تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كارتر يتهم الرئيس أوباما ... قاتل

عن موقع : Le Grand soir
ترجمة
الأثنين 9-7-2012
ترجمة :دلال ابراهيم

يتضمن العمود الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز بقلم الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر اتهاماً غير عادي لحكومة الرئيس باراك اوباما ولعمليات القتل التي تمارسها وانتهاكاتها الإجرامية للقانون الدولي والدستور الأميركي .

وكتب كارتر في هذا العمود الذي جاء تحت عنوان (حصيلة قاسية وغير عادية ) أن « ما تم الكشف عنه حول ضلوع مسؤولين أميركيين في مناصب عليا في عمليات قتل لأشخاص خارج الولايات المتحدة , بمن فيهم مواطنون أميركيون , لا يعتبر سوى دليل أحدث ومثير للقلق أكثر عن مدى حجم الانتهاكات المقترفة لحقوق الإنسان من قبل دولتنا»‏

وفي إشارة له على الأحكام الشهيرة المنصوص عنها في قانون تفويض الدفاع الوطني , الصادر في 31 كانون الأول المنصرم , كتب كارتر يقول « أسبغ هذا القانون الشرعية على حق الرئيس باحتجاز شخص إلى دون أجل لمجرد الاشتباه بانتمائه إلى منظمات إرهابية أو إلى ( قوات مساهمة ) وتعتبر تلك سلطة واسعة وغامضة تفسح المجال لارتكاب تجاوزات خارجة عن سيطرة ومراقبة المحاكم والكونغرس « ويتابع القول « انتهاكات لا سابق لها لحقوقنا « وصلت إلى حد التنصت على المكالمات الهاتفية واستخدام المعلومات الالكترونية دون أمر قضائي .‏

ويضيف الرئيس الأسبق للولايات المتحدة في تعليق لهجوم الذي تنفذه الطائرات من دون طيار الأميركية « على الرغم من الحكم التعسفي الذي يعتبر كل من يُقتل بصواريخ الطائرة من دون طيار هو عدو إرهابي , يتم النظر على مقتل النساء والأطفال من جراء هذه الهجمات على أنه أمر لا مفر منه .. ونحن لا نعرف أعداد هؤلاء المدنيين الأبرياء الذين قتلوا في هذه الهجمات , التي سمحت فيها السلطات العليا في واشنطن والتي لم يكن ممكناً التفكير فيها سابقاً .»‏

وتزامن نشر العمود الذي كتبه جيمي كارتر في الصحيفة في اليوم نفسه الذي قدم فيه السفير السابق للباكستان شهادته أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من أجل التنديد بهجمات الطائرات الأميركية تلك على بلاده والتي بسببها « تم قتل المئات من الأطفال والنساء الأبرياء « وأكد أنه تم في عام 2010 وحده قتل 957 باكستانياً .‏

ويواصل الرئيس كارتر تنديده في استمرار الحكومة الأميركية إقامة معتقل غوانتنامو , ومن أصل 169 سجيناً ( أعلن أنه يمكن أن ينال نصفهم حريته , وعلى الرغم من ذلك فرصتهم تبدو ضئيلة من أجل نيل حريتهم « وآخرون منهم « لا إمكانية في توجيه تهمة لهم أو محاكمتهم .»‏

وفي حالات نادرة تبين من خلال مثول بعض من هؤلاء المعتقلين أمام محاكم عسكرية , كما كتب كارتر « تعرض كل واحد منهم إلى أكثر من مائة حالة ( غمر في الماء ) – في محاكاة للغرق – أو تم ترهيبهم عبر استخدام أسلحة نصف آلية ومثاقب كهربائية أو تهديدات بعمليات اغتصاب لأمهات المعتقلين .» ويتابع القول « المثير للدهشة أن تلك الممارسات لا يمكن أن تفيد في الدفاع عن المتهم نظراً لأن الحكومة تدعي أنها وقعت تحت غطاء ( الأمن القومي ) .»‏

وبصرف النظر عن الدوافع الأخلاقية , التي لا شك في أنها تلعب دوراً رئيسياً لدى كارتر , أعرب الرئيس السابق عن عميق قلقه من أن تؤدي النزعة الإجرامية السافرة في الأعمال التي تقوم بها الحكومة الأميركية إلى نسف السياسة الخارجية الأميركية . وأساليبها المستخدمة لن تجلب عدائية شعوب العالم بأسره لها فحسب , بل سيحرم واشنطن من قدرتها على إلباس سياستها لبوس حقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية . وهو الأسلوب الذي استخدمته الامبريالية الأميركية منذ نهاية القرن التاسع عشر .‏

ولعب كارتر نفسه , بشكل واضح بورقة ( الحقوق الإنسانية ) خلال فترته الرئاسية . ففي الوقت الذي حاولت فيه حكومته دعم نظام التعذيب لشاه إيران , شرعت التمرد الإسلامي في أفغانستان الذي تدعمه وكالة الاستخبارات المركزية وأكدت على حق الولايات المتحدة ( في عقيدة كارتر ) في استخدام القوة العسكرية لضمان سيطرتها على الاحتياطي النفطي في الخليج العربي .‏

وعلى الرغم من ذلك , وبعد مرور حوالي أربعة عقود , تفوق الأساليب البعيدة عن الدستور والفتاكة التي يعمل وفقها البيت الأبيض بكثير كل ما ارتكب في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون .‏

ليس هناك أدنى شك بأن الرئيس الأسبق كارتر استخدم بعناية فائقة كل كلمة في عموده , متفادياً المبالغة . وبالطبع لا يظهر اسم اوباما . ومنذ الكلمات الأولى للمقال , أدرج رابط مع مقال مطول نشرته صحيفة نيويورك تايمز في الأول من حزيران المنصرم ووثق المقال كيف أن اوباما يقود شخصياً التحضيرات ( لقائمة الأشخاص المراد قتلهم ) من خلال اختيار الضحايا والتوقيع على هجمات الطائرة من دون طيار وهو متأكد أنها ستقتل مدنيين أبرياء .‏

وضمن هذا السياق فإن استخدام كارتر لكلمة ( اغتيال ) في إشارة لوصف هجمات الطائرة من دون طيار تحمل معنى واضحاً . فرئيس الولايات المتحدة الأسبق يصرح أن الرئيس الأميركي الحالي متهم بجرائم حرب وقتل .‏

ويندفع الرئيس كارتر المراقب المحايد , البالغ الآن الثامنة والثمانين من عمره في قلقه من باب إرثه السياسي أكثر منه من باب الحصول على مكاسب سياسية . وتكتسب شهادته استثناء نظراً لأنه كان يشغل نفس منصب اوباما وينتمي لنفس الحزب وكان من المؤيدين لانتخابه .‏

ولكن السؤال المطروح هو ما الذي دفعه إلى إطلاق مثل هذه الاتهامات ضد مرشح حزبه الديمقراطي والرئيس الحالي ونحن على مسافة أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية ؟ نعتقد أن النظام السياسي في الولايات المتحدة قد سقط في مستنقع الجريمة وأن شبح الدولة الأمنية يطل بقوة لدرجة أنه لا بد أن يجعل صوته مسموعاً .‏

ويؤكد الرئيس كارتر أنه جرى ارتكاب كل هذه الأعمال الإجرامية بالتوافق بين السلطات التشريعية والتنفيذية . إلا أنه تم تجاهل جميع حججه الواردة في هذا العمود , والتي تتضمن مغزى سياسياً متفجراً , من قبل وسائل الإعلام الرئيسية .‏

بعد مرور اثني عشر عاماً على سرقة الانتخابات الرئاسية في عام 2000 , تبرز العبرة الرئيسية من هذا الفصل الحاسم في الحياة السياسية الأميركية بقوة أكبر , إذ لا يوجد داخل صفوف أرباب العمل والسياسة الأميركية أي قاعدة يُستند عليها في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية والنهج الدستوري .‏

وباتت الفجوة عميقة بين الأقلية المالية الحاكمة ( الأوليغاررشية )والجماهير العمالية – التي ازدادت بشكل مطرد خلال هذه الفترة – بما لا يتناسب البتة مع تلك الحقوق وتلك الأساليب .‏

وبالتالي , يشكل كلام كارتر إنذاراً . حيث إن تهديد قيام الدولة الأمنية الأميركية واللجوء إلى استخدام وسائل الفتك في الخارج من قبل الامبريالية الأميركية ضد حتى الطبقات العاملة في الولايات المتحدة نفسها واقعي وكبير . وعلى هذه الطبقات إعداد نفسها من خلال حشد قوتها السياسية المستقلة ضد نظام الربح الرأسمالي التي تنشأ عنها هذه التهديدات .‏

 بقلم : بيل فان اوكين‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية