهني تعلمت كيف أتعامل مع الطين بحنية وبالمقابل متى أتعامل معه بقسوة، ورشة العمل ممتعة على الصعيدين النفسي والمهني. ندى دوبا رئيسة قسم في المعهد التقني ترى أن أهمية الورشة تنبع من فعاليتها في عملية الدمج التي لاقت استحساناً من قبل جميع المشاركين وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، والملفت هو الإصرار من قبلهم على التعلم والشغل الجاد رغم الوضع الخاص لهم من أجل إبراز رؤاهم وتصوراتهم وإبداعاتهم في أعمال فنية تثبت للآخر أنهم موجودون وقادرون على الإبداع مثل أي إنسان عادي. ت: سامر صقور |
|