تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وماذا بعد ؟

إضاءات
الإثنين 9-7-2012
د.خلف علي المفتاح

لم توفر المعارضة السورية طريقاً تعتقد أنه يوصلها للسلطة إلا وسلكته إلا طريق الحوار مع السلطة الوطنية وهو الذي يفترض أن يكون خيارها الأساسي والطبيعي، انسجاماًً مع مفهوم الديمقراطية ومنطق الأشياء، وعلى الرغم من انها لم تستطع تحقيق

أي هدف من أهدافها إلا أنها ما زالت متشبثة بخياراتها التي ثبت عدم جدواها ونجاعتها مع فداحة الثمن الذي دفعه الجميع وفي مقدمتهم الشعب السوري بكل مكوناته، وهنا تجدر الإشارة الى ما راهنت عليه منذ بدء الأحداث في العام الماضي ومحاولاتها المستميتة دفع الجمهور السوري بأكثريته الى ساحات الاحتجاج والتظاهر والسعي المحموم لتأليب الرأي العام العالمي على السلطة السورية، وصولاً للضغوط الاقتصادية وأشكال الحصار مروراً بالتحريض الإعلامي واستخدام المنظمات الإقليمية والدولية وسيلة ابتزاز وتهديد بالتدخل العسكري الخارجي، وما رافق ذلك من عسكرة للاحتجاجات عبر استخدام القوة والقتل وكل أشكال العنف في الداخل السوري وما تمخض عنه من خسائر مادية وبشرية لا تقدر بثمن كل هذه الأساليب كان حاصلها السياسي بالنسبة للمعارضة ومن ساندها واحتضنها مساوياً صفراً، فالسلطة الوطنية لم تفقد قوتها وتماسكها وقدرتها على المواجهة إضافة إلى رفضها لكل أشكال الضغط والابتزاز السياسي وغيره.‏

الآن وبعد كل الذي جرى ومر من عمر الأزمة والثمن الذي دفعه الشعب السوري ألا يجدر بتلك القوى سواء كانت المعارضة أو من راهنت عليه وراهن عليها ضرورة أن يعيدوا النظر بحساباتهم ومخططاتهم وأن يسقطوا كل ما ثبت عقمه ولا جدواه ويسلكوا الطريق الصحيح والأقل كلفة والأكثر صوابية ودمقرطة وعقلانية للخروج من النفق الذي وضعوا أنفسهم فيه ألا وهو الانخراط في عملية سياسية واسعة تشارك فيها كل القوى السياسية الوطنية الموجودة على الساحة السورية ومن دون شروط مسبقة تعوق عملية الحوار ويضع الجميع على طاولتها رؤاهم للخروج من الازمة ورؤيتهم لسورية التي يريدونها ويطمحون إليها، سورية الديمقراطية التعددية المدنية المنفتحة على الجميع القوية بشعبها ومبادئها وانتمائها العروبي المقاوم، سورية التي تعبر عن طموحات السوريين جميعاً ومن دون عصاب سياسي او ايديولوجي ودونما انحياز لهذا الطرف أو ذاك أو هذه الفئة السياسية أو تلك .‏

إن حجم الخطر الذي يهدد الدولة السورية بكل مكوناتها حاضرها ومستقبلها يوجب على الجميع ومن موقع الشعور بالمسؤولية والحرص الحقيقي على مصالح السوريين وأمنهم وسلامتهم وعيشهم المشترك إجراء مراجعة نقدية عقلانية وهادئة للواقع وما وصلت اليه الأمور من انسداد للأفق وغياب للحلول التي تتساعد في وقف نزيف الدم السوري، ولاسيما أن قوى اقليمية ودولية وجدت في الأزمة السورية غطاء لتنفيذ أجندتها وتحقيق مصالحها وتصفية حساباتها، كل ذلك على حساب دماء السوريين وعيشهم المشترك وكل ما حققوه من إنجازات بعقولهم وعرق جباههم وقوة إرادتهم وتصميمهم وعنادهم وكرامتهم الوطنية .‏

إن مراجعة كهذه تمثل خطوة مهمة وحاسمة للخروج من الأزمة وتعكس إن حصلت حسن النيات واختباراً لكل من يدعي الحرص على الدم السوري سواء كان في الداخل أم الخارج، ما يساهم في الوصول لحل سياسي وطني للأزمة يطوي صفحة من الألم الوطني ويفتح آفاقاً رحبة وواسعة لسورية المتسامحة والمتصالحة مع رسالتها التاريخية.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية